اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن السياسة الخارجية الأمريكية ليست واقعية و"قائمة على الخيال"، في عالم ترى فيه الصين وروسيا أن التهديد واستخدام "سياسة العصا" هو الحل.
فقد فشلت واشنطن في معالجة كافة القضايا التي دعمتها، لاسيما الأزمة السورية، والآن تواجه الفشل في معالجة الأزمة الأوكرانية المتفاقمة أيضًا، وفقًا للصحيفة.
ويرى أوباما أن سياسة الغزو واستخدام القوة الغاشمة وألعاب القوى العظمى وتغيير التحالفات جميعها أصبحت شيئًا من الماضي، وأن العقلانية تنحصر في النظر إلى مصالح الشعب والعالم هو المستقبل.
وانطلاقًا من تلك الرؤيا يعتقد أوباما أن "تيار الحرب آخذ في الانحسار"، والولايات المتحدة يمكنها تقليص حجم قواتها المسلحة بشكل جذري.
وترى الصحيفة أن هذا المنظور "غير الواقعي" عبر عن نفسه بوضوح في تعليق وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على الغزو الروسي لجارتها أوكرانيا حينما قال: "روسيا تتصرف بأسلوب القرن الـ 19 بينما نحن في القرن الـ "21".
وبشيء من السخرية قالت الصحيفة: "ولسوء الحظ، لا يتصرف كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولا الرئيس الصيني شي جين بينج بسلوك القرن الـ21، حيث تدخلت القوات الروسية في شبه جزيرة القرم بجنوب أوكرانيا فيما يشبه الغزو الروسي لأوكرانيا".
ومضت تقول: "كما أن الصين تشارك في دبلوماسية التهديد بالسفن الحربية ضد اليابان والدول الضعيفة في جنوب شرق آسيا، إضافة إلى أن الرئيس الروسي بشار الأسد يواصل الحرب الشرسة ضد شعبه دون هوادة".
هؤلاء الرؤساء لن يردعهم مجرد الاستنكار أو الرفض من قبل نظرائهم الرؤساء العالميين، لأنهم لا يهم في المقام الأول إلا الحفاظ على كراسيهم بأي ثمن.
ولفتت الصحيفة إلى أن الرئيس أوباما ليس مسؤولا عن سوء تصرف الدول الأخرى، لكنه بإمكانه لعب دور رائد في تحميل تلك الدول تكلفة وعبء سوء تصرفها.
وذكرت بالتدخل العسكري الروسي في جورجيا عام 2008، مشيرة إلى أن مروره بدون عقاب، كان سببًا في تشجيع بوتين على أن يعيد الكرة هذه المرة في أوكرانيا.
وبالرغم من أن أجزاء من جورجيا لا تزال تحت السيطرة الروسية، إلا أن العالم سمح لروسيا باستضافة دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية في سوتشي.
تجربة أخرى تعرج عليها "واشنطن بوست" وهي قيام الصين بترهيب الفلبينيين، وإعلانها من تلقاء نفسها السيطرة على مساحات شاسعة من المجال الجوي الدولي والممرات البحرية؛ ما تسبب في توتر جيرانها الذين يحتاجون للولايات المتحدة بشدة لإحداث توازن في المنطقة.
لكن- وبحسب الصحيفة- فإن تلك الدول لا يمكنها الاعتماد على الولايات ا لمتحدة، لأن الرئيس السوري بشار الأسد تخطى الحدود الحمراء التي وضعها الرئيس أوباما، بهجومه بالأسلحة الكيماوية على السوريين، ما أسفر عن 1400 مدني، دون أن يتحمل الأسد تكلفة ما فعله.
وقالت الصحيفة: "إن حض الرئيس أوباما روسيا على سحب قواتها من شبه جزيرة القرم والتركيز على بناء الأمة الأوكرانية، ليس شيئا جديدًا، حيث أشار السفير الأمريكي السابق ستيفن سيستانوفيتش إلى أن الولايات المتحدة استخدمت تلك السياسات والدعوات خلال حرب كوريا وفيتنام وعند انهيار الاتحاد السوفيتي.
لكن الولايات المتحدة تكتشف في كل مرة أن العالم يصبح أكثر خطورة بدون قيادتها وتدخلها، وأن الاضطرابات في العالم يمكن أن تهدد رفاهية شعب أمريكا، غير إن الرئيس أوباما لا يحبذ تحميل سياسته طابعا عنيفا، ويلجأ بدلا من ذلك إلى سلوك حكيم غير موجودة في العالم الحالي.
وأكدت أن الرئيس الروسي عندما يفكر في تحريك مزيد من القوات إلى أوكرانيا، فإنه يكون قد قاس أولاً خطورة ردود الفعل المتوقعة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها على أرض الواقع، وليس التصريحات.
وبالمثل تأمل الصين في اتخاذ خطوات تالية في بحر الصين الشرقي، وهي أيضًا تقيس ردود الفعل الأمريكية على أرض الواقع، وليس التصريحات. وختمت الصحيفة بالقول: "وللأسف هذه هي طبيعة القرن الذي نعيش فيه".
مصر العربية
0 التعليقات:
Post a Comment