بوابة الأهرام


أثارت وفاة مذيع التليفزيون المصرى عبده عباس كثيرا من الحكايات، فيما يتعلق بملابسات وفاته الغامضة، وتضارب روايات نهايته ما بين القتل العمد على خلفية آرائه السياسية بالميدان، ومواجهته لأساطين الفساد الإعلامى، والوفاة الطبيعية.

مجلة "الأهرام العربى" تنشر فى عددها الجديد انطباعات وذكريات محمد عباس، شقيق المذيع الراحل، يتحدث فيها عن ذكرياته، وعن مشوار المذيع الراحل مع ماسبيرو المبنى والمعنى، على مدار 22 عاما قضاها، مظلوما ممنوعا من الظهور على الشاشة، ومن الدخول أصلا للمبنى، واختتمها برحيل مفاجئ مأساوى، وحيدا فى شقة بوسط القاهرة.

قال شقيق الراحل: من المؤكد أن عبده كان على علم تماما بأن رفاقه فى محاربة الظلم بماسبيرو، والظلم الأكبر بمصر عبر التحرير والاتحادية هم الذين سيحملونه على أعناقهم من القاهرة لمدفنه البورسعيدى، وهم الذين سيشعلون مصر نارا على من قتلوه معنويا على مدار تاريخه المهنى وأهدروا قيمته الإعلامية المتكاملة علما وأخلاقا وثقافة ووسامة.

عبده عباس لمن لا يعرفه ممن تابعوا قصة رحيلة وملابسات وفاته الغامضة وتضارب روايات نهايته ما بين القتل العمد على خلفية آرائه السياسية بالميدان، ومواجهته لأساطين الفساد الإعلامى.. والموت الطبيعى لإرادة إلهية خالصة لا دخل لبشر بها عمدا أو استهدافا، هو شاب مصرى مميز جدا ومؤثر فى محيطة دائما، لذلك لم يكن غريبا أن يتبع جنازته الآلاف من شباب وكبار بورسعيد وأن يأتى الحزن عليه أسود داخل مدينة لبست السواد واعتادته.

والقفز على حياة عبده عباس، التى لم تتجاوز 49 عاما، قضاها ما بين ميلاده فى بورسعيد عام 1964 وطفولته المبكرة بالمدينة الصغيرة الجميلة بالستينيات، وحتى الانتقال مع أسرته للزقازيق عقب نكسة 1967، ثم عودة الأسرة لبورسعيد فى أغسطس 1974 وإكماله لتعليمه الإعدادى بالقناة الإعدادية والثانوى ببورسعيد العسكرية والجامعى بكلية تجارة بورسعيد، ثم محطة القاهرة التى انتقل لها فى أواخر الثمانينيات بعد تعيينه مذيعا بالتليفزيون المصرى.

سيصل بنا فى النهاية لمشهد الرحيل الذى اهتزت له بورسعيد، التى اعتزت دائما بانتماء عبده لها، وشرفت بنجاحاته المبكرة قبل أن تمتد يد القهر لإنهاء علاقته بالملايين عبر الشاشة الصغيرة.

راهن عبده عباس على شباب مصر فى الإطاحة بنظام مبارك، الذى كان هو نفسه أبرز ضحاياه فى مجال الإعلام، بعدما أطاح به صفوت الشريف، بعد حلقة مشتركة قدمها مع التليفزيونية جميلة إسماعيل، والمدهش أنه استبق الثورة بثورته الشخصية على قيادات ماسبيرو وطلبه إلغاء وزارة الإعلام وتطهير التليفزيون، وتصدره لحركة ثوار ماسبيرو فيما بعد.

والمدهش أكثر أنه احتمل سخرية شلة أصدقائه ببورسعيد عندما أبلغهم بالسيناريو الكامل للإطاحة بنظام مبارك قبل ثورة 25 يناير بعامين كاملين، وقد تذكروه جميعا وهم يتابعون يوما بيوم نفس ما توقعه عبده عباس بالضبط.. رحل عبده عباس وترك للجميع ذكرى طيبة لا تنسى لشاب مصرى عشق بلاده حتى الثانية الأخيرة من عمره.

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -