الجزيرة

أثار إعلان جماعة "أنصار بيت المقدس" المتمركزة في شبه جزيرة سيناء مسؤوليتها عن التفجير الذي استهدف وزير الداخلية المصري محمد إبراهيم الخميس الماضي تساؤلات عن الجماعة التي برز اسمها في الآونة الأخيرة، وعن مدى صدقية قيامها بالعملية، أم أنها محاولة جديدة لترسيخ حكم العسكر واستمرار حالة الطوارئ.

وقال بيان الجماعة "قد مكن الله عز وجل لإخوانكم في جماعة أنصار بيت المقدس من كسر المنظومة الأمنية لسفاح الداخلية محمد إبراهيم بعملية استشهادية قام بها أسد من أسود أرض الكنانة، ولقد رأى سفاح الداخلية الموت بأم عينه ولكن لكل أجل كتاب".

وتابع البيان "نعاهد الله عز وجل أن نقتص للمسلمين من كل من ساهم في قتلهم واعتدى على أعراضهم وعلى رأسهم (وزير الدفاع عبد الفتاح) السيسي ومحمد إبراهيم وأننا لن يهدأ لنا بال حتى نقتص للأمة من هؤلاء المجرمين جميعاً وأبواق إعلامهم الذين يضللون الأمة ويزيفون الحقائق ويحرضون على قتل أبنائها".

من هي الجماعة؟

الجماعة جديدة نسبيا على الساحة المصرية، كما أنها لا تمتلك موقعا على شبكة الإنترنت يعرّف بها، وبالإضافة إلى أن أغلب العمليات التي قامت بها كانت في سيناء، فإنه من غير المعروف على وجه التحديد من هو أميرها وقادتها العسكريون ومتحدثهم الرسمي.

لكن بيانها الأخير قال "إننا جماعة تعمل من أجل إقامة دين الله في الأرض بالجهاد في سبيل الله، ولقد رفضنا سلوك طريق الديمقراطية الشركي لأنه يناقض توحيد الله عز وجل". ويقول مراقبون إنها تابعة لتنظيم القاعدة وتتبنى أفكاره.

وأعلنت الجماعة العام الماضي مسؤوليتها عن هجمات صاروخية من سيناء على إسرائيل. وأعلنت أيضا مسؤوليتها عن عشر هجمات على الأقل في العامين الماضيين استهدفت خط أنابيب ينقل الغاز المصري إلى إسرائيل والأردن.

ودائما ما كررت الجماعة في بياناتها السابقة أن سلاحها "موجه للصهاينة"، وإن صح أنها تقف وراء استهداف وزير الداخلية فهذه هي المرة الأولى التي توجه عملياتها إلى مسؤولين مصريين، وهو ما يرجعه البعض للحملة العسكرية للجيش المصري ضد ما يُطلق عليه الإرهاب في سيناء.

لكن عددا من المحللين السياسيين والأمنيين الداعمين للانقلاب بمصر قالوا إن هذا التنظيم مرتبط بجماعة الإخوان المسلمين، غير أن إصدار جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة المنبثق عنها والتحالف الوطني لدعم الشرعية، بيانات تدين العملية وتؤكد على السلمية وترفض العنف يفند الادعاء.

كما أن هذا الربط بين "أنصار بيت المقدس" والإخوان المسلمين جديد على الساحة المصرية، ويأتي -بحسب مراقبين- ضمن محاولة لنعت الإخوان بالعنف والإرهاب في أعقاب عزل الرئيس محمد مرسي.

بالإضافة إلى أن أغلب هذه الجماعات الجهادية دائما ما تنتقد جماعة الإخوان بسبب قبولها للديمقراطية، وهو ما جاء في هذا البيان أيضا.

تشكيك

وزارة الداخلية نفسها أعلنت على لسان المتحدث باسمها اللواء هاني عبد اللطيف أن الأجهزة الأمنية تقوم بتحليل البيان الذي خرج عن الجماعة.

وقال مصدر أمني آخر في تصريحات صحفية إن بيان الجماعة يثير الشكوك إزاء مدى مصداقيته، خاصة وأنه جاء بعد أربعة أيام من وقوع الحادث، مشيرا إلى أنه من المحتمل أن يكون صحيحا، وربما يكون لتضليل أجهزة البحث لإبعادهم عن العناصر الحقيقية المنفذة للعملية. وأضاف أن البيان ربما يكون ردا على العملية الواسعة التي تقوم بها القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بسيناء.

في المقابل يرى ناشطون أن محاولة اغتيال وزير الداخلية ليست إلا محاولة جديدة لترسيخ حكم العسكر واستمرار حالة الطوارئ، خاصة مع حديث عدد من المسؤولين عن الحاجة إلى تمديد حالة الطوارئ في أعقاب اجتماع لمجلس الدفاع الوطني مؤخرا.

ويرى آخرون أن صياغة البيان الركيكة وكون الأمن يشكك في صحته أيضا يؤكد رأي من قال إن هناك أيادي أخرى وراء العملية.

ومع عدم اتضاح الجهة التي تقف وراء محاولة اغتيال وزير الداخلية، فإن الخبير الأمني اللواء عادل سليمان مدير منتدى الحوار الإستراتيجي يرى ضرورة انتظار التحقيقات، لكنه مال خلال تصريحات للجزيرة إلى أن يكون الأمر بسيطا ويجري تضخيمه لتبرير مزيد من العنف من جانب السلطة.

وبدوره فإن المفكر السياسي محمد الجوادي يعتقد أن كل الاحتمالات مفتوحة، لكنه أكد للجزيرة أن عنف السلطة الحالية بلغ مداه ولم يعد أمامها المزيد، وعليها أن تدرك أن إجراءاتها الأمنية الصارمة وفي مقدمتها حظر التجول لم تحل دون وقوع مثل هذا التفجير.

لكن التشكيك في صحة تبني هذه الجماعة للعملية تمثل فيما كتبه أحد النشطاء: "في حد عاقل في الدنيا يعمل محاولة اغتيال وتفشل، ثم يقوم معترف على نفسه بدل ما يحاول يكررها وينجح؟".

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -