سُررت كثيراً بتفاعل أكثر من مؤسسة وشركة إيجابياً مع ما طرحناه فى المرّة السابقة من دور اجتماعى (social responsibility) للمؤسسات فى مواجهة ظاهرة التحرش، كلهم يريد أن يرعى حملة توعية مجتمعية ضخمة لإعادة ضخ «النخوة» فى شرايين الجسد المصرى.. وإنى لمنتظر تفاعلاً أكبر بالأفكار والآراء لتخرج حملة كهذه على أفضل هيئةٍ ممكنةٍ قبل عيد الأضحى على أقصى تقدير.. وليتنى أستطيع أن أخالف قواعد النشر كى أضع لك عزيزى القارئ (المتفاعل) ألف خطٍ تحت جملة أننا لم نزل بعد أمام الشق الأول من تعاملنا مع هذه الظاهرة، لم نزل بعد نتحدث عن إيقاف الجريمة أولاً، حتى لا يتعجّل أحدٌ الحكم على سلسلةٍ لم تنتهِ بعد.
إعلامٌ شريفٌ يوجِّه، كان أحد أركان معادلتنا لإيقاف النزيف، والحق أن صورةً قاتمةً كانت قد استقرت فى مخيلتى قبل أن أشرع فى كتابة المقال عن حجم الدور السلبى الذى يؤديه الجهاز الإعلامى بكل صوره حيال ترسيخ هذه الظاهرة المؤسفة، وكان أغلب ما يدور فى ذهنى ويتعلق بأجهزة الإعلام منصباً على تعمدها إثارةً فجَّة للغريزة الجنسية عند شبابٍ أقعدته الحاجة والعوز وأشياء أخرى عن إشباع هذه الغريزة، ومن ثمّ تأخذ نصيبها من تحريضٍ يظل غير مباشرٍ.. لكنى أعترف أنى بُهت بتأكيد كثيرٍ من القراء أن الأمر تجاوز التحريض غير المباشر بمراحل، ليصل إلى مشاهد تحرش بدرجاتٍ مختلفة يقوى بتأديتها شبان ممثلون يتخذهم أبناء الخامسة عشرة وما حولها قدوةً ونموذجاً يحتذى! نعم والله هكذا سمعت وهكذا أكّد لى من أثق بصدقهم ممّن يحاول إصلاحاً فى هذا الوسط!
وحتى لا ينصرف الذهن إلى غير ما أريد، أنا لا أتحدث هنا عمّن حاول أن يعالج الظاهرة بطريقةٍ إصلاحية تبرز حجم المأساة كمثل القائمين على فيلم «٦٧٨»، إنما أتحدث عن أفلام يشاهدها فتيان أغرار تشرح لهم بالصوت والصورة تنفيذ الجريمة بكل حذافيرها! نظرات وحركات وألفاظ، كلها يندرج بلا تفكير تحت بند التحرش يقدمها نجوم شباك شباب وآخرون بلغوا من الكبر عتياً بغير رقيب أو حسيب! والأدهى من ذلك أن هذه المشاهد تدور فى إطار من خفة الظل والاستظراف ينطبع به فى ذهن المتلقى غير المميز أن التحرش جزء من نمط الحياة الطبيعية أو هو مكون مهم من مكونات شخصية الشاب المرح المتفتح! والأكثر مرارة أن تُصور المرأة فى كل هذه المشاهد ساكتة غاضة للطرف عما تتعرض له؛ فيخيل للمتحرش مريض النفس بعد ذلك أنها راضية متلذذة بهذا الهوان، فينزل إلى الشارع متصوراً كل النساء كلأً مستباحاً.. وللحديث تتمة.
0 التعليقات:
Post a Comment