السيسي بتسريباته وقناعاته وأفكاره ودستوره، يعطي الضوء الأحمر لكل المصريين المخلصين..
رؤيته الاقتصادية، رؤيته الأمنية، رؤيته للدولة ومؤسساتها، رؤيته لمستقبل مصر، تحصينه لمنصبه دستوريا،
كل ذلك يعطينا تصورا دقيقا عن شكل الدولة التي يسعى لبنائها- أو هدمها بالأحرى..

القمع الذي تمارسه السلطة الانقلابية حاليا هو بمثابة تدريب على ما هو آت، فحتى لو نجحوا في تمرير الدستور والبرلمان...إلخ ، سيظل القمع متواجدا بالدرجة نفسها بصورة أو أخرى تحت أي مسمى، فهذا هو شكل الدولة التي يطمحون إليها..

في الفكر الشمولي، تصبح الدولة كيانا مستقلا افتراضيا ينفصل عن الشعب، بل يُطالب الشعب نفسه بأن يسخر طاقاته لخدمة هذه الدولة، رغم أن الدولة هي بالأساس كيان يصنعه الشعب نفسه، وليس العكس..

ثم يتطور الأمر لتصبح أدوات حماية الدولة، هي الدولة نفسها، أعني مؤسسات: الجيش، الأمن، القضاء، الإعلام.. هذه ليست الدولة، لكن هؤلاء يجعلون من الأداة هدفا وغاية، لدرجة أن تصبح هذه المؤسسات هي الدولة، وهي التي يجب أن تتضافر كل الجهود لحمايتها، وليس حماية الدولة كما يراها الشعب الذي صنع دولته ويملكها..

ثم يتطور- بل ينحدر- الوضع لتُختزل "أدوات حماية الدولة" التي أصبحت "هي الدولة" في شخص واحد، بحيث يصبح "الزعيم" هو الدولة، فبقاؤها من بقائه، وضياعها بضياعه..

ثورة 25 يناير، خلصتنا من كل هذه الاختزالات التي تعرض لها مفهوم الدولة على مدى ستين عاما..
انتخاب مرسي كان مؤشرا لبداية عصر جديد تستعيد فيه الدولة معناها الحقيقي، ويستعيد فيها الشعب موقعه الطبيعي..
الآن يسعى الانقلاب لتفعيل عملية الاختزال مرة أخرى، ليصنع لنا دولة جديدة، هي "دولة السيسي"..

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -