جميل أن يغضب المسلمون لإهانة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ومبرر أن تشتعل الحناجر بالهتاف ضد الذى ارتكبوا جريمة الفيلم المسىء، وأن تستعر الصدور رفضا للإهانة، وطلبا لمحاسبة عصابة الكراهية التى أنتجت هذا الروث.. لكن ماذا بعد؟



لقد فعل الشعب ما عليه وأكثر، وها قد وصلت الرسالة للداخل والخارج، وهنا يأتى دور الأجهزة الرسمية، الأزهر والخارجية، لصب هذا التيار الجارف من الغضب الشعبى فى قنوات دبلوماسية الدول والمؤسسات الدينية الدولية، لكى توظف هذه الحالة فى إيجاد أدوات دبلوماسية تفرض الاعتذار على الذين سمحوا بهذا الإجرام، وتعاقب من أجرموا، وتضع قواعد ومواثيق صارمة تحول دون تكرار هذه الوضاعة والبشاعة مستقبلا.



إن على العالم الإسلامى أن يبدأ من الآن فى صياغة مشروع ثقافى فنى كبير يقدم الصورة الحقيقية الناصعة لرسول الإسلام للعالم، وعلى المراكز الثقافية التابعة للدول العربية والإسلامية فى مختلف عواصم العالم أن تنهض لتقديم الوجه المضيئ للدين الإسلامى، وتبرز كيف كانت الحضارة العربية الإسلامية رافدا ومكونا أساسيا فيما وصلت إليه البشرية من تقدم.



ويبقى علينا فى الداخل أن نعتذر للرسول الكريم عن إساءاتنا له، بأن أسأنا فهم رسالته وشريعته، ولم نكن «محمديين» تماما فى اعتقادنا ومعاملاتنا، وليس أدل على ذلك من حالة الضعف والرداءة التى نحياها.



إن شوارع وميادين أمة تنتسب إلى رسول علمنا أن «النظافة من الإيمان» تكاد تكون هى الأسوأ والأقذر فى العالم.. كما أن أمة تنتسب إلى رسول علمنا أن نعمل ونجتهد ونكافح ونشقى هى الأكثر كسلا وخمولا واسترخاء والأقل إنتاجا وتقدما.. ولا يستقيم أن منطقا أن ندعى أننا امتداد أمة وحضارة عظيمة لا تزال معالمها قائمة من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب.



ولا يصح أبدا أن ندعى الغيرة والغضب من أجل محمد عليه الصلاة والسلام الذى بدأت الرسالة التى حملها للعالم بكلمة « اقرأ» ونكون الأكثر احتقارا لقيم العلم والتعلم والتحضر .



صحيح أننا أصحاب حق فى أن يعتذر الذين أهانوا رسولنا الكريم، غير أنه فى الوقت ذاته علينا واجب الاعتذار ربما بالقدر ذاته للنبى.. نعتذر عن تقصيرنا وإهمالنا وتخلفنا وجهلنا وتراجعنا إلى مؤخرة الصفوف وهواننا على أنفسنا حتى هنا على الآخرين.. نعتذر عن أننا لم نفعل ما نستحق معه أن نكون امتدادا لخير أمة أخرجت للناس.



توضيح واعتذار



نوهت فى مقال الأمس للكتاب الرائع للمفكر المسيحى الراحل الدكتور نظمى لوقا بعنوان «محمد الرسالة والرسول» وقلت إن الكتاب غاب أو غيب عن المكتبة العربية منذ عام ١٩٥٩، وتبين لى آن الزميل الكاتب الصحفى محمد الباز أعاد تقديم الكتاب فى طبعة صدرت عام ٢٠٠٧ عن دار «كنوز» ضمن سلسلة كتب آخرى للدكتور لوقا بعنوان «إسلاميات نظمى لوقا».. فللزميل ولدار النشر التحية على هذا الجهد والاعتذار عن عدم الإشارة له.

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -