سؤال يأتيني من كثيرين من المصريين في الخارج من أهل الخير، من رافضي الانقلاب: ماذا نفعل بزكاتنا هذا العام، وهل نعطيها للحالات التي نراها تستحق من إخواننا من أسر الشهداء، أو المعتقلين أو المطاردين؟ وهل يجوز ذلك شرعا؟ وهل يجوز لنا أن ننقل الزكاة من بلد إلى آخر وبخاصة زكاة الفطر؟
ولأن رمضان شهر الصوم، وشهر يرتبط فيه الناس بعبادة الزكاة مع الصوم، أجيب بما يمليه الشرع الحنيف، ويحكم به الفقهاء الثقات في هذه المسألة المهمة، فأقول:
إن الواقفين ضد الظلم في مصر، وضد هذا الانقلاب الغاشم على الأخلاق والحريات بكل مستوياتها: السياسية، والشخصية، والدينية، هم خير أناس يعطى للمحتاج منهم الزكاة، سواء كانت زكاة مال، أو زكاة الفطر، فمثل هؤلاء يدخل في أكثر من باب من أبواب ومصارف الزكاة، فهو: غارم، وذلك بخسارة وظيفته وماله، إن كان موظفا أو تاجرا، أو يعمل عملا حرا، وهو كذلك: فقير، بحكم وضعه الآن، وهو يعد من (الرقاب)، وهو باب واسع، عد منه العلماء الأسير، ويدخل منه المسجون ظلما عند حاجته، ويدخل أيضا في باب (وفي سبيل الله)، فقد كان قبل دخوله السجون يجاهد الظلمة سواء خارج السجن، أو داخله، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "ومن خلف غازيا في أهله فقد غزا"، ويدخل المطاردون والهاربون بسبب أحكام ظالمة في باب (ابن السبيل) أيضا، فيدخل في أكثر من مصرف من مصارف الزكاة كما رأينا والتي قال الله تعالى فيها: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم) التوبة: 60.
وهناك أبواب أخرى يمكن أن تساعد بها مثل هذه الحالات، من أسر الشهداء والمعتقلين، والهاربين الذين خسروا عملهم، إن كان من أهل الحاجة، إضافة لمال الزكاة، وكذلك زكاة الفطر، والتي قال عنها صلى الله عليه وسلم عن يوم العيد: "اغنوهم في هذا اليوم عن السؤال"، وهناك كذلك: باب الصدقات غير المشروطة، وهي الصدقات العامة التي يتصدق بها المسلم مرضاة لربه، وباب الكفارات والنذور، فمن كان عليه يمين ويكفر عنه بإطعام، أو كسوة، فليؤده إلى مثل هذه الحالات، وكذلك من نذر نذرا ينفق ماله أو نذره على هذه الحالات، وكذلك الوصايا، إذا ترك إنسان مالا في وصيته، ولم يحدد فيم تنفق، والهبات كذلك يجوز أن يهب لهم الإنسان من حر ماله هدية لأخيه، والعقيقة، فمن رزق بمولود، وكان عليه عقيقة، أن يؤدي ثمن العقيقة أو العقيقة نفسها لإخوانه وأهله ممن أصابهم ظلم الظالمين في مصر. وهناك مورد آخر وهو مورد التطهر من المال المشبوه، فمن كان عنده مال يشك في حرمته، أو مال كان في البنوك وقد اختلط به فوائد البنوك المحرمة، فهذا المال حرام على صاحب المال بالربا، لكنه يجوز أن يعطيه لمن يحتاجه في مثل هذه الحالات، دون أن يخبره بذلك، فإذا أخبره بأنه مال يتطهر فيه صاحبه منه، فقد حرم على المحتاج أخذه، إنما يخفي عنه صاحب المال ذلك.
أما نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر، وبخاصة زكاة الفطر، فقد أجمع الفقهاء: أنه إذا استغنى أهل بلد عن الزكاة كلها أو بعضها، فيجوز نقلها، والخلاف في عند عدم الاستغناء الكامل عنها أو بعضها، فمنهم من أجازها إن كان يرسلها لقريب محتاج، أو صلة رحم، أو إلى فرد أو جماعة من الناس هم أمس حاجة من أهل بلده. أو عندما تلوح له حكمة أو مصلحة يطمئن إليها قلب المسلم الحريص على دينه ومرضاة ربه.

بقلم: عصام تليمة
Essamt74@hotmail.com

المصدر: الجزيرة مباشر مصر

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -