على ما يبدو إننا كنا جاهلين إن التطور الطبيعي للأمور بياخد وقت ... أول الانقلاب كان فيه حرص غير عادي على السلمية، وكان المولوتوف بالنسبة لبعض المتظاهرين جريمة مينفعش نرتكبها. وافتكر إني لما قلت إن بوم فض رابعة المتظاهرين دافعوا عن نفسهم بكام زجاجة مولوتوف فيه ناس كتير من الإخوان طلبت مني أمسح الكلام ده علشان صورتهم متتشوهش
دلوقتي، حرق بوكسات الداخلية بزجاجات المولوتوف بقى وسام شرف على صدر كل مصري، والناس - وأنا منهم - بقت مبسوطة جداً بالموضوع ده، وسعيد إن أوساخ الداخلية بيتعمل فيهم كدة ... وشعار المرحلة أصبح: كل ما هو دون الرصاص الحي يعتبر سلمية ... لإن ده وسيلة دفاع عن النفس
مش كدة بس، من كام يوم، انتشر بوست فيه تهديد واضح لناصر العبد مدير مباحث الإسكندرية. هو شخص على ما متورط في جرائم قتل المتظاهرين. البوست كان فيه تهديد إننا عارفين اسم بنتك وبتدرس فين، ولو حابب يتعمل معاها السليمة هيتعمل، فبطل تقتل في الناس أحسن لك !
البوست ده كان فيه معارضة كبيرة جداً من المتظاهرين، لكن أنا على يقين إن بعد شوية وقت لو الداخلية استمرت في جرائمها الموضوع ده هيكون متقبل عند الناس.
إيه اللي تسبب في تغيير فكر الناس بين إمبارح والنهاردة؟!
الإجابة بوضوح: التجربة العملية ... الواقع اللي الناس عاشته ... التغيير التدريجي في الفكر اللي الناس بدأت تدرك معاه إنها بتتقتل وهتفضل تتقتل والداخلية مش هتبطل قتل ... والعسكر مش هيبطل قتل ... فالحل إيه؟! هنفضل نتقتل لحد إمتى؟! ... لحد ما الحكومة تخلص الحرب على الإرهاب ... تخلص علينا إحنا يعني ... لحد ما آخر واحد فينا يموت!! ... الحل إيه؟ نقعد في البيت ونقبل بالذل ونقول انهزمنا وخلاص؟
مجرد التفكير في إجابة عن السؤال ده هو اللي بيخلي قناعات الناس تتغير تدريجياً ... لإن الناس مش هتقبل تتقتل بالساهل وتقول هنحتسب عند ربنا وخلاص ... ده حل غير منطقي وغير بشري وميقولوش غير واحد قاعد في التكييف وبينظر وخلاص ... وفي نفس الوقت الناس عندها إيمان غير عادي بضرورة استمرار الثورة وإسقاط حكم العسكر !
بالتالي، بيبدأ الناس في اتخاذ وسائل دفاع عن النفس، سواء مولوتوف أو حتى خرطوش، أو حتى تهديدات واضحة لقيادات الداخلية الأوساخ ... وهيكون الصراع الجديد بالنسبة لهم هو إنهم يفضلوا ملتزمين بالسلمية لأقصى درجة ... السلمية في شعارها الجديد: ما هو دون الرصاص الحي فهو سلمية
الخوف إن الموضوع يتطور بشكل أشد ... واللي هيتسبب في تطوره هو ازدياد جرائم العسكر والداخلية تجاه المتظاهرين، ووقتها ممكن الموضوع يبدأ بشكل فردي ويتطور بعدها.
باختصار، لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه، ومع ازدياد جرائم الداخلية فقناعات الناس بتتغير ... بس بتاخد وقت لحد ما تشوف بعنيها إن ده الحل الوحيد ...
لو الموضوع تطور لمواجهات مسلحة، والبلد غرقت في سيناريو نيلسون مانديلا، فاعرفوا إن المتظاهرين مجرد رد فعل ضد عنف السلطة، زي ما كان نلسون مانديلا مجرد رد فعل ضد عنف أصحاب البشرة البيضاء !
مانديلا نفسه اقتنع بالعنف بعد سنوات من السليمة، لما اكتشف إنهم بيموتوا ببلاش ... زينا !
خلاصة الكلام ده إيه؟! ... محاولة لرصد التغير في السلوك الجماعي البشري ... وربنا يستر من اللي جاي !!
0 التعليقات:
Post a Comment