لم تكن السيدة ( نايفة فرج الله ) تدرى أن ملعقتها التى أمسكت بها لتتناول طعام الإفطار مع انطلاق أذان المغرب ستمتلىء بالدماء بدلاء من الحساء بعد أن قصفت طائرات الصهاينة بيتها المتواضع فى مدينة رفح الفلسطينية مساء الأمس وفى نفس الوقت الذى انتشرت صورتها الموجعة على مواقع التواصل الاجتماعى عقب استشهادها والملعقة بيدها وقد تناثرت الدماء بجوار طعامها الذى لم تأكله كانت الخارجية المصرية تصدر هذا البيان (أعرب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية عن قلق مصر الشديد من استمرار تصاعد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية خلال الساعات الأخيرة، مجددا المطالبة بضبط النفس والابتعاد الكامل والفوري عن اعمال العنف المتبادل وتجنب الانزلاق الي دائرة من أعمال العنف والعنف المضاد وذلك لتجنيب المدنيين ويلاتها وزيادة معاناتهم وسقوط مزيد من الضحايا المدنيين وتعقيد الموقف بشكل يزيد صعوبة العودة الى المفاوضات التى تقود الى تحقيق تطلعات الشعب الفلسطينى واقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية فى اطار تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية )

إذا عدت لبيانات الخارجية الامريكية والأمم المتحدة حول الحرب فى غزة وأثناء الانتفاضة فى فلسطين بشكل عام ستجد أن عبارة ( العنف المتبادل ) هى كلمة موجود باستمرار فى مفردات الادارة الأمريكية التى كنا نستنكر بشدة موقفها وندين بياناتها التى تساوى بين جيش احتلال قاتل وبين مقاومين يدافعون عن أرضهم وعرضهم ومدنيين مسالمين يدفعون ثمن عجز النظام الدولى عن إيقاف الإجرام الصهيونى المستمر تجاه أهلنا فى فلسطين

الصدمة أن هذا البيان قد صدر من القاهرة وليس من واشنطن ! لا أتذكر أن نظام مبارك بكل كراهيته للمقاومة الفلسطينية بمختلف فصائلها وصداقته لحكام اسرائيل ، عبر فى أى لحظة عن الموقف الرسمى للدولة المصرية بهذه المفردات التى تتعارض مع ثوابت القضية الفلسطينية سياسيا وإنسانيا وعربيا

إن الشعب الفلسطيني يعيش فى وطنه المحتل و يمتلك حق مقاومة الاحتلال بكل الوسائل في أي وقت كان ولا يجب أن يلومه أحد ، هل كنا سنرضى أن يلام الفدائيين المصريين الذين كانوا يقاتلون المحتل الانجليزى ؟ ومن الذى يستحق اللوم المحتل ومغتصب الأرض أم الضحية الذى سرقوا وطنه وشردوا شعبه ؟ إن القانون الدولى نفسه يعطى حق المقاومة والنضال لمن تقع بلاده تحت نير الاحتلال

وما بالك أن المقاومة فى غزة لم تخرق الهدنة ولم تبدأ وإنما قرر الكيان الصهيونى إشعال النار فى غزة لإفشال المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس وضرب جهود توحيد الفلسطينين فى مقتل ، والعجيب أن الحمقى والمرضى الذين يلومون المقاومة يتغافلون هذه الخلفية ويصرون على أن يكونوا كولى أمر الفتاة المغتصبة الذى يذهب لصفعها بدلا من صفع من اغتصبها والقصاص منه !

اذا كنتم تخافون دعم المقاومة فكفوا ألسنتكم عنها ، إذا كان بعض المتشوهين يشمتون فى دماء أهلنا فى غزة تحت دعوى كراهيتهم للاخوان فليعلموا أن المقاومة فى غزة مقاومة وطنية تتعدد فصائلها ولكن يتفق هدفها فى محاربة العدو والصمود ، وما تبررونه لأنفسكم أن الفلسطينين لا يستحقون التعاطف لأنهم تورطوا فى دماء جنودنا فأخرجوا لنا دليلا واحدا – وليس كلاما مرسلا من إعلام مختل – على صحة ما تقولون ، واذا افترضنا – على سبيل المثال – أن هناك بعض أفراد تورطوا بالفعل فى ذلك فهل نعاقب الشعب الفلسطينى عقابا جماعيا على جريمة لم يرتكبها ؟

لا عذر لنا إن خذلنا أهلنا فى غزة ، وكلما كان الموقف الرسمى المصرى والموقف الشعبى متراخيا ودون المستوى كلما كان هذا محفزا للصهاينة على إبادة أهلنا أكثر وسفك دماء جديدة ، دعم المقاومة رسميا وشعبيا هو صمام أمان للأمن القومى المصرى ، فلو انكسر هؤلاء وتقدمت اسرائيل فإنها ستصبح على مقربة خطوات من القاهرة ، دعمكم للمقاومة ولو سياسيا وإعلاميا هو تأمين لمصر وأهلها وهذا ما يجب أن يفهمه المتحامقون الذين يرفعون شعار (مصر أولا) دون أن يدرون أن مصر أولا تعنى ضرورة دعم صمود المقاومة وإيقاف المحرقة الصهيونية الجديدة

نفس الكائنات البائسة التى انتشرت على شاشات الفضائيات خلال الفترة الماضية وكانت تسخر من المقاومة وتسألها لماذا لا تحارب وتزايد على هؤلاء الأبطال هم نفس الكائنات التى تنكر الأن على المقاومة صمودها وتحركها للدفاع عن شعبها ولو بامكانيات متواضعة وهذا يكشف حقدهم وكراهيتهم للمقاومة بشكل عام وهؤلاء لا يمثلون المصريين بل إن المزاج الشعبى المصرى فى عمومه وبفطرته الانسانية البسيطة يشمئز من مواقف هؤلاء ، أما بيان الخارجية المصرية فهو سقطة وخطيئة يجب الاعتذار عنها وإعادة بلورة الموقف فى ظل فهم محددات وثوابت القضية الفلسطينية

الى كل المصريين الذين لم يفقدوا انسانيتهم ، الى كل المصريين الذين يعشقون فلسطين ويعرفون أن قضيتها هى قضيتهم وأن مصيرها هو مصيرهم ، ارفعوا أصوات التضامن بكل ما تستطيعون من وسائل حتى يعلم صناع القرار أن المصريين يرفضون سفك دماء إخوانهم وأنهم يعرفون من عدوهم ومن صديقهم ، المصريون لن يتركوا أهلهم فى فلسطين فريسة لألة القتل الإجرامية ولن يتهموا المقاومة ولن يصدقوا حملات الكراهية التى تتطابق مواقفها مع مواقف الصهاينة

لا عزاء لمن ارتضوا الهوان ولا أمل في من برروا الدماء ، لكن تبقى الضمائر الحية تنصف المظلوم وتعادى الظالم ، فابحثوا عن ضمائركم فإن فقدتمونها فأنتم موتى ، والأحياء هم من نطقت ضمائرهم

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -