هيئة كبار العلماء.. جبهة علماء الأزهر.. قد يعتقد كثيرون أنهما شيء واحد، لكن الحقيقة أنهما كيانان منفصلان، فالأولى عادت بقرار من المجلس العسكري في 2012، والثانية تنظيم مستقل يضم نخبة من علماء وأساتذة الأزهر.

ضيف الحوار هو د.يحي إسماعيل - أمين عام جبهة علماء الأزهر - عاد بعد النفي عقب ثورة يناير، لكنه بقي غير رسمي، لا يعترف به الأزهر، وهو لا يعترف بهيئة كبار علمائه الحالية لأنهم –بحسب قوله- "معينون من العسكر" .

التقته "مصر العربية" لتحاوره في قضايا عديدة، أهمها موقفه هو وعلماء الجبهة ومؤيديهم داخل البيت الأزهري من دستور لجنة الخمسين، وكذلك رأيه في الفتاوى التي صاحبت العملية السياسية عقب 30 يونيو، وما مثلته من شرعنة لهذا الحدث.

والدكتور يحيى إسماعيل، لمن لا يعرفه، هو عالم أزهري نفي إلى الكويت بعد خلافات عديدة مع شيخ الأزهر الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي، بعد انتقاده بسبب لقاء الأخير بالرئيس الصهيوني شيمون بيريز ومصافحته إياه، وكذلك لموقف شيخ الأزهر المؤيد لقانون الخلع، حيث قام طنطاوي برفع دعاوى قضائية عليه، حصل الدكتور يحيى إسماعيل على البراءة في إحداهما، وسافر خارج البلاد، لكن استئناف الحكم من طنطاوي جعل جهاز أمن الدولة المصري يلاحقه في دولة الكويت التي لجأ إليها، مما أسهم في تحديد إقامته بها، حتى رجع إلى مصر بعد ثورة يناير 2011.

من هنا تأتي أهمية الحوار معه ليدلي بدلوه في الأحداث الجارية وما تشهده البلاد من تطورات متسارعة، لا سيما على صعيد قضايا الدستور والهوية.

وبالفعل جاءت ردود الرجل حاسمة وصادمة في بعض الأحيان، فهو يرى أن قادة الانقلاب هم الخوارج، لأن المفهوم الشرعي يشير إلى من خرج بالسلاح على ولي أمر شرعي، وهو ما ينسحب عليهم، بحسب رأيه.

إسماعيل أيضا يؤكد أن جبهة علماء الأزهر لن تعترف بالدستور الذي تعده لجنة الخمسين المعينة، مشددا أن الدستور الواجب احترامه هو ذلك الذي تم الاستفتاء عليه في فترة حكم الدكتور محمد مرسي.

وإلى نص الحوار..

يخلط البعض بينكم كجبهة لعلماء الأزهر وبين هيئة كبار العلماء.. فما الفرق؟

** هيئة كبار العلماء بالأزهر أعضاؤها معينون من المجلس العسكري ولاصلة لنا بهم، حل هيئة كبار العلماء يرجع للأزهر، وليس للعلماء دخل في وجود هذه الهيئة، فهم فيهم من لم يحفظ القرآن وتحديت وطالبت بأن نواجه بأناس محددين بعينهم لنواجههم، ومنهم شخصين ليسوا أزهريين وصدر لهم قرار خاص من كمال الجنزوري باستثنائهم وهم علي جمعة والدكتور محمد عمارة، مع اعتزازنا بمكانة الدكتور محمد عمارة وقدره، ولكن بأي حق يستثنيهم كمال الجنزوري؟.

يشترط في عضو هيئة كبار العلماء أن يكون حاملاً للثانوية الأزهرية، هناك فرق بين من يدرس العلوم الأزهرية ومن هو أزهري أصلاً، لابد أن يكون حاصل على مرحلة من المراحل الأولى للتعليم الأزهري، حتي حصوله على الدكتوراه وليس الفخرية.

منذ سنوات تم حل جبهة علماء الأزهر رسميا، إلا أننا نلحظ أنها لا تزال موجودة وتصدر بيانات فكيف نفسر ذلك؟

حدث اللبس عند من ظن البعض أن قرار الحل الذي صدر من محافظ القاهرة قبل سنوات أيام الدكتور محمد سيد طنطاوي، كان حلا نهائيا، والحقيقة أن الأمر كان حلا لمجلس الإدارة لمدة عام فقط، وهذا الحل كان عام 2002 ولكننا عدنا بعد ذلك للعمل، وأصدرنا كثيرا من البيانات حول الأحداث الراهنة.

لكن وسائل الإعلام نشرت أنه تمت مصادرة مقر الجبهة وأموالها

** هذا صحيح ولهذا قمنا برفع دعاوى قضائية عام 2002 لاسترداد أموالنا التي تمت مصادرتها بغير وجه حق عام 2001، حيث تمت مصادرة 400 ألف جنيه من حسابات بنكية، كما تمت مصادرة مقر الجبهة في شارع الأزهر، ولكن الغريب والمضحك المبكي أن هذه القضية لا تزال تؤجل ولم يفصل فيها إلى الآن، لأنها كانت تحتاج إلى إرادة سياسية.

يروج الإعلام أن جبهة علماء الأزهر خلية إخوانية نائمة حينا ونشطة أحيانا.. فما مدى صحة هذا؟

** أعضاء الجبهة كعلماء أزهر لا يصلح ولا يصح أن يكون لهم انتماء لغير الأزهر، لأن عضو الجبهة حاكم على العاملين في الحقل الإسلامي وليس محكوماً عليه، ومنا من كان عضواً عاملاً في الإخوان المسلمين أو غيرها وإنما شرط العضوية في الجبهة ألا يكون للعضو أي انتماء حزبي أو سياسي ، فمثلا هذا الدكتور ماهر عقل والشيخ سيد عسكر، كانا عضوين بالجبهة وعندما دخلا مجلس الشعب ممثلين للإخوان تم تعليق عضويتهما، وهذا يؤكد أننا جهة مستقلة لا يحكمها تيار ولا فصيل معين، لأننا نحكم باسم الإسلام على الجميع لأننا نقول هذا حلال وهذا حرام.

الدستور الجديد

توشك لجنة الخمسين على الانتهاء من إعداد دستور جديد بديل للدستور الذي وافقت عليه غالبية الشعب في عهد الرئيس محمد مرسي، فما رؤيتكم لهذا الدستور الذي شهد خلافا حول هوية مصر ومرجعية الأزهر؟

الدستور الذي يتم إعداده حاليا نحن لا نعترف به، لأن ما نعترف به هو الدستور الذي بايعت عليه الأمة حاكمها ورئيسها الدكتور محمد مرسي.

ونحن هنا لا نجامل رئيس أو فصيل، وإنما نزن الأمر بالميزان الشرعي والدستور الذي يلزم الأمة هو الدستور الذي بويع عليه الرئيس الشرعي الذي له تبعة في رقبة الأمة والأمة عليها أن تعمل على نصرته، لأن الدستور يعني العقد الاجتماعي الذي صدر بين الأمة وبين الحاكم الشرعي، والأمة هي الجهة الوحيدة التي يمكن أن توقف العمل به وليس فرد، كما أن الرئيس المعين الذين جاءوا به أقسم على الدستور المعلق، وقال أحترم الدستور والقانون :فأين احترام الدستور إذاَ كان هم من قاموا بتعطيله؟

ما رأيكم في الجدل الذي أثاره الأزهر مؤخرا في بيان له حول تسمية "الشهيد" وصفة "الشهادة" لمن تكون، في ذكرى مرور مائة يوم على مذبحة رابعة؟
تعجبنا من بيان الأزهر وكذلك قول الدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث، برفض إعطاء صفة الشهادة لمن يقتلون من أنصار الشرعية، رغم أن هناك زملاء له قتلوا في ميدان رابعة مثل الدكتور عبد الرحمن عويس، الأستاذ بكلية أصول الدين جامعة الأزهر.

وهنا أستحضر سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم لصحابته قائلا: "ما تعدون الشهيد فيكم، قالوا: يا رسول الله، من قتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: إن شهداء أمتي إذاً لقليل، قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد"، قال ابن مقسم: أشهد على أبيك في هذا الحديث أنه قال:" والغريق شهيد"، وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم"من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد" فإذا كان الذي قتل دون ماله فهو شهيد فكيف بمن قتل دون مال الأمة؟، إذا كان من قتل دون عرضه فهو شهيد فكيف من مات يدافع عن عرض الأمة؟!

إن ما قاله الدكتور النجار ليس فتوى ولكنه تصريح مشبع بخصومات سياسية عديدة.

الخوارج
لكن بعض فتاوى العلماء المؤيدين للانقلاب وصفت المعارضين – أحياء وأموات – بالخوارج، فما هو توصيفكم الشرعي للخوارج؟ وهل ينطبق على من يعارضون النظام؟

** الخوارج هم من قاموا على الإمام الحق بغير الحق بالسلاح ويشترط أن تكون الجماعة مطاعة وأن يكون لها قائد، ولا يصح قول كلمة خوارج عليهم إذا كان الإمام فاسقا، بمعنى أنه إذا فسق الإمام وخرجوا عليه فهم ليسوا من الخوارج، ووفق هذا التعريف الاصطلاحي الشرعي، قادة الانقلاب هم الأحق بأن يطلق عليهم لفظ الخوارج لأنهم خرجوا بالسلاح ولهم قائد أطاعوه بغير الشرع، كما أن لفظ "الخوارج " لا يطلق أبداً على من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإنما علي من قال لهم علمائهم "اضرب في المليان ومن يقتلهم فهو أقرب إلى الله منهم" أليس هذا أمر بمنكر؟!.

قانون التظاهر

كيف تنظرون إلى قانون التظاهر الجديد؟

عندما تم تنصيب رئيس الدولة الحالي نص قرار تنصيبه على أنه لا يصدر قانوناً جديداً، وهو الآن أصدر قانون التظاهر، كما أن القوانين عندما تصدر فإنه لا يحق أن يقال عنها قانون ولا تطبق إلا عندما يحدث حولها اتفاق جمعي بعد عرضها للنقاش، ثم تحال للمجالس النيابية، فهذه قرارات وليست قوانين وسيسأل عنها أصحابها لأن بها استعباد، وليس من حق أحد أن يحكم الأمة بمقتضى أمره وهواه.

بعض علماء الانقلاب برروا ما حدث وأكدوا على ضرورة طاعة "الحاكم المتغلب" فما ردكم؟

** الحاكم المتغلب هو من استجمع شروط الحكم وجاء وقفز على الحكم في فترة فراغ الحكم بغير إرادة الأمة، كما يجب أن يكون من أصحاب الرؤية الشرعية وممن يغارون على دينهم ويرفعون لواء الجهاد وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وأن يصون معالم الشرع ....إلخ، علي سبيل المثال سيدنا معاوية رضي الله عنها عندما أراد أن يمسك الحكم بعد وفاة سيدنا عثمان وقبل تنصيب الإمام علي بن ابي طالب، ولهذا فقد قال سيدنا عبد الله بن عمر،عن الحاكم المتغلب: "إن كان خيراً شكرنا وإن كان شراً صبرنا"، فإذا كانت شروط الحاكم المتغلب تمشي حسب أهواءنا فنحن يمكن أن نقول أن نتنياهو بالنسبة لفلسطين حاكما متغلبا، ونابليون عندما دخل مصر أصبح حاكما متغلبا؟. وما حدث في مصر "انقلاب" وهم قالوا أنه "ثورة" وهو ليس بثورة لأن الغباء العام وعدم انتشار ثقافة إسلامية يمكن أن يوقعنا فيما أكثر من ذلك.

في ظل الوضع الحالي.. ما هي رؤيتكم لتطور الأحداث ومستقبل مصر الأزهر؟

** غاية ما نتمنى هو أن نقابل الله تعالى ونحن غير مفرطين ولا مضيعين، المستقبل بيد الله المهم أن لا نماري ولا نجامل على الحق وهذا هو موقفنا، ونحن بالطبع نرفض موقف شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب تأييد ما تم يوم 3 يوليو، ونرى أن الانقلاب هو حنث باليمين والعقود، وسيدنا قتادة قال "إياكم والحنث في اليمين والحنث في العقود فأنا رأيت أن الله لم يتوعد على معصية مثلما توعد في الحنث في العهود والعقود فقال "وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَٰئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ"، فما بيننا وبين رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي عقد ووعد ونحن الوحيدون من نملك حله.

مصر العربية

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -