لفت نظرى ، قبل ما يقرب من عشرين سنة ، كوز موضوع على مكتب الأستاذ إحسان عبد القدوس بمنزله بالزمالك عليه رحمة الله ، لم أصدق فى البداية واعتقدت أنه تحفة فنية اقتناها الأستاذ إحسان فى أسفاره المتعددة ، إلا أن الأستاذ محمد عبد القدوس قطع الشك باليقين وأكد لى أنه فعلا كوز ، وبالضبط هو الكوز الذى كان يشرب فيه والده فى السجن الحربى عام ١٩٥٤ ..

كان الأستاذ إحسان قد كتب مقالا عن إنقلاب يوليو ١٩٥٢عنوانه " هذه العصابة تحكم مصر " فقبض عليه وأودع السجن الحربى وعذب تعذيبا شديدا ولم يفرج عنه إلا بعد أن تعهد بعدم الكتابة فى السياسة مطلقا ، وفعلا خرج من السجن وجلس على مكتبه واضعا الكوز أمامه ، حتى إذا انحرف قلمه تجاه السياسة ذكره الكوز بأيام السجن الحربى وقوم انحرافه .. 

واليوم يعيد التاريخ نفسه ، مع استبدال الكوز بالبيادة ، فإذا أسعدك الحظ ودخلت مكاتب رؤساء تحرير الصحف القومية أو الخاصة ، أو مكاتب مديرى القنوات الحكومية أو الخاصة ، أو مكاتب وبيوت الإعلاميين والإعلاميات المشاهير ، ستجد بيادة على المكتب ، بعضها حقيقى ، وبعضها رمزى ، المهم أنها تعطى شكل البيادة لتؤدى إلى ذات التأثير .. 

يخطئ من يظن أن الإعلام متواطئ ، أو أنه معادى للديمقراطية ، أو أنه كاره لفكرة الدولة المدنية ، أو رافض للهوية الإسلامية ، يخطئ من يظن ذلك ، إن الإعلام فقط عاشق للبيادة ، عابد لحركتها لاحس لترابها .. 

لو رفع صاحب البيادة شعارا اسلاميا لتبعه الإعلاميون ، ولو رفع شعارا قوميا لفعلوا ، ولو مدح فى الخليج لمدحوا ، ولو شتم أمريكا لشتموا ، ولو كفر لكفروا .. !
لو قتل صاحب البيادة فالقتل تطهير ، ولو اعتقل فالاعتقال تأمين ، ولو صادر الحريات والأموال فالمصادرة انطلاق وبناء ..! 

صارحنى أحدهم ذات يوم بأن الإعلام سيظل ضد مرسى لأن مرسى لا يستخدم البيادة ، فتعجبت واندهشت ، فأكد بقوله ، يا عم عصام فيه ستات متعرفش تعيش إلا إذا جوزها ضربها كل يوم وإلا ميبقاش حمش !! قلت لله فى خلقه شئون ..

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -