نشرت صحيفة" هآرتس" مقالا للسياسي الإسرائيلي" موشيه آرنس" اعتبر فيه أنه في حين " ردعت" إسرائيل الجيوش العربية، خلال عدة حروب انتهت بحرب يوم الغفران أو اكتوبر 1973 فإنها فشلت في ردع حركة المقاومة الإسلامية حماس.
وأكد " آرنس" الذي شغل الكثير من المناصب العليا في إسرائيل كوزير للدفاع ثلاث مرات ووزير للخارجية وسفيرا لتل أبيب في الولايات المتحدة أن ما اعتبرها قوة إسرائيل التي كشفت عن نفسها في حرب أكتوبر، عندما هدد جيش الاحتلال بدخول القاهرة ودمشق، دفعت الجيوش العربية إلى عدم التفكير مجددا في شن حروب جديدة ، بل وتوقيع مصر والأردن معاهدات سلام.
وكتب تحت عنوان" هل يمكن ردع حماس" أن أخطر ما تواجهه إسرائيل هو " إرهابي" يؤمن تماما أن ما يقوم به سوف يجعله يفوز في الآخرة بمتع الجنة، مختتما بالقول إن من اعتقدوا أنهم نجحوا في ردع حماس فقط يخدعون أنفسهم.
إلى نص المقال..
من الأفضل ردع العدو، على الخروج للحرب. النموذج الأخير الأفضل لسياسة الردع التي اتخذت من قبل الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في السنوات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، كانت الحرب الباردة: سياسات منعت اندلاع حرب حقيقية. الردع ليس بالضرورة محدد بالمواجهات بين الدول النووية. فالشرق الأوسط نموذج جيد له.
في إسرائيل يسمع من وقت لآخر كلام عن الردع الإسرائيلي، عن فشله والحاجة لإعادة بنائه. بين الأعوام 1948- 1973 لم تنجح إسرائيل في ردع العالم العربي عن شن هجمات عليها مرارا وتكرارا. حيث اعتقد العدائيون العرب أن بإمكانهم هزيمة إسرائيل، وأنهم إن لم ينجحوا في ساحة القتال، فإن الثمن الذي سيدفعونه حال فشلهم لن يكون فادحا بالنسبة لهم. حرب يوم الغفران ( 6 أكتوبر 1973) غيرت كل هذا، عندما أثبتت أنه حتى إذا ما توفرت ظروف متفائلة للعدوانية العربية، فإن الجيوش العربية يتم هزيمتها، ويصل الجيش الإسرائيلي حد تهديد القاهرة ودمشق.
هذا الإظهار لقوة إسرائيل منع منذ 1973 أي عدوانية تجاهها من قبل ائتلاف الجيوش العربية. مصر والأردن وقعتا على معاهدة سلام، وسوريا التي لم توقع على معاهدة سلام مع إسرائيل، امتنعت عن الهجوم عليها مجددا. انتصار الجيش الإسرائيلي كان دليلا كافيا على أن أي هجوم سوف ينتهي بالفشل، ومن المحتمل أن يؤدي ليس فقط إلى هزيمة الجيوش في ساحة المعركة، بل أيضا إلى سقوط الأنظمة الديكتاتورية التي قادت الهجوم- وهذا أمر ينطوي على أهمية بالغة بالنسبة للطغاة العرب.
لكن إسرائيل لم تنجح في ردع تنظيمات الإرهاب لوقف الهجوم عليها. هل هناك فارقا جوهريا بين اعتبارات حاكم دولة فيما يتعلق بالسؤال هل يضرب أم لا يضرب إسرائيل، وبين اعتبارات زعماء تنظيمات الإرهاب المعنيين بضربها؟.
من الواضح أنه لا يمكن ردع الإرهابي الوحيد، المخرب الانتحاري، ولا يشكل فارقا إلى أي مدى كانت إسرائيل قوية. فهو يؤمن إيمانا راجحا أنه بفضل العملية الإرهابية التي يقوم بتنفيذها سوف يفوز في الآخرة بمتع الجنة. هل هناك فارق بينه وبين التنظيم الإرهابي الذي أرسله للمهمة المدمرة؟ هل من الممكن ردع حزب الله، وحماس، والجهاد الإسلامي والقاعدة؟
في كل ما يتعلق بالقاعدة، الإجابة واضحة: لا يمكن ردعها. فزعماؤها غير خاضعين للمحاسبة من أحد، وليس لديهم مسئولية ما تتجاوز تنظيمهم. يمكن القول أن الأمر ينطبق أيضا على الجهاد الإسلامي. على مدى سنوات طويلة كان الأمر نفسه بالنسبة لحزب الله- لم يكن من الممكن ردعه، لذلك كان يجب هزيمته.
منذ أن بدأ التنظيم في أداء دور سياسي في لبنان وانضم للحكومة، أصبح حري به تجنب الإقدام على عمليات محددة بسبب الضغط الشعبي اللبناني وخوفا من العواقب السياسية في لبنان. مع ذلك، فإن الفترات التي امتنع خلالها حزب الله عن تنفيذ عمليات ضد إسرائيل، لم تكن بالضرورة إشارة إلى نجاح الردع الإسرائيلي، لكن ببساطة فترات اختارها لزيادة مستودع الصواريخ، أو كما يحدث الآن، فترات انغمس فيها حزب الله حتى النخاع في جبهة أخرى.
كان هناك سببا للاعتقاد أن حماس، بعد أن وصلت لسدة الحكم في قطاع غزة وحملت على عاتقها المسئولية لرفاهية سكان القطاع، سوف ترتدع عن قصف صواريخ على سكان إسرائيل المدنيين، إنطلاقا من مراعاة السكان المحليين في غزة.
موافقة إسرائيل على الهدنتين بعد عملية" الرصاص المصبوب" وعامود السحاب" اعتمدت على هذه الفرضية. كان هذا خطئا. استغلت حماس والجهاد الإسلامي فترات التهدئة لتخزين الكثير والكثير من الصواريخ متوسطة المدى وطويلة المدى، والاستعداد للهجوم القادم على سكان إسرائيل المدنين. إن أولئك الذين طنوا أنهم يردعونها فقط خدعوا أنفسهم.
مصر العربية
0 التعليقات:
Post a Comment