يحدد قائد عسكري لشعبه الذي يقهره تاريخ وصول الديموقراطية فلتعلم أنها لن تصل أبدا طالما هو موجود.. فهو يعطيك تاريخا بعيدا سيكون عندها قد بلغ الخامسة والثمانين.. تقريبا كعمر مبارك وهو يتنحى عن السلطة..
وعندما يصرّح بأن الشعب المقهور والشباب المهدور غير مستعد للديموقراطية ، فهو إنما يُرسل لهم بصراحة أن لا تأملوا فيها.. فأنا قدركم..
وعندما يخرج بعض أصحاب الياقات البيضاء من النخب المهترأة ليبرر أن مصر لم تعرف الديموقراطية فليس عليك إلا أن تغلق التلفاز في وجهه البارد..
لأن بلدك مصر بدأت ديموقراطيتها منذ مائة وخمسين سنة.. فتأسس برلمان.. ثم قامت حركة وطنية هائلة منحت البرلمان حق الرقابة على الميزانية ، وطرد ممثلي الدول الكبري في وزارة الخديو وشكلت جمعية وطنية وضعت واحدا من أفضل دساتير العالم وقتها.. دستور 1882.
جاء الانكليز ليخبروك أنك غير مستعد للديموقراطية.. فعطّلوا الدستور وحلوا مجلس شورى النواب وعيّنوا حاكما عسكريا للبلاد وأعطونا وعدا أن الحرية بعد الحرب العالمية (25 سنة من الاحتلال وتعطيل الدستور)..
مرّ الربع قرن ولم يف الاحتلال بوعده.. ككل احتلال.. فهبّ الشعب.. فلاحوه وأفنديوه.. مسلموه ومسيحيوه.. مدنيوه وأزهريوه.. أربع سنوات من التظاهرات المتواصلة حاربها الإنجليز والقضاء.. والقصر والأزهر.. والحكومة والمؤسسات.. لكنها فرضت العودة للطريق الديموقراطي.. بعد أن دفع الشعب دماء غزيرة..
بعد استعادة المسار الديموقراطي.. انحسر الاحتلال إلى مدن القناة.. وتمصّر الاقتصاد ونهض بمعدلات خرافية.. ولم نصل لسنة 1940 إلا وقد أصبح الاقتصاد المصري واحدا من أفضل اقتصادات العالم..
ثم جاءت حركة الجيش 1952 لتقول لك.. يكفيك اتفاقية الجلاء مع الانجليز مقابل أن نتخلى عن السودان.. أما الديموقراطية فانتظر 25 سنة لأنك غير مؤهل لها..
طريقا من الأشواك مشيته.. هزائم وانكسارات.. تراجع اقتصادي مذهل أوصلنا للإفلاس سنة 1969.. ثم جاء الدستور الدائم 1971 ليعلن لك أنك لا تستحق من الديموقراطية إلا قشرة بسيطة ، وعليك أن تنتظر 25 سنة أخرى..
قضى السادات وجاء مبارك.. ليقول أننا سنسير في طريق الديموقراطية.. واحدة وحدة.. فإذا بمساحة الحرية تتآكل من الثمانينات إلى التسعينات.. وإذا بتغول الفساد والاستبداد.. ليخرج الشعب ثائرا بعد 30 سنة أخرى.. مسلموه ومسحيوه.. ليبراليوه وإسلاميوه.. فقرر اللوبي الذي يحكم البلاد أن ينحني لريح الثورة حتى إذا ضعف تيارها وتراجع زخمها.. انقلبوا على أول رئيس منتخب في تاريخنا ليصعد قائد الانقلاب على منصة بين شيخ الأزهر وبابا الكنيسة وشيخ الليبرالية وزعيم اليسار.. ليقول: لاااااااا انتم لا تستحقون الديموقراطية.. انتظروا 25 سنة أخرى..
كيف يرد الأحرر على هؤلاء المستخفين بهذا الشعب..أم نترك المباراة مستمرة للجيل القادم؟؟!
0 التعليقات:
Post a Comment