نزلت وثيقة الأزهر كالمطر لإطفاء حريق أوشك أن يمتد وينتشر ويلتهم مقومات الحياة فى مصر، غير أن البعض ممن يريدونها دوما نارا عبثية موقدة قرروا إطلاق النار على زخة المطر الأزهرية التى نزلت فى الوقت المناسب.



إن أحدا لم يضرب ممثلى القوى السياسية على أيديهم كى يوقعوا على وثيقة الأزهر، وبالتالى يبدو مدهشا أن أصواتا تنتمى للقوى المشاركة فى الوثيقة تحاول حرقها بالتشكيك والتشويه والترويج لقراءات مغلوطة لما ورد بها.



والأعجب أن يذهب البعض إلى أن وثيقة الأزهر توفر غطاء للعنف والقتل على الرغم من أن الوثيقة تقول نصا إن «حق الإنسان فى الحياة مقصد من أسمى المقاصد فى جميع الشرائع والأديان والقوانين، ولا خير فى أمة أو مجتمع يهدر أو يراق فيه دم المواطن، أو تبتذل فيه كرامة الإنسان أو يضيع فيه القصاص العادل وفق القانون».



وفى البند الثالث منها تشدد الوثيقة على «التأكيد على واجب الدولة ومؤسساتها الأمنية فى حماية أمن المواطنين وسلامتهم وصيانة حقوقهم وحرياتهم الدستورية والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة وضرورة أن يتم ذلك فى إطار احترام القانون وحقوق الإنسان دون تجاوز».



قل أين توفير الغطاء للقتل والعنف هنا، وقبل ذلك: لماذا لم تعترض الأطراف الممثلة للقوى السياسية أو ترفض التوقيع على الوثيقة خلال اللقاء فى مشيخة الأزهر إذا كانت تراها مظلة للعنف والقتل؟



إن بعضا ممن تابعوا هذه التقلبات المناخية المفاجئة فى مواقف القوى الداعية للغضب وللتظاهر أصابتهم الدهشة والحيرة من غزارة سيول المبادرات قبل ساعات من فاعليات ما أطلق عليه «جمعة الخلاص» وقطع البعض شوطا أبعد من الدهشة ليصل إلى تخوم القلق والرعب مما هو آت، بل إن منهم من وضع يده على قلبه من أن تكون تلك المبادرات نوعا من إبراء الذمم وغسل الأيدى والسمعة مما قد يراق من دماء، وليست نيات خالصة ورغبات مخلصة فى تفادى العنف والدم والخراب.



وبالقدر ذاته الذى جرت به محاولات حرق المطر (الوثيقة) جرت عمليات وضيعة لإشعال حرائق أدبية ومعنوية فى عدد من رموز شباب ثورة ٢٥ يناير الذين تبنوا المبادرة المحترمة لوقف العنف وحقن الدماء حتى تكللت مساعيهم وجهودهم بالتوصل إلى التقاء أضداد المشهد السياسى على مائدة حوار واحدة برعاية وإشراف الإمام الأكبر شيخ الأزهر.



وما أن تم الإعلان عن توقيع الوثيقة حتى بدأت حملة منظمة لاغتيال شباب الثورة الحقيقى سياسيا وأدبيا، وتطايرت أدخنة عمليات شيطنتهم وتشويههم وتجريدهم من ثوريتهم وسحب الاعتراف بدورهم فى مشهد ٢٥ يناير ٢٠١١، وهذا كله يمكن تصنيفه فى إطار الحرب اللا أخلاقية التى تدور الآن ضد كل من يطلق صرخة لإيقاظ الضمائر التى أتت عليها نار الكراهية المتأججة هذه الأيام.

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -