فى 21 يوليو 2008 اقتحمت قوة من أمن الدولة منزل المدون محمد رفعت طالب كلية الإعلام لاعتقاله بلا تهمة واضحة، انضمت قضيته إعلاميا إلى شباب 6 إبريل الذين قبض عليهم فى الأسكندرية يوم 23 يولو، تم إصدار قرار بإخلاء سبيل المجموعة يوم 17 أغسطس إلا أن رفعت تم اعقتاله فى نفس اليوم بموجب قانون الطوارىء واحتُجز فى لاظوغلى وأعيد التحقيق معه وتحويله مرة أخرى لنيابة أمن الدولة العليا
لم يتم الإفراج عن محمد رفعت إلى فى 1 أكتوبر من نفس العام بعد أن قضى أكثر من ثلاثة أشهر خلف القضبان بتهم معهودة ومعروفة سابقا كالانضمام لجماعة محظورة أسست على خلاف أحكام الدستور وحيازة مطبوعات لها لتوزيعها على شبكة "الإنترنت"، لكن كل ذلك لم يفسر لنا لماذا تم اعتقاله والتجديد له رغم أنه لم يشارك فى أى أحداث احتجاجية ملفتة !
فسر لى صديقى رفعت بعد أن خرج سر دهشتنا، كان الموضوع ببساطة متعلق بحدث "إيفنت" أنشأه على الفيسبوك منذ أيام قبل الاعتقال بعنوان "اليوم العالمى للبصق على حسنى مبارك" .. ورغم أن محمد ألغاه بعدها بيوم أو يومين إلا أن الضابط القابع خلف الشاشات يراقب الشبكات قرر أن ذلك تجاوزا غير مسبوق، وأن عليه تأديب ذلك الشاب .. لقد كانت هذه الجملة فقط كفيلة بحبسه ولولا الضجة الإعلامية غير المسبوقة من أصدقاءه وعائلته لربما لم يخرج صديقنا إلا بعد سنوات !
......
فى 6إبريل 2009 وقف ذلك الرجل العجوز أسمر الوجه أبيض الشعر متواضع الهيئة يعلق فى رقبته حبل ينتهى بعصا خشبية مثبت عليها علم فلسطين ومكتوب على العلم عبارة بليغة رأيناه ورأيناها بعد ذلك وقبل ذلك أيضا عشرات المرات : أصحاب الجلالة والفخامة والسمو .. اتفو
.......
فى نهايات 2009 بحثت فى مجموعات "الفيسبوك" عن المجموعات التى تحمل اسم "حسنى مبارك" لقياس مدى انتشار النقد العلنى، ومدى إقبال الشباب على الاشتراك فى هذه المجموعات – لم يكن تطبيق الصفحات fanpage موجودا بعد – وكنت أدير مجموعة اسمها "ضد مواقف مبارك مع إسرائيل" ووجدت حوالى عشر مجموعات بنفس المعنى، وحوالى خمسة تنعت مبارك فى تركيبات مختلفة بأنه "كلب" وثلاثة فقط تسبه بسبابات ذات إيجاء جنسى !
السبب الذى رصدته خلف هذه الظاهرة ساعتها – من خلال مشاركات الأعضاء فى هذه المجموعات – كان حصار غزة، ثم الدماء التى سالت فى حرب غزة أواخر 2009، حيث بدى للعيان أن حسنى مبارك ساعتها هو شريك رئيسى فى دماء الفلسطينيين
.......
فى نهاية أغسطس 2005 خلع الزعيم "جاكيت" البدلة، أحكم سبغة شعره، وربطة عنقه، وظهر بخلفية حديقة جديدة خضراء فى قلب القاهرة ليفاجىء الجميع بإعلان ترشحه المرتقب بين الآلاف من أنصاره ..
بعدها بيومين كان العشرات من الشباب يتم سحلهم فى عدد من الشوارع المؤدية إلى ميدان التحرير بشكل غير مسبوق والاعتقالات بالجملة وسط هتافات كفاية "يسقط يسقط .. حسنى مبارك"، وقفت ناشطة شابة وخلعت "التى شيرت" الخاص بها عندما رأت بوادر اعتداءات وتحرشات على غرار اعتداء الأربعاء الأسود على سلالم نقابة الصحفيين فى 25 مايو من العام نفسه، استشاط مدير أمن القاهرة - الذى كان يشرف بنفسه على فض التظاهرات – غيظا، وأمر الجنود بالابتعاد عنهم، خوفا من الفضيحة إن اقترب منها أحد أمام عدسات الكاميرا المنتشرة فى المكان !
......
فى مارس 2014 كان الزعيم المرتقب الجديد اسمه منتشر فى الشوارع وعلى اللافتات وفى صفحات الإنترنت، اسمه شائع ومنتشر جدا، يُسبق ببعض عبارات المديح، وأيضا ببعض السباب الخارج، على أحد حوائط محطة مترو السيدة زينب و على سور مدخل طريق الأسكندرية الزراعى وعلى زجاج الدور الثانى من سلم عمارتنا عبارات مكتوب عليها إهانات للزعيم وللسيدة والدته أفلتت من التشويه، ولم تطلها فرشاة الدهان بعدُ، بينما هو منشغل بتحضير خطاب ترشحه .. لم أتخيل ساعتها كيف يمكن لمثله أن يتقدم هذه الخطوة بينما هذه مؤشرات سبه فى العلن ما زالت على كل هذه الجدران !
........
فى ليلة ترشح الزعيم المرتقب، خلع بدلته وغسل يديه من تلك الدماء المتواصلة، التى بدأت فى فجر 8 يوليو 2013، ها هى آخر نقطة دم يحاول محوها .. تلك التى من ساعات فقط على وجه حسام الذى يقبع فى غرفة العمليات لإجراء جراحة إثر رصاصة فى الرأس أحدثت نزيف فى المخ وكسر فى الجمجة .. جلس وراءه منظر لحديقة خلابة، كحل عينيه، وهذب صوته، وانطلق يعلن للشعب انصياعه لهم ..
فى نفس تلك الليلة ، كان ضابط أمن الدولة الذى حقق مع محمد رفعت منذ سنوات بسبب "بصقته" يجلس ممتقع الوجه خلف مكتبه فى الدور الثالث من لاظوغلى، يقلب فى الملف الذى وضع لتوه على مكتبه حيث تشير الإحصاءات إلى أن خلال ست ساعات فقط من إعلان ترشح الزعيم الجديد كان هناك 4 ونصف مليون حساب إلكترونى يشارك أصحابها فى حفلة سب جماعى حقيقية له على صفحات التواصل الاجتماعى، احتفاء بانطلاق الحملة الانتخابية لسيادته .. وبدون أن يتجشم أحدهم عناء تدشين حدث ما، استحق اليوم اللقب عن جدارة : اليوم العالمى لسب الزعيم !
مصر العربية
0 التعليقات:
Post a Comment