فى ٢٠٠٣، غزت القوات الأمريكية العراق فى ظل تواطؤ الغرب والعرب والجماعة الدولية (خديعة الأسلحة النووية العراقية) وأسقطت نظام صدام حسين وقضت على الجيش العراقى وفككت مؤسسات الدولة وقدمتها جائزة للنفوذ الإيرانى الذى أراد ومازال عراقا ضعيفا ولسيطرة القوى الطائفية والمذهبية التى جعلت من الحكم والسلطة والسياسة وسائل للانتقام/لانتهاك الحقوق والحريات /للإقصاء وللاستتباع/ للقضاء على وجود العراق كوطن والتمهيد لانفصال أقاليمه.
فى ٢٠٠٣، غزت القوات الأمريكية العراق وسط ترحيب العراقيين الشيعة والأكراد الذين أرهقهم استبداد وعنف صدام حسين لعقود طويلة وسلاحه الكيماوى الذى لم يتورع عن استخدامه فى الداخل ومعاول الهدم التى أعملها فى تماسك المجتمع المتنوع وسلمه الأهلى، وزيفت وعيهم القوى الطائفية والمذهبية وأصوات المراجع الدينية التى خرجت من إيران وحركات معارضة كارثية تمركزت فى الخارج وروجت لديمقراطية ستأتى بها الدبابات الأمريكية وما كان الهدف إلا تفتيت العراق وتفكيك دولته وتمكين الطائفيين والمذهبيين من الحكم وترك موارده الطبيعية وموقعه الاستراتيجى لتنازع القوى الإقليمية والدولية ومسرحا لصراعاتها.
فى ٢٠٠٣، غزت القوات الأمريكية العراق فى ظل تأييد بعض دول مجلس التعاون الخليجى التى رغبت بدعمها الدائم للسياسات الأمريكية وبقصر نظر كارثى فى التخلص من الديكتاتور العراقى وجيشه ومغامراته الإقليمية عبر غزو واحتلال أمريكيين ولم تفكر كثيرا فى مآلات الحكم والسلطة والسياسة بعد إسقاط صدام حسين ولا فى النفوذ الإيرانى الذى لم يكن له إلا أن يتمدد ولا فى تفجر الصراعات الطائفية والمذهبية التى ما كان لها إلا أن تتمدد فى الجوار ولا فى الفراغ الأمنى الذى كان حتما سيجتذب التنظيمات المتطرفة وشبكات العنف.
فى ٢٠٠٣، غزت القوات الأمريكية العراق وصمتت الدول العربية غير الخليجية وعطلت جامعة الدول العربية وابتعد نظام الرئيس الأسبق مبارك عن مشهد غزو واحتلال العراق وسقوط بغداد وتفكيك مؤسسات الدولة العراقية وتنامى الطائفية والمذهبية وكأن الأمر الجلل لا يعنيه من قريب أو بعيد، وظهر جليا الانفصال بين منظومة الحكم المباركية وبين القطاعات الشعبية المصرية التى رفضت الغزو الأمريكى والتأييد الخليجى وأدركت بوعى أن دبابات الأمريكيين لن تأتى لا بديمقراطية ولا بحرية ولن تفعل إلا إزاحة الديكتاتور وترك العراق فريسة لتكالب المصالح.
فى ٢٠٠٣، غزت القوات الأمريكية العراق وفى غضون أشهر قليلة كان تفكيك الجيش ومؤسسات الدولة قد تم وسيطرة الطائفيين والمذهبيين قد بدأت والنفوذ الإيرانى قد تنامى ومستنقع الدماء والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان والإرهاب وتورط الأمريكيين والتنظيمات المتطرفة فى كل هذا ظهر بوضوح كارثى، ومع ذلك لم تفعل نظم الحكم فى العالم العربى شيئا يذكر لإنقاذ العراق ولحماية مجتمعاتها وشعوبها بمنظومة أمن عربية، كما أنها لم تفعل شيئا يذكر لحماية جبهاتها الداخلية بإجراءات ديمقراطية وشراكة وطنية حقيقية وتنمية مستدامة تدمج ولا تقصى.
واليوم، والعراق يزج به بحكومة المالكى الطائفية والنفوذ الإيرانى المدمر وداعش الدموية والصمت العربى المستمر إلى مستنقع دماء وعنف وانتهاكات وإرهاب جديد، والجوار المباشر لنا يواجهنا بأوطان تتفتت ودول تتفكك من ليبيا إلى سوريا، يصبح لزاما علينا أن ندافع عن تماسك الدولة المصرية وعن أدوار مؤسساتها العسكرية والأمنية والمدنية وهى تدافع عن الأمن القومى وأن نطالبها ونطالب منظومة الحكم / السلطة فى ذات الوقت بأن يدركوا أن البناء الديمقراطى واحترام الحقوق والحريات وسيادة القانون وتحقيق السلم الأهلى تشكل معا مقومات أساسية لفاعلية الدفاع عن الأمن القومى وتحصين الجبهة الداخلية بالديمقراطية فى إقليم شديد الاضطراب تتكالب عليه القوى الطائفية والمذهبية وتنظيمات التطرف ومعاول تفتيت الدول الوطنية ومصالح الأطراف الدولية.
0 التعليقات:
Post a Comment