الاهرام
أثارت التطورات غير المتوقعة في سير محاكمة الرئيس السابق محمد حسني مبارك ونجليه بالإضافة لوزير الداخلية حبيب العادلي وستة من مساعديه، صباح اليوم السبت، العديد من التساؤلات بعد تنحي محكمة الجنايات عن نظرها، تتعلق بمدى قوة أدلة الاتهام وإمكانية حصول المتهمين على حكم البراءة.
ويقول محمد زارع، محامي عدد من أسر الشهداء والمصابين في ثورة 25 يناير، إن قرار المحكمة بالتنحي عن نظر القضية كان متوقعًا خصوصًا بعد الهجوم الذي تعرض له القاضي بسبب حكمه السابق ببراءة المتهمين في موقعة الجمل، مضيفاً أن هناك عددا كبيرا من المستندات والأدلة بالقضية تم العبث بها أو إعدامها، إضافة لعدم تعاون الأجهزة الأمنية في جمع المعلومات والأدلة بالمحاكمة الأولى.
وحول قيام الرئيس السابق مبارك بالابتسام والتلويح بيديه لمؤيديه أشار زارع، إلى وجود ثقة كبيرة لمبارك نتيجة انحراف الثورة عن مسارها وحدوث جرائم بحق المتظاهرين سلميًا، والوقوع في الكثير من الأخطاء في ظل النظام الجديد، كل ذلك كان كافيًا لإرسال عدة رسائل منها أنه كان أفضل.
واعتبر عمرو علي، أمين الإعلام بحزب الجبهة الديمقراطية، أن قرار المحكمة، درس للنائب العام حيث استشعرت المحكمة الحرج بعد اتهام البعض لها بالتحيز بعد قرارها السابق ببراءة المتهمين بموقعة الجمل، معربًا عن اعتقاده بأن صحة الرئيس السابق ليست في خطورة قوية كما يصور البعض بعد ظهوره بصحة جيدة أثناء محاكمته.
من جانبه، أوضح الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون، أن تنحي رئيس المحكمة يعبر عن الهرج والمرج القضائي بمصر لأن محكمة الاستئناف منذ البداية تعلم يقينًا أن المستشار مصطفي عبد الرحمن الذي تنحي صباح اليوم عن نظر القضية، هو ذات القاضي الذي شارك بالقضية المعروفة إعلاميًا بموقعة الجمل والتي قضي ببراءة كل المتهمين بها.
وأضاف أن قضية قتل الثوار غير منبته الصلة بقضية موقعة الجمل، فالضحايا بالقضيتين هم شهداء الثورة في الفترة من 25 يناير إلي 11 فبراير 2011، مضيفًا أن المبادئ القضائية الراسخة في سائر النظم القضائية بالعالم تقضي بحظر إشراك أي من القضاة في دعوي قضائية يكون سبق اشتراكه في دعوي مماثلة سابقة أو تكون لها سمة صلة بالدعوي الجديدة.
أما المبادرة المصرية للحقوق الشخصية فقد دعت لإعمال المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية وإعادة أوراق القضية المتهم فيها الرئيس السابق حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي و6 من مساعدي الوزير بالإضافة لرجل الأعمال الهارب حسين سالم، من قضية تحقق منافع شخصية وتربح من صفقة تصدير الغاز للصهاينة، للنيابة العامة بحيث يتم استكمال الأدلة وإدخال متهمين جدد، حيث ذكرت المبادرة أن إعادة الأوراق للنيابة سيتيح الفرصة للاستفادة من تقرير لجنة تقصي الحقائق، والذي تسلمته مؤسسة الرئاسة ولم ينشر بعد، كما لم يتضح مصير توصياته حتى الآن.
كما اعتبرت أن المحاكمة الأولى كانت فرصة ضائعة لتحقيق العدالة وإظهار حقيقة ما حدث بالثماني عشر يومًا من عمر الثورة المصرية، حيث مرت عبر قنوات الأجهزة الأمنية والقضائية ذاتها التي صُممت لحماية نظام مبارك ودأبت على منع محاسبته حتى بعد تنحيته، والتي لم يطلها أي تغيير سواء بالأفراد أو في هياكل عمل تلك المؤسسات أو الإطار التشريعي الذي ينظم عملها، الأمر الذي مازال ينطبق على المحاكمة الثانية.
ونبهت المبادرة أيضاً بأن التسييس، وليس مقتضيات استيفاء العدالة كان المُسير لعمل الجهات القائمة على المحاكمة الأولى، وأنها كانت مخيبة للآمال منذ بدء التحقيقات وحتى النطق بالحكم، إضافة لكون التحقيقات التي أجرتها النيابة مجرد تحقيقات سطحية شابها الإهمال، وابتعدت تمامًا عن السعي لتحديد الفاعلين الأصليين للجرائم، واقتصرت المحاكمات على جرائم ارتكبت في الأيام السبعة الأولى لاندلاع الثورة، وعلى الضحايا الذين استشهدوا أو أصيبوا بالميادين العامة فقط كما أن تبرئة جميع مساعدي حبيب العادلي بدعوى أنه ليس هناك أدلة تثبت أن الفاعلين الأصليين هم ضباط وأفراد الشرطة، مؤشر إضافي على ظلال التسييس الكثيفة التي غلفت المحاكمة.
وقال عمرو حامد، المتحدث باسم اتحاد شباب الثورة، إن النظام مازال يتعامل مع مبارك علي أنه رئيس سابق وليس رئيس مخلوع ومجرم قتل الشعب المصري، وأضاع البلد وقامت ضده ثورة اليوم، حيث وصل مبارك للمحكمة عبر طائرة خاصة مع أن العدلي وعلاء وجمال مبارك جاءوا بموكب من السيارات مع أنهم جميعاً أتوا من سجن طره وليس من القصر الجمهوري، كما أن ابتسامة مبارك في محبسه تدل علي سعادته بأن مرسي والإخوان يستكملون طريقه، ويؤكدون علي أنه ليس وحده هو المجرم بل مرسي ونظامه أيضا مجرمون، بحسب قوله
قال خالد المصري المتحدث باسم حركة "شباب 6 أبريل"، إن جرائم المخلوع في حق مصر والمصريين على مدى سنوات حكمه لا تنتظر حكم قضائي بعد عامين من ضعف الإدعاء والترتيبات والموائمات والمهادنات وحملات التشويه المنظمة للثورة، مضيفًا أن قيادة الفترة الانتقالية السيئة والاحتكام لمسار قانوني بقضاء مُسييس لنظام قامت عليه الثورة، وإتلاف الأدلة والتستر على الحقائق في شهادات المحكمة لحماية النظام السابق، أدى بنا لمشهد اليوم.
وأضاف: "مازال المصريون في انتظار نتائج لجنة تقصى الحقائق ونيابة الثورة اللذين تشكلا بعد تولى مرسى الرئاسة، وأن يتم تقديم الأدلة الجدية وتعديل الإدعاء لتحقيق القصاص"، مشيرًا إلى أن شباب 6 إبريل يعلن كامل التضامن مع أهالي ضحايا ومصابي الثورة الذين ضحى بهم المصريون قربانا للعدل والحرية التي لم تر النور بعد، موضحًا إن القصاص من المجرمين الحقيقيين المسئولين عن قتل مئات الأرواح وإصابة الآلاف ممن خرجوا ضد الظلم والقهر والفساد لن يسقط بالتقادم.
0 التعليقات:
Post a Comment