أسابيع قليلة فقط هى التى مضت على رئاسة الدكتور مرسى، والبلاغات ضد صحفيين وإعلاميين بتهمة إهانة الرئيس تتوالى. أسابيع قليلة فقط، ومحيط الرئيس يشهد صياغة لخطاب يبرر لإجراءات تعصف بالحريات؛ كمصادرة صحيفة وإغلاق قناة تليفزيونية بقرار إدارى؛ بالإحالة إلى ضرورة منع التطاول على الرئيس واحترام النظام العام.
أسابيع قليلة فقط، وعشاق التهليل والتطبيل للرئيس، لأى رئيس، عادوا ليتصدروا الواجهة فى بعض وسائل الإعلام والصحف القومية، ومنها الآن وبغلاف ذى رمزية سلطوية واضحة، الفارس مجلة أكتوبر.
فى لقاء عقد الأسبوع الماضى أكد رئيس الجمهورية أنه لم يحرك بلاغاً واحداً ضد صحفى أو إعلامى، وأنا أصدقه وأسأله: السيد الرئيس.. ألا تستطيع أن ترسل إشارة جلية لمحركى البلاغات بالكف عن ممارستهم هذه؟ ألا تستطيع أن توقف هؤلاء بتصريحات واضحة تنتصر بها لحرية التعبير عن الرأى وتترفع بها عن تعقب من تجاوز لفظاً أو مضموناً بالتعويل على مادة سيئة السمعة فى قانون العقوبات (مادة إهانة الرئيس)، وتشدد على أن الحرية تنضبط فقط بمزيد من الحرية؟ ألا تستطيع بعبارات محددة، كما منعت -محقاً- أن تُرفع صورك فى المصالح الحكومية والأماكن العامة، أن تباعد بينك وبين منتجى خطاب تبرير العصف بالحريات وعشاق التهليل والتطبيل؟ فهذه المجموعات تبحث عن القرب منك لأغراض ونوايا كثيرة، كما فعلت هى ومن سبقها مع من سبقوك، ووظيفة التهليل بمقال عن حكمتك أو بغلاف لك كفارس ستنتفى ما إن تبتعد أنت. ألا تستطيع أن تطالب رؤساء تحرير الصحف القومية، وبعضهم بدأ رئاسته بحجب مقالات ناقدة لك أو للجماعة، بأن يشجعوا الكتابة الموضوعية؛ مؤيدة ومعارضة لك، بدلاً من أن يبحثوا عن المهللين فى دفاتر ما قبل الثورة ويعودوا بهم للواجهة؟
السيد الرئيس، أصدقك القول: أنت لست فى احتياج لتجديد دماء الماكينة السلطوية التقليدية أو للاستجابة لصناعة وصنّاع الفرعون.
أنت رئيس منتخب جاءت به الإرادة الشعبية الحرة، وعليك الامتناع التام عن تشجيع أو تحفيز الماكينة السلطوية التى تضلل وعى الناس بتهليل وتطبيل، وقد تدفعك أنت باتجاهات ديكتاتورية أعلم أنك لا تريدها.
لن تنضبط الحرية إلا بالمزيد منها، ولن يسعف التهليل فى مواجهة تداول معلومات بات سهلاً وآراء متعددة بشأنك وبشأن سياساتك، عليك وعلينا أن نعتاد عليها ونمارسها بالموضوعية.
السيد الرئيس، ابتعد عن العصف بالحريات وعن صحافة وإعلام تبرير السلطوية والتهليل.. لا تقع فريسة لمن افترس سابقيك غير المنتخبين.
دع لنا حرية معارضتك بموضوعية واعرض سياساتك أيضاً بالموضوعية ذاتها.
مصر لم تعد فى حاجة لفارس، بل لرئيس مسئول فى فريق جماعى يحترم أهلها ولا يزيّف أو يضلل وعيهم، ويجتهد لتحقيق صالحهم ويقبل النقد والمعارضة والاحتكام لصندوق الانتخابات، إما للاستمرار أو للتغيير.
0 التعليقات:
Post a Comment