التقيت به فى الإسكندرية فى عام 2008 حسبما أذكر، صحفى شاب فى بداية حياته المهنية، وسيم، مهذب، أثبتت لى الأيام أنه شاب نابه، وسيكون له شأن فى عالم الصحافة بإذن الله، قال لى: «اسمى على اسمك»، فقلت له: «اسمك عبدالرحمن؟»، فأجاب: «اسمى عبدالرحمن يوسف»، فقلت له: «يا للصدفة!»
حكى لى بعد ذلك كيف تسبب هذا الاسم له فى نوادر ومشاكل، وكيف أنه حين عُيِّنَ فى مكتب إحدى الصحف فى الإسكندرية اتصلت جميع أجهزة الأمن والمخابرات بسبب تشابه الأسماء، وكيف أنهم لم يهدأوا ولم يسمحوا بتعيينه إلا بعد أن تأكدوا أنه شخص آخر غير ذلك الشاعر المشاكس الذى يهجو الرئيس.
من هذا المنطلق أستطيع أن أصف الصحافة بالفساد، إنها تلك الصحافة التى لا تسمح بتعيين أى صحفى شاب فى مكتب جريدة فى محافظة من المحافظات إلا بعد أن يتأكد الأمن السياسى أنه ليس شخصا معارضا.
إذا كان الأمر كذلك مع صغار المحررين فكيف يكون الحال مع السادة رؤساء الأقسام؟ والسادة كتاب الأعمدة؟ والسادة رؤساء التحرير؟ والسادة رؤساء مجالس الإدارات؟
بعض السادة رؤساء التحرير بلغت ثرواتهم الآن مئات الملايين من الجنيهات، هل لك أن تتخيل عزيزى القارئ كيف يستطيع رئيس تحرير فى الأربعينيات من عمره أن يرضى الدولة ورجال الأعمال أو يبتزهم ليحصل على عشرات الاستثناءات والرشى التى تجعله مالكا لأراض وعقارات تبلغ قيمتها مئات الملايين؟
كل ذلك كان يتم تحت عين أجهزة الأمن والمخابرات، وكل ذلك كان فسادا مسموحا به، وكل هؤلاء كان مرضيا عنهم، مسكوتا عن سرقاتهم، لأنهم يخدمون السيد وحاشيته فى القصر.
بعضهم يؤدى دور المعارض لكى يلبس المواطن عمامة التصديق، وكل واحد فيهم له هامشه الذى يلعب فيه طبقا للتوجيهات العليا، واليوم مازالوا يؤدون نفس الأدوار، والغريب أنهم يؤدون ذلك باسم الثورة!
إذا أردت أن تعرف حقيقة فساد الإعلام والصحافة فكل ما عليك أن تحصل على كتاب «الصحافة الحرام»، وإياك أن تستغرب من الأسماء الكبيرة الرنانة التى ستكتشف بالوثائق حجم ثرواتها، وحجم فسادها.
مؤلف الكتاب الصحفى المجتهد سامى كمال الدين بذل جهدا كبيرا فى جمع الوثائق ضد هؤلاء الفاسدين، وأنا أشيد بقدرته على جمع هذه الوثائق، فالوصول لها ليس سهلا، ولكنى أشيد أكثر بجرأته على النشر، فهو ينشر حقائق يعلمها الخاصة، ويعلمها العاملون فى حقل الصحافة والإعلام، ولكن أحدا لا يجرؤ على نشر هذه الحقائق الثابتة، ولذلك لابد من تحية الناشر أيضا (دار كيان للنشر والتوزيع).
فى هذا الكتاب يرى القارئ الحقيقة عارية، ويرى كيف يكون الصحفى الحقيقى، وكيف تصرف كبار الصحفيين المحترمين فى مواقف الشدة، وكيف تصرف المتسلقون والقوادون فى عصور انحطاط الصحافة.
إذا أردت أن تعرف حقيقة النجوم الذين تراهم على الشاشة، وكيف تلونوا عبر العصور، اقرأ هذا الكتاب، قبل أن تتضافر قوى الشر على سحبه من الأسواق.
شكرا لمؤلف الكتاب وشكرا للناشر.
0 التعليقات:
Post a Comment