من المعلوم أن مركز القرار في الولايات المتحدة الأميركية متعدد الأقطاب وأميركا ليست واحدة ـ كما يقول السياسيون.. لكن في النهاية هناك جهات فاعلة تأخذ قراراتها وتنفذها على الأرض حتى لو تعارضت مع جهات أخرى، وأهم الجهات الفاعلة في الولايات المتحدة هي البيت الأبيض ثم وزارة الخارجية تليها الدفاع وأجهزة الاستخبارات التي كانت متعددة ومتنافسة حتى جمعت بعد ذلك تحت إدارة واحدة.
ولو تابعنا الموقف الأميركي من انقلاب الثالث من يوليو وحتى الآن نجد أن البيت الأبيض تمهل كثيرا قبل أن يحدد موقفه مماحدث في مصر هل هو ثورة أم انقلاب والسبب الرئيسي وراء ذلك أن تصنيف ما حدث على أنه انقلاب يجبر الولايات المتحدة أن تغير سياساتها تجاه النظام في مصر وفق الضوابط والقوانين التي وضعتها في التعامل مع الانقلابات العسكرية التي هي بالمناسبة أول من صنعتها في المنطقة عبر انقلاب حسني الزعيم في سوريا عام 1949 الذي وضع الاعتراف باسرائيل في هذا الوقت المبكر على رأس أولوياته أو انقلاب يوليو في مصر عام 1952 الذي أطلق عليه ثورة بعد ذلك أو انقلاب مصدق في ايران الذي أنهي ثورة حقيقية ضد نظام الشاه أو انقلاب القذافي في ليبيا أو جعفر النميري في السودان أو سيل الانقلابات التي كانت تجري في افريقيا أو أميركا الجنوبية حيث كانت أميركا تنصب الجنرالات الفاسدين حتى ينفذوا سياساتها ثم تتخلص منهم بعد ذلك حينما تنتهي أدوارهم أو تحترق أوراقهم.
التسريبات التي وردت على ألسنة بعض مستشاري الرئيس مرسي الذين تمكنوا من الخروج من القصر الرئاسي قبل محاصرة مرسي والقبض عليه وعلى مرافقيه ذكروا أن الاسبوع الأخير لمرسي في القصر الرئاسي كان مليئا بالاتصالات الساخنة سواء مع الأميركيين أو الأوروبيين وكان محور الاتصالات هو وزراة الخارجية الأميركية ومفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي أشتون، ومن المعلومات المؤكدة أن مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية أخبروا مستشاري الرئيس مرسي المقربين قبل أسبوع من اطاحة السيسي به أن لعبة الديمقراطية في مصر قد انتهت وعلى الرئيس أن يرضخ للمطالب الأساسية بالإعلان عن اجراء استفتاء خلال أسبوع أو انتخابات رئاسية مبكرة وأن هذا هو الرأي النهائي لدى الأميركان، على الجانب الآخر كان التنسيق يجري على قدم وساق مع الفريق عبد الفتاح السيسي أن الطريق مفتوح أمامه لتنفيذ انقلابه على ألا يكون دمويا وأن يحاط بحراك جماهيري يحوله من انقلاب عسكري كامل الى تحرك من أجل الاستجابة لمطالب الشعب، ووعد السيسي بقدرته على السيطرة على كل شيء خلال أسبوع، لكن الحراك المعارض للانقلاب قلب الأمور رأسا على عقب وهو ماحدا بمبعوثة الاتحاد الأوروبي أشتون أن تأتي الى مصر ويسمح لها الانقلابيون بالالتقاء مع الرئيس مرسي في فترة كان وضع الانقلابيين فيها سيئا للغاية ولم تكن هناك خطة من معارضي الانقلاب أو أنصار الشرعية للتحرك بشكل يشل الانقلابيين ويفشل الانقلاب في مهده.
أحمد منصور ..
0 التعليقات:
Post a Comment