لأولئك الذين يتعاملون باستخفاف مع فتاوى قتل معارضى الرئيس، لأولئك الذين يقللون من أهمية انتهاكات حقوق الإنسان، لأولئك الذين يعتبرون الحديث عن إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية ترفا، لأولئك الذين يرفضون أن يستجيب الرئيس لمطالب قطاع شعبى واسع بشأن الدستور وتغيير الحكومة ويخاطرون باستمرار الاستقطاب الراهن، لأولئك الذين يعارضون دون تقديم بديل متكامل للحكم ودون حسم لاختياراتهم الاستراتيجية الكبرى، لهم جميعا أؤكد أن المجتمعات والدول تنزلق للعنف وللفوضى وللحروب الأهلية وللتفتت فى ظروف مشابهة وأن المصريات والمصريين فقدوا الثقة والأمل فى الغد الأفضل.

خلال العامين الماضيين، روج دعاة التطرف والظلاميون لتكفير وتخوين المختلفين معهم ومارسوا التشويه بكافة الطرق والوسائل، ويتحركون الآن إلى المستوى التالى فى متوالية العنف، استباحة الدماء والتهديد بالقتل. خلال العامين الماضيين، تكررت انتهاكات حقوق الإنسان ولم يتوقف قتل المدنيين دون مساءلة أو محاسبة، والآن يعيد الحكم إنتاج ممارسات النظام السابق بإنكار الانتهاكات أو التقليل من شأنها ويساعد فى هذا بعض مبررى الاستبداد (الجديد) وبعض مدعى الثورية من أصحاب النظرة الأحادية (السطحية). خلال العامين الماضيين، لم تتخذ خطوة حقيقية واحدة لإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وإلزامها بالعمل فى إطار قواعد الشفافية واحترام حقوق الإنسان، والآن يبحث الرئيس وجماعته وحزبها عن تجاوز الأمر كله بتقييد حرية التظاهر والاحتجاج السلمى.

خلال العامين الماضيين، تكرر تجاهل مطالب قطاعات شعبية واسعة (ومتنوعة على نحو يصعب وضعه تحت يافطة «الثورة المضادة») فضلت «الدستور أولا» وذهبت «للانتخابات البرلمانية أولا»، عارضت دستورا مشوها ووجدته يمرر فى استفتاء شعبى، والآن يطلب منها قبول الاستقطاب السياسى الراهن والصبر على فشل الحكومة والذهاب إلى الانتخابات البرلمانية دون تغيير حقيقى يأتى قبلها. خلال العامين الماضيين، ارتكبت الأحزاب الوطنية الليبرالية واليسارية كافة الأخطاء الممكنة للتقليل من فرص منافستها لأحزاب اليمين الدينى (فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية) والآن تبتعد عن الشارع بعجزها عن تطوير بديل حقيقى للحكم وعن حسم اختياراتها إن باتجاه الضغط من أجل انتخابات رئاسية مبكرة أو من أجل تغيير سلوك وممارسات الرئيس أو من أجل مقاطعة العملية السياسية برمتها والعمل على تعديلها جذريا من خارجها.

لكل هذا، ولعوامل أخرى، نحن نفقد مصر اليوم ولم يعد فى جعبتنا ما نقنع به أغلبية المصريات والمصريين بأن الخير قادم وأن الأمل قائم. الآن ننظر لحالنا ونتخوف من اغتيالات وتصفية جسدية للمعارضين، الآن ننظر لحالنا ونخشى عنفا لبعض المشاركين فى العمل السياسى خبرة ماضية فى ممارسته دون حواجز أخلاقية أو دينية، الآن ننظر لحالنا ولا نريد لمصر أن تتحول إلى دولة فاشلة، الآن ننظر لحالنا وحديث التحول الديمقراطى والعدالة الاجتماعية بات يفتقد الصدقية والقدرة على الإلهام الفردى والجمعى.

جميعا نتحمل المسئولية.

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -