فى صباح كل يوم، يخرج العشرات من أهالى قرية البطاطخة التى تبعد كيلومترات قليلة عن مدينة قنا، بحثا عن «جركن» مياه نظيفة فى إحدى القرى القريبة، فيبدو خروجهم أقرب إلى رحلة جماعية، وبينما كان حمدى أحمد، ذو الـ18 سنة، يستقل «توك توك» فى طريقه للبحث عن المياه، استوقفته سيدة عجوز، طالبة منه بأن يملأ لها «جركنا».
وبصوت خافت، قالت السيدة لـ«الشروق»، «والله يا ولدى لم أشرب مياه من الحنفية منذ 10 أيام، ويوميا أبحث عمن يملأ لى جركن مياه نظيفة، فهى مالحة، ورائحتها كريهة، والله تعبنا»، بهذه الكلمات البسيطة، عبرت السيدة عن معاناة قريتها، وباقى المناطق التابعة لـ«الأشراف البحرية، التى تعانى من ارتفاع نسبة الملوحة فى المياه، ما يهددهم بالإصابة بالفشل الكلوى، وأمراض وبائية أخرى.
وتثير أزمة المياه فى القرية حالة من الغضب بين الأهالى، الذين يبحثون يوميا عن قطرة المياه النظيفة دون جدوى، يقول أحد أهالى القرية، ويدعى ناصر عبدالرحيم، «نعيش حالة من العزلة بسبب مشكلة المياه، ورغم أننا طرقنا كل أبواب المسئولين، إلا أن المشكلة تواصلت، ولم يسمع أحد استغاثتنا، ما أصاب الأهالى باليأس والإحباط، خاصة مع ما سببته أزمة المياه من أضرار صحية لنا ولأطفالنا». وأضاف «حل المشكلة غير مكلف للدولة، فهناك خط مياه نظيف يمر أمام القرية، ويقوم بتغذية إحدى القرى المجاورة، بالإضافة إلى مرشح خاص بها أمام قريتنا، وحينما أرسلنا شكاوى لشركة المياه، وتوجهنا للمسئولين، أخبرونا بأنهم سيحلون المشكلة، لكن مر عام على هذه الوعود دون أن تتحقق».
من جهته، يقول عصام أحمد، من أهالى القرية، «طوال تاريخ القرية، لم يقم مسئول واحد بزيارتنا للتعرف على مشاكلنا، فنحن نعانى من مشاكل مياه الشرب، وعدم وجود صرف صحى، بالإضافة إلى أن ارتفاع معدلات البطالة، والزراعة هى المصدر الوحيد للعيش بالنسبة لنا، ومع ذلك كل ما نطلبه هو مياه نظيفة، وليس شيئا آخر».
أما محمد منصور، من أهالى القرية، فيقول «يوميا يتوجه الشباب أو الأطفال لجلب احتياجات الاهالى من المياه، باستخدام توك توك أو موتوسيكل، بينما يشرب عدد آخر من الأهالى مياها من ترعة مليئة بالحيوانات النافقة، كما يلقى فيها أهالى القرية المجاورة مياه الصرف الصحى الخاصة بهم، نظرا لعدم وجود شبكات للصرف».
وأضاف «معظم الأهالى هجروا القرية بسبب ضعف الخدمات، ونزحوا إلى المدينة بأعداد كبيرة، أما الباقون فمازالوا يتجمعون، وهم يحملون فى أيديهم جراكن فارغة، لملئها بالمياه النظيفة، ويناشدون الرئيس عبدالفتاح السيسى بالتدخل لإنقاذهم، فأصوات القرية بالكامل كانت من نصيبه، لذلك نأمل فى أن يتدخل لحل مشكلة المياه على الأقل»
الشروق
0 التعليقات:
Post a Comment