حالة من الارتباك تنتاب المستثمرين في ظل حالة عدم الاستقرار التي تشهدها البلاد، وأعمال العنف المتتالية التي يشهدها الشارع، ومؤسسات الدولة، ونتيجة مباشرة لذلك فقد شهدت الاستثمارات المالية للأجانب في أدوات الدين الحكومية تراجعًا بشكل كبير.
وكشف البنك المركزي في أحدث تقاريره بشأن استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية أن المستثمرين الأجانب سحبوا نحو 63 مليار جنيه بما يعادل 9 مليارات دولار خلال السنوات الثلاثة الماضية، وحتى الآن لتتراجع القيمة الإجمالية لاستثماراتهم من 64 مليار جنيه في نهاية 2010 إلى مليار جنيه فقط في نهاية أكتوبر 2013 .
وإضافة إلى ذلك فقد رأت بعض الشركات الأجنبية لاسيما الشركات التجارية أنه من الضرورة تقليص حجم الأعمال، لعدم وضوح الرؤية بالنسبة للسوق، وكان آخر هذه الشركات شركة "ماكرو التجارية" التي أعلنت خروجها من السوق بسبب عدم قدرتها على الاستمرار في ظل الاضطرابات التي تشهدها البلاد.
وقال خبراء اقتصاد ومسؤولون: إن الأوضاع أثرت بشكل كبير على حركة الاستثمار، في الفترة الأخيرة، وأشار محمد عبدالحليم، المحلل المصرفي بإدارة التخطيط في أحد البنوك التجارية، إلى أن حجم الاستثمارات التي تلقتها مصر طيلة السنوات الثلاثة الماضية لم تتجاوز الـ 9 مليارات دولار بمعدل 3 مليارات دولار كل عام.
وأوضح أن حجم الاستثمارات الأجنبية كانت تصل في المتوسط إلى 9 مليارات دولار سنويًا، وقد بلغت 11 مليار دولار في عام 2009 ، مشيرًا إلى أن المشكلات الخاصة بقوانين الاستثمار والنزاعات القضائية التي دبت بين الحكومة من جهة وعدد من المستثمرين العرب، من جهة أخرى بسبب مخالفات في العقود التي أبرمت في عهد مبارك، انعكس على تحركات المستثمرين بصفة عامة .
وألمح عبدالحليم إلى أنه من الضروري أن يتم تعديل قوانين الاستثمار، حتى تكون العقود الجديدة المبرمة مع المستثمرين بشأن تخصيص الأراضي، ورخص المشروعات متوافقة مع كافة الأحكام والتشريعات الدولية في هذا الشأن، إضافة إلى حفاظها على مقدرات ومصالح الوطن والعاملين بالمشروعات.
وذكر عبدالحليم أن أحد أهم توابع خروج الاستثمارات من مصر تراجع احتياطي النقد الأجنبي إلى 17 مليار دولار حاليًا مقارنة بنحو 36 مليار دولار، يضاف إلى ذلك ارتفاع معدلات البطالة التي سجلت نحو 13.5%.
وفيما يتعلق بمشكلة مجموعة ماكرو التي أعلنت انهاء إجراءات تصفية أعمالها في مصر، قبل أيام رغم أن تواجدها في السوق المصري لم يتجاوز 4 سنوات فقط، أوضح خالد حنفي، رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية بوزارة الصناعة والتجارة، ان الحكومة لم تنفذ ما وعدت به الشركة، وهو ما أدى إلى خروج الشركة من السوق.
وأوضح أن أهم الشركة تلقت وعودًا من الحكومة تتعلق بالحصول على موافقات بإنشاء فروع لها في مواقع محددة ، وهو ما تأخر بسبب المعوقات الإدارية التي لمستها الشركة في تعاملها وفيما يتعلق بالتراخيص أو إنهاء أي إجراءات فضلا عن تعاقب الحكومات، والمشاكل الأمنية التي أدت إلى تعرض فرع الشركة بمدينة السلام إلى السطو، والسرقة عقب ثورة 25 يناير.
وشدد حنفي أن الحكومة الحالية، لابد أن تعمل على إعادة الثقة إلى المستثمرين من جديد والنظر بجدية إلى توفير متطلباتهم للتوسع داخل السوق المصري، ومنح حوافز جاذبة للاستثمارات الوافدة في تلك المرحلة.
وتعد مجموعة "ماكرو" العالمية إحدى الشركات التابعة لمجموعة "مترو كاش أند كارى"، وكانت تنوى ضخ استثمارات في مجال تجارة الجملة بإقامة 20 متجرًا ضخما في أنحاء متفرقة في مصر بتكلفة 20 مليون يورو وللمتجر الواحد، وكان فرع مدينة السلام يخدم نحو 186 ألف تاجر تجزئة، بالإضافة إلى متجر القليوبية الذى يخدم 136 ألف تاجر.
مصر العربية

0 التعليقات:
Post a Comment