نحبس أنفاسنا جميعا ونحن نستيقظ على دوى تفجيرات إرهابية فى القاهرة والجيزة والمنصورة وغيرها من المدن المصرية، نحبس أنفاسنا جميعا ونحن نتابع التقارير عن أعداد الضحايا والمصابين، نحبس أنفاسنا جميعا ونحن نطالع سيل إدانات لفظية دون حلول عملية، نحبس أنفاسنا جميعا ونحن نبحث فى أحاديث المسئولين والسياسيين عن السبل والأدوات الفعلية لمواجهة الإرهاب والعنف وكبح جنونهما ونرتد خائبين، نحبس أنفاسنا جميعا ونحن ندرك أن حقنا فى الحياة وحقنا فى الانتصار لمعنى الوطن وتماسك الدولة والمجتمع زج بهما إلى لحظة خطر تستدعى تضامننا وشجاعتنا جميعا لتجاوزها.
فالحلول الأمنية، على ضرورتها لمواجهة الإرهاب والعنف وضرورة تجنبها للتورط فى القمع أو الخروج على القانون، ستظل قاصرة ما لم تدمج فى إطار معالجة أشمل. تستدعى البيئة المصرية اليوم الحسم الأمنى ضد كل المجموعات الإرهابية والعنيفة والجاهزة لممارسة العنف أو المساعدة عليه تحريضا أو تمويلا أو تبريرا، كما أنها تحتاج لإجراءات قانونية تستهدف تفعيل العدالة الناجزة ومحاسبة المتورطين فى إطار ضمانات للتقاضى وابتعاد كامل عن التورط فى العقاب الجماعى أو ممارسات انتقامية وظالمة.
تستدعى البيئة المصرية اليوم أيضا إجراءات مجتمعية وسياسية تستهدف الحد من التصدعات الكثيرة التى أصابت مصر وخفض منسوب الاستقطاب المرتفع الذى نعانى منه. ليس بكاف أن تدين المؤسسات الدينية الرسمية التفجيرات الإرهابية وأعمال العنف، فالإجراء الضرورى هنا هو صياغة خطاب دينى وأخلاقى يدحض من جهة كافة التبريرات الواهية التى تقدم لحمل السلاح وتوظيف الإرهاب والعنف بغية الوصول إلى أهداف سياسية وبوعى من جهة أخرى بمركزية قيم السلم الأهلى والعيش المشترك والتماسك الوطنى وسلمية العمل العام.
ليس بكاف أن تشكل لجان لتقصى الحقائق فى الأحداث التى تلت 30 يونيو 2013 وأن يضم إليها خبراء قانونيون أكفاء، فالإجراء الضرورى هنا هو تمكين هذه اللجان من العمل باستقلالية وبمعزل عن التأثير السياسى ومن إنجاز محاسبة كل المتورطين فى انتهاكات حقوق الإنسان والحريات بغض النظر عن مواقعهم ومن التواصل مع الرأى العام بمصداقية ليس لها أن تستند إلا إلى حق المواطن فى المعرفة وحرية تداول المعلومات.
ليس بكاف أن يعلن الحكم التزامه بعملية سياسية تنافسية وبدمج كافة القوى والأطراف التى لم تتورط فى حمل السلاح أو العنف أو الخروج على القانون، فالإجراء الضرورى هنا هو من جهة إدراك أن مصر أصبحت مجددا مع نصوص دستورية وقانونية قمعية لا تضمن البناء الديمقراطى وتنتقص من الحقوق والحريات وتستدعى من ثم التغيير الشامل ومن جهة أخرى الاعتراف بأن ترتيبات الحكم الراهنة مكونات وأطراف ومراكز قوى مررت النصوص والقوانين القمعية هذه وخرجت على الإجراءات الديمقراطية وينبغى من ثم محاسبتها وإبعادها.
غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر
0 التعليقات:
Post a Comment