خلال النصف الأول من عهد الانقلاب ، فى الفترة من شهر يوليو الى ديسمبر من العام الماضى ، بلغ اجمالى موارد الموازنة الحكومية نحو 175 مليار جنيه ، بينما بلغت مصروفات الموازنة 262 مليار جنيه ، ليصل العجز الكلى بالموازنة 89 مليار جنيه خلال نصف عام .

والمعروف أن ايرادات الموازنة قد تضمنت منحا بنحو 37 مليار جنيه ، جاء منها حوالى 30 مليار جنيه من خلال وديعة حرب الخليج التى تم تسييلها ، وسبع مليارات تمثل قيمة المنحة النقدية الاماراتية البالغة 1 مليار دولار .

كما تضمنت الايرادات أكثر من 9 مليار جنيه من الصناديق الخاصة بالمحافظات والوزارات المختلفة ، وذلك بعد رفع الحكومة النسبة التى تحصل عليها من تلك الصناديق .

ويتبين مما سبق أنها موارد غير مضمون استمرارها ، بينما كان النصيب الأكبر والمعتاد من الايرادات ، من حصيلة الضرائب بأنواعها من ضرائب على الدخل وعلى المبيعات والجمارك وغيرها ، وهى الحصيلة التى انخفضت بنحو سبع مليارات من الجنيهات عن نفس الفترة من العام المالى السابق ، بسبب ظروف الركود والاضطراب بالأسواق المصاحب للانقلاب .

وحتى مبلغ 89 مليار جنيه لا يمثل حقيقة العجز بالموازنة ، حيث هناك أيضا الباب الثامن بالمصروفات والمتمثل فى أقساط الديون المحلية والخارجية ، والبالغة 74 مليار جنيه خلال نصف العام ، ليصل الفارق بين ايرادات ومصروفات الموازنة الى 163 مليار جنيه خلال ستة أشهر .

- وتلجأ الحكومة عادة الى عدة وسائل لتغطية هذا العجز ، حيث قامت بزيادة أرصدة سندات الخزانة الحكومية بنحو 45 مليار جنيه خلال نصف عام، كذلك قامت بزيادة أرصدة أذون الخزانة بنحو 33 مليار جنيه خلال نصف عام ، وقامت بالاقتراض من البنوك بنحو 37 مليار جنيه خلال خمسة أشهر حسب آخر بيانات معلنة ، كما قامت بطبع نقود بنحو 5ر6 مليار جنيه خلال خمسة أشهر .

وهكذا زاد الدين المحلى الإجمالى بنحو 102 مليار جنيه خلال نصف عام ليصل الى 1546 مليار جنيه ، كما زادت الديون الخارجية بنحو 6ر2 مليار دولار خلال نصف عام لتصل الى 8ر45 مليار دولار .

رغم المنح والقروض التى حصلت عليها حكومة الانقلاب من دول الخليج الثلاث الامارات والسعودية والكويت والبالغة 7 مليار دولار ، الى جانب منتجات بترولية وبترول خام بنحو أربع مليارات دولار كان سيتم استيرادها فى حالة عدم ورودها من دول الخليج مجانا .

- وهكذا بلغ اجمالى الدين العام المحلى والخارجى بنهاية العام الماضى 1867 مليار جنيه، وبالطبع فإن هذا الدين الضخم له أعباؤه على الموازنة من خلال تكلفة الفوائد عليه وأقساط سداده .

وهى الفوائد التى بلغت قيمتها حوالى 70 مليار جنيه خلال النصف الأول من عمر الانقلاب ، والأقساط التى بلغت قيمتها حوالى 74 مليار جنيه ، باجمالى 143 مليار جنيه للفوائد والأقساط خلال نصف عام .

وبافتراض بلوغ قيمة تكلفة الدين خلال النصف الثانى من العام المالى الحالى والممتد من يناير الى نهاية يونيو بنفس القيمة ، ستصل تكلفة الدين الى 286 مليار جنيه خلال العام المالى ، رغم أنه من الطبيعى مع استمرار اصدار أذون وسندات الحكومة والاقتراض ، ستزيد قيمة الدين مما يزيد معه من تكلفة فوائده وأقساطه .

وعندما نقارن قيمة تكلفة الدين المفترضة خلال العام المالى والبالغة 286 مليار جنيه ، كمبالغ لا يستفيد المواطنين منها شيئا بالمرة ، بمخصصات الأجور بالموازنة والبالغة 174 مليار جنيه لأكثر من خمسة ملايين موظف .

أو مخصصات دعم المنتجات البترولية البالغة مائة مليار جنيه ، أو بمخصصات دعم السلع التموينية من سكر وزيت وخبز وأرز ، والبالغة 31 مليار جنيه لنحو أكثر من 18 مليون بطاقة تموينية .


وهنا يتضح كم المبالغ المهدرة بالموازنة بلا عائد مباشر على المواطنين ، والتى دفعت الحكومة لتخصيص 64 مليار جنيه فقط للاستثمارات الحكومية ، والتى زادت مع حزمة التنشيط القادمة من الوديعة الخليجية لتصل الى 5ر79 مليار جنيه .


وهى الاستثمارات التى تتجه لمشروعات البنية الأساسية من مياه شرب وصرف صحى وطرق وكبارى وكهرباء ومستشفيات ومدارس ، وهى مبالغ لا تكفى الاحتياجيات الجماهيرية المؤجلة منذ سنوات طويلة ، مما يطيل من فترات تنفيذ المشروعات الخدمية فى أنحاء البلاد ، وبالتالى استمرار تدهور المستوى الصحى والتعليمى والخدمى لسنوات أطول .


كما يتسبب المأزق الذى تجد الحكومة نفسها به بسبب عجز الموازنة ، فى صعوبة اقدامها على تحسين أجور الموظفين أو توفير المبالغ الكافية لصيانة المبانى الحكومية والأثاث والتجهيزات المكتبية لاستقبال المواطنين وأداء الخدمات لهم ، وكذلك صعوبة تدبير الاعتمادات المناسبة للمستلزمات الطبية بالمستشفيات الحكومية ، فيظل المواطن البسيط مطالبا بشراء المستلزمات الطبية بنفسه .


كذلك لا تستطيع الحكومة رفع قيمة المعاشات بالقيمة التى تكفل الحياة الكريمة لأصحاب المعاشات، أو رفع قيمة معاش السادات المتدنية ، أو قيمة معاشات الضمان الاجتماعى الضئيلة وكذلك امكانية زيادة عدد المستفيدين منه ، ونفس الأمر لمعاش الطفل الضئيل .


كما لا تستطيع توفير المبالغ المناسبة للتأمين الصحى على الطلاب حيث خصصت 240 مليون جنيه للتأمين الصحى على الطلاب البالغ عددهم أكثر من 18 مليون طالب خلال العام الدراسى بأكمله .


ونفس الأمر لتنمية الصعيد الذى يسكنه نحو 32 مليون شخص والمخصص له كدعم سنوى 600 مليون جنيه ، أو التوسع فى دعم المناطق الصناعية بالمحافظات والمخصص لها 400 مليون جنيه ، أو زيادة مخصصات دعم الأدوية وألبان الأطفال البالغ دعمها خلال العام 300 مليون جنيه فقط ، لبلد يعيش به 86 مليون نسمه وتبلغ نسبة الفقراء به 26 % من السكان أى 23 مليون شخص .


- ولنا أن نتخيل حالة عدم وجود عجز بالموازنة ، وعدم الحاجة لتخصيص مبالغ لفوائد الدين الحكومى وأقساط بنحو 286 مليار خلال عام واحد ، وحجم المشروعات والتيسيرات التى كان يمكن القيام بها بتلك المبالغ الضخمة ، للتخفيف من معاناة المصريين .


والتى يتوقع أن تستمر فى ضوء استمرار وتنامى حجم العجز بالموازنة وحجم الدين العام خلال الفترة القادمة والاستمرار لعدة سنوات قادمة فى تلك الدوامة مهما حدث من تعديل وزارى أو معونات خليجية .

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -