"الجامعات المصرية أصبحت ساحة معركة جديدة لسلطة الانقلاب لقمع الحراك الطلابي المناهض لها ".. هكذا علقت صحيفة واشنطن بوست على انتهاك قوات الأمن الممنهج للحرم الجامعي واستهداف رافضي الانقلاب بالقوة المفرطة.
وقالت الصحيفة الأمريكية في عددها الصادر السبت "مع الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي واعتقال قيادات جماعة الإخوان المسلمين، بدأ الطلاب الرافضون للانقلاب في حشد الدعم لمرسي مستغلين تجذر الإسلاميين داخل الجامعات، وكذلك الحراك الطلابي الذي كان وقود ثورة الخامس والعشرين من يناير".
ومن هذا المنطلق، قررت السلطات – بحسب واشنطن بوست- الرد بمنتهى القوة لقمع الحراك الطلابي، وسمحت لقوات الأمن بدخول حرم الجامعات دون إذن من النيابة، والتعامل مع الطلاب كما لو كانوا في الشوارع.
ولفتت الصحيفة إلى اقتحام قوات الأمن حرم جامعة القاهرة الخميس، واستخدامها الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لتفريق تظاهرات الطلاب، ما أسفر عن مقتل طالب في كلية الهندسة، حسبما أفادت وكالات الأنباء.
وتثير هذه الممارسات مخاوف من عودة النهج السائد قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، حيث كانت قوات الأمن تروع وتقمع الطلاب وأساتذة الجامعات تحت مسمى الأمن القومي، بحسب الصحيفة الأمريكية.
ونقلت الصحيفة عن محمود عمر (24 عاما)، طالب كلية الطب وأمين الشباب بحزب مصر القوية، قوله "دولة الأمن عادت إلى الجامعات".
وكان القضاء قد أصدر حكما عام 2010، تحت حكم الدكتاتور حسني مبارك، ألغت بمقتضاه الحرس الجامعي، والذي كانت مهمته الرئيسية مراقبة وقمع النشاط السياسي الطلابي.. لكن السلطات الحالية تعتمد حاليا على عملاء بملابس مدنية، يجوبون الحرم الجامعي ويراقبون المظاهرات.
وفي هذا السياق، قال عمر، الذي يرفض أي وجود للشرطة في الحرم الجامعي، "لو كنا نعيش في ظل حكومة عادلة، لما كانت هناك مشكلة على الإطلاق.. لكننا أصبحنا نعيش مجددا تحت نظام قمعي".
ومع تزايد الحراك الطلابي، بدأت وزارة الداخلية – منذ منتصف الشهر الجاري- استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع والهراوات وطلقات الخرطوش والرصاص الحي لتفريق الاحتجاجات شبه اليومية ضد الانقلاب داخل جامعات القاهرة والدلتا وصعيد مصر. ولقي طالب بجامعة الأزهر حتفه في الحادي والعشرين من نوفمبر، فيما اعتقل عشرات الطلاب من داخل الحرم الجامعي.
وفي الثالث عشر من الشهر الجاري، قضت محكمة بسجن اثني طالبا من جامعة الأزهر- التي تشهد دعما قويا لجماعة الإخوان المسلمين- سبعة عشر عاما بتهمة إثارة الشغب. ورد طلاب الجامعة على هذه الأحكام القاسية بمزيد من التظاهرات.
هشام أشرف، رئيس اتحاد طلاب جامعة القاهرة، بدوره قال "الجامعات حاليا تشهد حراكا ثوريا، خرج عن نطاق سيطرة الشرطة... الطلاب يحتمون بالحرم الجامعي للتعبير عن آرائهم الرافضة للانقلاب وإيصال رسالة للعالم الخارجي، مفادها أنهم يمارسون حقهم".
وبدأت جماعة الإخوان بناء قاعدة قوية لها بالجامعات المصرية، منذ السبعينيات من القرن الماضي، إلى أن هيمنت على الاتحادادات الطلابية بجامعات رئيسية.
وبعدما جاء مبارك إلى السلطة، اعتبر النشاط والحراك الطلابي تهديدا كبيرا لنظامه الاستبدادي، فحاولت السلطات السيطرة على أنشطة الجماعات من خلال تزوير انتخابات الاتحادات الطلابية. وبعد الإطاحة بمبارك استثمر الإخوان هذه الأجواء، قبل أن تتراجع شعبية مرسي في السلطة.. ومع ذلك، ظلت قاعدة التأييد له قوية داخل الجامعات.
وفي هذا السياق، قال ناثان براون، خبير شؤون الشرق الأوسط بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي "كانت هناك أماكن عديدة لنشاط الإخوان، لكن الجامعات كانت الموقع الرئيسي.. الجامعات حاليا هي المسرح الرئيسي للتنافس السياسي، فهي من بين مساحات محدودة، توجد فيه جماعة الإخوان بقوة، وتحظى فيها بمؤيدين يشعلون التظاهرات".
أحمد محمود، وهو طالب بجامعة الأزهر، من بين الطلاب الذين يحتجون على مسؤولي الجامعات والحكومة المدعومة عسكريا على السواء، حيث يقول "داخل الجامعة، لدينا مطالب.. وفي نفس الوقت نتظاهر للمطالبة بعودة مرسي".
وفي المقابل، يرى بعض المسؤولين أن التظاهرات تعطل الحياة الجامعية، فيما يقول كريم مدحت، وهو باحث في الشؤون الأمنية بمنظمة (المبادرة المصرية للحقوق الشخصية) "بصرف النظر عن الوضع السياسي، أصبحت مرتعا".
مصر العربية
0 التعليقات:
Post a Comment