حينما قام الرئيس الموريتانى الحالى بانقلابه العسكرى ، رفضت الدول الأفريقية والغربية الاعتراف به ، ونصحه الغرب بعمل استفتاء كى يحصل من خلاله على الشرعية حتى يتعاملوا معه ، ولأن بيده كل مقاليد السلطة فقد سخر كل الإمكانيات واستخدم كل الوسائل الطبيعية وغير الطبيعية للحصول على الأغلبية ، مما أهله للتعامل مع العالم ، الذى يهمه سوى استمرار تحقيق مصالحه .
ونفس الأسلوب ينفذه الإنقلاب الدموى فى مصر بتسخير كل الوسائل ، من خلال حشد عشرات الألوف من قوات الجيش والشرطة ، وتسخير الآلة الإعلامية للتطبيل بالموافقة ، ومنع أى رأى مخالف لدستور الانقلاب من الظهور اعلاميا ، أو حتى فى شكل ملصق أو لافتة أو مطبوع صغير .
ونفس الأمر بالإستعانة بخطباء من الأوقاف لمساجد الجمعية الشرعية وأنصار السنة ومنع صلاة الجمعة بالزوايا ، وحشد القيادات الحزبية والقيادات العمالية التى عينوها وقيادات الفلاحين وقيادات الكنيسة ، للانتشار بالمحافظات لعقد مؤتمرات تأييد الدستور ، وتفرغ القيادات المحلية بالمحافظات لنفس الغرض ، ودفع اتحاد الصناعات لإرسال رسائل للمواطنين بالهاتف المحمول ، ودفع آخرين لتعليق لوحات مؤيدة للدستور بالشوراع الميادين واعلانات بالصحف .
والسماح بتصويت الوافدين من المحافظات فى غير مناطقهم الإنتخابية ، والتخفيضات فى تذاكر الطيران للمصريين القادمين لمصر قبيل الإستفتاء ، والتسهيلات بالقطارات والمترو يومى الإستفتاء ، وتعطيل مباريات الدورى العام خلال أيام الاستفتاء ، وتأجيل امتحانات الجامعات والمدارس يومى الاستفتاء .
لا تهم التكلفة - فى بلد متخم الديون الخارجية والداخلية ، ويعيش على المعونات الخليجية منذ نصف عام - للصرف على مكافآت القضاه والشرطة ومطبوعات الاستفتاء والوجبات ووسائل النقل ، وموظفى المحليات للإشراف على اللجان التى يزيد عددها عن الثلاثين ألف لجنة .
ولا تهم آثار الإنقسام المجتمعى التى سيترتب عليها ذلك الإستفتاء ، الذى يتم وقوى مجتمعية موجودة خلف القضبان ، وممنوعة من الحركة ويتم إطلاق قنابل الغاز والرصاص عليها كل يوم ، والتشهير بهم بوسائل الاعلام المؤيدة للإنقلاب .
بما يشير الى عدم حياد الجيش والشرطة والقضاة والمحليات الذى سيتولون الإشراف على الإستفتاء ، حتى جمعيات حقوق الإنسان التى ستراقب الإستفتاء ، كثير من قياداتها مؤيدة للإنقلاب وكارهة للاسلاميين مما يفقدها المصداقية .
- كل تلك الآثار المادية الباهظة والمجتمعية السلبية ، لا تهم قيادات الانقلاب وقائدهم ، المهم الحصول على صك موافقة الأغلبية بالإستفتاء ، للسير فى الخطوات التالية للإستيلاء على منصب رئيس الجمهورية وعلى مقاعد البرلمان .
ومن ارتكب العديد من المجازر الوحشية واعتقل الآلاف ولفق التهم ، من السهل عليه التزوير والكذب ، لكن كل ذلك لن يثنى عزيمة الأحرار فى بلادنا عن مواصلة السعى السلمى ، لدحر الإنقلاب الغاشم الذى لم يترك نقيصة إلا وقد ارتكبها ، دون انتظار تأييد الغرب المعنى بمصالحه وضمان أمن اسرائيل وهو ما يحققه قادة الإنقلاب بامتياز .
ولا عجب فى تأييد المدعين للثورية والليبرالية لكل تصرفات الإنقلاب الوحشية والانتقامية ، منتظرين الثمن الذى نالوا جانبا منه فى تشكيل المجلس القومى لحقوق الانسان والمجلس الأعلى لصحافة ومجالس ادارات المؤسسات القومية .
لكنهم لا يدركون أن قيادات الانقلاب سوف يتخلصوا منهم بالتدريج ، بعد أن يحققوا مرادهم كما فعلوا مع حركة السادس من ابريل ومصر القوية ، لأنه حسبما ذكر اللواء محمد نجيب فى مذكراته أن حكم العسكر لا يقبل شريكا معه بالسلطة ، وفوق كل ذلك يبقى قول الحق وقدرته وتدبيره " ولا تحسبن الهب غافلا عما يعمل الظالمون " .

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -