سيناء (مصر)- الأناضول

أدى استمرار تراجع الوضع الأمني في شبه جزيرة سيناء (شمال شرق مصر) إلى لجوء الأهالي للتأمين الذاتي بالتسلح أو اختطاف الأشخاص والممتلكات كرهائن لاستعادة الحقوق وانتشار ظاهرة القضاء الشرعي بدلا من العرفي منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 بحسب ما رصده مراسل الأناضول.

أحمد، وهو شاب في العشرينات من العمر يتوشح بسلاح آلي، بينما يده حاضرة على الزناد وهو يوقف بالقوة السيارات المارة على طريق العريش رفح الدولي ويطلب من سائقيها بحزم إظهار هويتهم الشخصية.

وفي رده على دافعه للقيام بذلك قال لـمراسل الأناضول: "أنا لست إرهابيا أو بلطجيا (خارج على القانون)، لكني أبحث عن سيارة خاصة بعائلة شخص قام بالاستيلاء على أرض تملكها عائلتي، ولم يستجب لنا بالاحتكام للقضاء العرف، ولذلك نبحث عن سيارات عائلته وممتلكاتهم لنأخذها رهينة".

وعادة خطف السيارات كوسيلة لاسترداد الحقوق انتشرت حتى اطلق عليها اسم "التوسيق"، وزاد عليها في الفترة الأخيرة احتجاز أشخاص كرهائن، وكل ذلك، بحسب بعض شيوخ القبائل، على خلفية مشاكل عائلية وقبلية.

وزادت حدة الفراغ الأمني في سيناء بعد قيام ثورة يناير حيث تم إحراق العديد من المقرات الأمنية وأقسام الشرطة، وهو ما أعقبه انسحاب الشرطة بالكامل من مناطق الشيخ زويد ورفح الحدودية، أعقبه انتشار لقوات الجيش على مداخل المدن وفي نقاط على امتدادات الطرق.

الشيخ عارف أبو عكر، أحد شيوخ القبائل، قال لمراسل الأناضول إن "فراغا أمنيا ملحوظا تعيشه سيناء، وأشد المناطق تضررا هي المحاذية للحدود مع غزة وإسرائيل"، لافتا إلى أن الشرطة "عادت قبل شهور قليلة إلى مدينة الشيخ زويد، إلا أنها عودة محدودة؛ حيث لازالت مناطقنا بدون أمن حقيقي، وكانت دائما مطالبنا هو بسط السيطرة الأمنية".

وفي المقابل قال عدد من أهالي سيناء إن الطبيعة القبلية التى تحكم سيناء ساعدت كثيرا في حفظ الأمن الداخلي بينهم والذي تمثل في عدم وجود سرقات أو حوادث سطو على بيوتهم، إلا أن تطور الخلافات بين بعضهم البعض يبقى معضلة أمنية بسبب أن أصغر خلاف بين أفراد يعقبه حشد قبلي ومواجهات مسلحة تتسبب في وقوع إصابات وقتلى أو احتجاز أشخاص وممتلكات، دون تدخل فعلي من الأمن الذي يبقى على الحياد أو يسعى للتهدئة بين الطرفين بمساعدة مشايخ القبائل دون ملاحقة للخارجين عن القانون.

وأشار الشيخ أسعد البيك، أحد مسئولي "اللجان الشرعية" التي تحتكم للشريعة الإسلامية في حل الخلافات بين الأهالي، إن هذه اللجان بدأت تنتشر لحل الخلافات كتعويض لغياب الأمن.

وأضاف لمراسل الأناضول أن دور هذه اللجان الفصل في القضايا القائمة بين الأهالي بعد أن يصلهم الطرفان المتنازعان ويوقعان على إقرارات بالخضوع لأحكام اللجنة، لافتا إلى أن هذه اللجان "أصبحت بديلا عن القضاء العرفي الذي كان قائما ويحكم بالعرف بين الناس".

حالة الغياب الأمني أدت أيضا إلى تنامى ظواهر المخالفات في شوارع المدن، ورصد مراسل الأناضول قيام باعة جائلين بشغل الشوارع الرئيسية والميادين بمدن شمال سيناء، إضافة إلى انتشار ظاهرة بيع السجائر والأدوية المخدرة والمخدرات، والتي يقوم بها صبية وشباب في أكشاك تنتشر بالشوارع.

وبحسب قول أحد أبناء مدينة الشيخ زويد فإنهم رفعوا إستغاثات عديدة للمسؤولين برفع تلك الأكشاك، والتي وصلت في انتشارها إلى قبالة قسم شرطة المدينة، وتبيع مخدر "البانجو" وحبوب "الترامادول"، وقامت قوة من الجيش بإزالة تلك الأكشاك قبل شهر، إلا أن الباعة عادوا من جديد.

وقال مصدر أمني بمديرية أمن شمال سيناء لمراسل الأناضول إن الشرطة تكثف من حملاتها لملاحقة من وصفهم بالخارجين عن القانون، مشيرا إلى أن أداء الأمن في سيناء "تطور كثيرا خلال الشهور الثلاثة الأخيرة قياسا بالفترة السابقة، وعاد قسم شرطة الشيخ زويد إلى العمل في حين إنه جارى الانتهاء من اعمال إنشاء قسم شرطة رفح وسيعمل في القريب العاجل".

وبحسب البيانات الأمنية فإن أبرز الحوادث التى شهدتها سيناء خلال الأيام الثمانية الماضية هي هجوم مسلحين ملثمين على سيارة تابعة لإحدى الشركات الكبرى بالعريش على طريق العريش القنطرة، واستيلائهم على مبلغ 10 آلاف جنية مصري (1.6 ألف دولار أمريكي) بحوزة سائقها، وتعرض محطة نقل الكهرباء بجنوب سيناء إلى عملية سطو مسلح من قبل مجموعة من الملثمين، وسرقة 2.5 طن من الكابلات النحاسية المخصصة لتوصيل التيار الكهربائي.

واعتصم عدد من أهالي العريش أمام مقرات حكومية مطالبين الشرطة بإعادة طفل يبلغ من العمر 10 سنوات قالوا إنه تم اختطافه في ظروف غامضة.

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -