الدولة الوطنية والجيش الوطني بمفهومه القومي القديم انتهى مع توسع العولمة الاقتصادية والثقافية .. وما يتم حاليا في دول العالم الثالث توظيف الصيغ الوطنية القديمة لتركيع الشعوب ودمجها في منظومات العولمة الثقافية والاقتصادية ..
كثيرون يظنون السيسي ينطلق من خلفية قومية وناصرية أحيانا ومن صيغة دولة الستينات ، والحقيقة أن السيسي هو ابن مرحلة العولمة الثقافية والاقتصادية وابن منظومة الاقتصاد "النيوليبرالي" ، ويتولى منذ قدم مهمة دمج أهم جيوش المنطقة في منظومة الحرب الأمريكية الجديدة والانتقال بصيغته من صيغة جيش الدولة ذو الوظيفة المحددة جغرافيا كحماية الحدود وتأمين المعابر إلى جيش "وظيفي" ..
هذا الجيش الوظيفي ينتقل بعقيدته من مركزية "الدور الحربي" إلى مستويات عليا من الدور السياسي ليس المحلى فقط كما كان في السابق بل والإقليمي ويتولى عملية الانتقال من صيغة الحماية من العدو "الطبيعي" كجيوش دول أخرى كإسرائيل وغيرها .. إلى مواجهة مابعد الدول كما يدعون وحروب الوهم المتمثلة في حروب الإرهاب والعدو المتجاوز للحدود ..
كما ينتقل السيسي بالجيش ومعه الدولة نحو الصيغة العولمية الكاملة مستخدما الدعاية "الوطنية" والصيغة الوطنية ، وتصرخ خلفه آلاف الحناجر متوهمة هذا الدور الوطني المنطلق من نظرية الامن القومي المصري .. لكن الحقيقة أن هناك عمليات دمج كبرى تتم الآن بداية من تحويل وظيفة الجيش بشكل كامل وللأبد .. العملية التي بدأت في عصر السادات بتحويله لمنظومة اقتصادية وتنتهي في عهد السيسي بتحويله لكيان وظيفي داخل خريطة اقتصاديات العولمة الأمريكية ..
عملية الدمج سوف تطال هيكلة الاقتصاد المصري نحو مزيد من التبعية الكاملة يشرف عليها بشكل كامل قوة الجيش وسلاحه لمنع الانتفاضات والهبات الشعبية المتضررة من مثل تلك العمليات في بدايتها .. كما سيلعب الجيش كوسيط أساسي في عملية تحويل صيغة العدو داخل المنطقة بأسرها من إسرائيل كخصم دخيل .. إلى دولة شريك في الحرب على الإرهاب ..
الإرهاب وهو العدو الجديد .. المتمقل في التنظيمات الإسلامية السنية التي يتم فرض صيغة تقارب قهرية عليها لكي تتخندق في خندق واحد ليس على مستوى الدول ولا على مستوى مصر فحسب .. و لكن على مستوى الاقليم بأسره ، هذه العملية مرصود لها من الوقت 10 سنوات لإعادة تشكيل المنطقة سياسيا وجغرافيا ..
وبالتالي تصبح صيغة الجيوش والدول الوطنية مجرد شعارات "زائفة" و دعائية لفرض مشروع هو بالأساس مضاد للصيغة الوطنية القديمة تماما ويفكك الدولة نفسها لصالح مشروع النيوليبرالية العالمي الحالي ..

0 التعليقات:
Post a Comment