توفيق عكاشة جديد .. لكنه أكثر بلاهة وأقل خبرة، "عبرحيم" كما يعلم الجميع فهو ليس سرا كان "مخبر" أمن دولة يشتغل على الحركات الإسلامية، تطبع له الدولة في هيئة الكتاب – أيام حكم مرسي – كتبا عن الإخوان والإرهاب والعمل السري، وحين تقرأ، تكتشف أنها تقارير أمن دولة مجمعة، مع محاولة لخلق سياق كي يبدو المخبر فيه كاتبا ومتخصصا و"بتاع" حركات ..


توفيق عكاشة تربى في مواخير الدولة العميقة ويعرف سكة كل عاهرة فيها،من أتى بها، ومن يُشغلها، ومن يُؤجرها، ومن أخذها لفة، ومن "لِبسها" على إنها من بيت، ولذلك حين يضرب في الثوار فهو يعرف أنه يضرب في أشرف من في هذا البلد، ويعرف أنه لن يجد مادة حقيقية لتشويههم عند من يصدقهم، وإلا كان "مَيل" على حبايبه في أمن الدولة و"نابه" من السيديهات جانب .



العكش يلعب على المساحات الغائمة التي لا صلة لها بالثوار، "أهالينا" الذين أكلت لقمة العيش أوقاتهم ولم تترك لهم ساعة للتنقيب عن سواها .. عكاشة يعرف طريقه ولذلك وجد من يسمعه دون أن يهلك من الضحك ..



إنما "عبرحيم" فاكر نفسه يقدم تقريرا للضابط "اللي مشغله"، يخاطب جمهور الثورة بعبارات مثل: أمن بلدنا، الدكتور المحترم يقتحم أمن بلده، ويحصل على 4 هاردات كوبي، الدكتور الفاضل يحدث عبد الرحمن يوسف بلغة تجار المخدرات، ويقول له يا كبير!!، البوب الصالح هو البرادعي!!! (إيه ده معقولة)، الأستاذة تقول له هات ملفي يا سوكة، ولا يدرك "عبرحيم" أن اقتحام أمن الدولة لم يكن جريمة بل كان لمنع جريمة، وهي حرق الملفات التي كان يكتبها هو وأمثاله، والتي كانت دليل إدانتهم، وكشف أساليب دولتهم البوليسية في "مرازية" خلق الله.



كما لم يدرك عبرحيم أن كل شباب هذا الجيل يخاطبون بعضهم بكلمات مثل: يا كبير، يا كابو، يا زميلي، يا شقيق، يا معلمي، ربما لأن معظم تقاريره الأمنية كتبها عن جيل آخر من المناضلين.



توفيق عكاشة تعلم في بيته كيف يزغط البط، وتعلم في بلدهم بكم "ركنة" البهيمة في السوق، أما عبرحيم فلم يكن لديهم بهيمة كي يتعلم .. وهذا هو فارق مهم بين من تستخدمه أجهزة الأمن ويستخدمها، وبين من "تطلقه" أجهزة الأمن فيورط نفسه ويورطها ..



"عبرحيم" يتصور أن التجسس وجهة نظر، وأن الوازع الأخلاقي لا يهم كثيرا، ويسخر ممن يطالبونه بأن يكون – والعياذ بالأمن – أخلاقيا، أين يذهب بتاريخه كله لو اعترف بجدوى الأخلاق؟



المخبر السابق كان يتحدث عن رغبة "أسماء" و"عبد الرحمن يوسف" و"النجار" في قراءة ملفاتهم في أمن الدولة باعتبارها جريمة، ذلك لأن من تعود أن يكتب هذه الملفات، لا يدرك أن الثوار الذين يعتبرهم مشاغبين يفخرون بأن لهم ملفات في أجهزة الأمن ويتمنون أن يقرأوها يوما، وأن ينشروها على الناس على صفحاتهم ليثبتوا أن أجهزة دولة الفساد كانت ترى فيهم خصوما لهذه الدولة.



لا يدرك "عبرحيم" هذا لأنه خارج مجاله الإدراكي أصلا، فلم يتعود الرجل أن يفكر بعقلية الشرفاء أو أن يضع نفسه مكانهم ولو في خياله، لكن أسياده في أمن الدولة أدركوه، وزوروا هذه الملفات ووضعوها في انتظار المقتحمين دون غيرها من الملفات الحقيقية التي فرموها وأحرقوها، أو هكذا سربوا لنا، فمن يدري أين هي الملفات الحقيقية الآن؟ .. لكن "مسيرنا نعرف"



توفيق عكاشة كله أضرار، وكوارث، ومصايب سودا، ولا يستفيد منه سوى فريق إعداد باسم يوسف، أما "عبرحيم" فالشهادة لله كله فوايد:



عانينا كثيرا مع رفاقنا في أن نقنعهم بأن الانقلاب العسكري لم يكن على مرسي أو الإخوان لصالح الثورة، إنما كان على الثورة ومكتسباتها والكتلة الحرجة التي فجرتها لصالح دولة مبارك، وأن شيئا مما وعد به الفريق السيسي لن يتحقق، وأننا مقبلون على فاشية تتفوق على كل الفاشيات التي حكمتنا منذ سليمان باشا القانوني!!



اعتقال "ماهر"، و"دومة" و"عادل" اختصر بعض الوقت، لكنه لم يحسم القضية عند بعضنا، أما "عبرحيم" فقد خدمنا خدمة العمر، وجاب من الآخر، نعم نحن نعادي هذه الثورة ونشطاءها ونقبض عليهم ونتجسس عليهم، ونكذب عليهم، وننشر تسجيلاتنا، بعد المونتاج، ولا نخجل من ظهور هذا المونتاج بوضوح، ونرى في كل كلمة يقولونها حتى لو كانت "سلام عليكم" "عليكم السلام" جريمة بشعة في حق الوطن، وعمالة، وخيانة، ولن نتراجع بدافع الأخلاق، ولا بأي دافع آخر، "واللي عندكم اعملوه" .. ربنا ما يحرمك من دماغك، ولا يحرمنا من سيديهاتك يا عبده!



عبرحيم جاء يكحلها لأمن الدولة أعماها للجيش، فهو يعتبر اقتحام أمن الدولة جريمة، بينما تشير كل الفيديوهات أن الجيش هو من سلم المصريين جهاز أمن الدولة وفتح لهم الأبواب وشارك في هذه "الاشتغالة" التي شربناها في حينها.



ولأن أحدا لن يحاسب العسكر، ولن يحاسب الشرطة، فقد قال "عبرحيم" ما قال بصفو نية، وغباوة "المخبرين" في عينيه، وكشف دون أن يقصد عن مدى الارتباك الذي تعانيه هذه الأجهزة الآن، وهي تنتظر 25 يناير القادم بترقب، وتحاول أن تسيطر على حراك الشارع، وغليان الجامعات، في الوقت الذي تحاصرها فيه من كل جانب أزمات الناس الاقتصادية بعد أن جعلوا لهم البحر طحينة، ثم عجزوا عن تحقيق أي شيء، وبان أن الإخوان على ضعف قوتهم وقلة حيلتهم وهوانهم على الناس كانوا أرحم منهم.



عبرحيم كشف دون أن يقصد عن خرافة حفاظ الجيش على الدولة، والعمل من أجل حماية الدولة، والتحالف ولو مع الشيطان من أجل الدولة، واختيار الدولة في مقابل اللادولة، كل هذه الخرافات قد تبددت .. والبركة في "عبرحيم".



الدولة الآن بكل أجهزتها تتحرك خارج الدولة وخارج القانون، وخارج أي نظام، وتقتحم كل الخصوصيات، وتعلن عن ذلك بمنتهى البجاحة، لا يهمها أحد ولا تلتفت لأحد، وهو ما لم نره طوال عام كامل حكمنا فيه الإخوان على كثرة مصائبهم، ولا أستبعد أن يكون الإخوان قد سجلوا لحمدين، وعمرو موسى، ولميس، والجميع، لكنهم لم يجترئوا على النشر، ذلك لأن النشر لم يكن ليعني وقتها سوى الانهيار الفعلي لكل ما يشكل مفهوم دولة القانون، أما الآن فقد بدا للجميع دون حاجة إلى "مناهدة" ووجع قلب أننا أمام دولة بلطجية، دولة "اللي يقدر على حاجة يعملها" دولة "هو احنا كده واللي عندك هاته" ..



دولة "عبرحيم" وشركاه ..



وعلى المتضرر اللجوء إلى الله ..



متشكرين يا عوبد .. يدوم أول دور ..

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -