في الأول من أغسطس عام 2013 تولى جابر جاد نصار-أستاذ القانون الدستوري بحقوق القاهرة- رئاسة جامعة القاهرة بالإنتخاب خلفا للدكتور حسام كامل ليكون الرئيس رقم 24 للجامعة، ومنذ أن تولى "نصار" المنصب مرت الجامعة بـأوقات عصيبة وسط قرارت مختلفة سياسية وإدارية ونرصد في ذلك التقرير أهم تلك القرارات وإنعكاساتها المختلفة على الحكومة والطلاب وأعضاء هيئة التدريس.

بداية أكد نصار وحسام عيسى وزير التعليم العالي سابقا على إعفاء الطلاب من مصاريف المدن الجامعية في شهر سبتمبر تزامنا مع بدأ العام الدراسي الجديد وهو مانال سيطا إعلاميا لم يجد صداه على أرض الواقع، فالقرار لم ينفذ وظلت مصاريف المدينة الجامعية لجامعة القاهرة 65جنيه كما هي مع التقليل من كميات المواد الغذائية المقدمة للطلبة.


مع إقتراب العام الدراسي الأول على الإنتهاء، كان الحراك الطلابي المناهض للانقلاب مستمر، وفي يوم 28 نوفمبر 2013 اعتدت قوات الأمن على المظاهرات الطلابية، مما أوقع العديد من الإصابات بين صفوف الطلاب، ومقتل أول طالب من جامعة القاهرة منذ بداية العام الدراسي، وهو طالب هندسة "محمد رضا" الذي لم يكن مشاراكا في المظاهرات بالأساس، وأظهر تقرير الطب الشرعي المبدئي أن الوفاة جاءت نتيجة ثلاث طلقات نارية في الظهر والصدروالحوض، ونزيف داخلي غزيربتجويف الصدر.

وقتها أكد حسام عيسى أن الشرطة لم تستخدم الخارطوش وإنما استخدمت ما وصفه "طلقات بتلسع"، وهو ما نفاه نصار مشددا على إستخدام الشرطة للخارطوش في مواجهة الطلاب وهوما تسبب في مقتل "رضا" وإصابة آخرين أحدهم فقد عينه، وأمر بتشكيل لجنة قانونية من جامعة القاهرة تحقق في تلك الواقعة تبدأ عملها الأحد 1 ديسمبر مطالبا وطالبنصاربمحاكمةمنتسببفيقتلالطالبوإصابةآخرين بعد ما وصفه ب"تصعيد أمني" بلا عقل.


وهو ما مثل إنحيازا من "نصار" إلى جانب الطلاب، تواكب مع موجة طلابية غاضبة عامة يوم الأحد 1 ديسمبر شارك فيها آلاف الطلاب متضمنة "إتحادات الطلاب" و"حركة طلاب ضد الانقلاب" و"جبهة طريق الثورة"، وتضمن التصعيد الطلابي الدعوة لإضراب عام ووقفة أمام قبة الجامعة، ولكن خروج العبض عن الهتافات الموحدة عكر من صفو الوقفة مما عجل بإنهائها داخل الجامعة، ولكن "حركة طلاب ضد الانقلاب" خرجت من أسوار الجامعة مرت على ميدان النهضة إلى أن وصلت لأول مرة منذ الانقلاب إلى ميدان التحرير وأداء صلاة العصر هناك قبل أن تعتدي قوات الشرطة على التظاهرين وتطاردهم في لشوارع الجانبية لميدان التحرير.

إنحياز "نصار" إلى صف الطلاب سرعان ما تبدد، ليحن إلى ماضيه "كعضو لجنة سياسات بالحزب الوطني المنحل" وينحاز إلى إجراءات السلطة الأمنية على حساب حياة وسلامة الطلاب ففي نهاية ديسمبر تعتدي قوات الأمن على مظاهرة طلابية وتسقط قتيل جديد وهو الطالب عبد الرحمن بودا، وبعد ذلك بقرابة اسبوعين في يوم 16 يناير 2014 اليوم التالي لموعد الإستفتاء على الدستور، فتحت أبواب حرم جامعة القاهرة على مصرعيها لتستقبل قوات الشرطة بمدرعاتها، وتستقبل أجساد الطلاب الحي والغاز والخارطوش، ليسقط قتيلان الأول علي محمد علي الطالب بدار علوم والثاني عمر أسامة الطالب بكلية تجارة، ويصاب ويعتقل عشرات الطلاب، فالتصعيد الأمني الذي وصفه "نصار" سلفا بأه "بلا عقل" يبدوا أنه مسوغاته المنطقية والعقلانية وخصوصا بعد تصنيف الطالب على أنه "عادي" أو "من حركة طلاب ضد الانقلاب".

لتنتهي حصيلة الفصل الدراسي الأول ب4قتلى من طلاب جامعة القاهرة على يد قوات الأمن، وتبدأ أجازة الطلاب منتصف العام في 22 يناير 2014 وعلى غير العادة يجبر الطلاب على إخلاء المدينة لأسباب أمنية، فالذكرى الثالثة لثورة 25 يناير أحد أيام تلك الأجازة، ليقضي الطلاب أجازة منتصفعام ربما تكون الأطول في تاريخ الجامعة لأسباب في ظاهرها(الصيانة والوقاية من انفلونزا الخنازير) ولكن باطنها لا ينفصل عن السياق الأمني والسياسي حيث أن مدرعات الداخلية تمركزت داخل الحرم في تلك الفترة.

فبعدما استمرت الأجازة لما يزيد عن شهر ونصف، يبدأ الفصل الدراسي الثاني في 8 مارس بخبر فصل ل150 طالب من المدينة الجامعية بشكل نهائي بدون تحقيقا أو مجالس تأديب مسبقة تحت تهمة" الإعتداء على طاقم ماسبيرو في يوم الاستفتاءعلى الدستور"، وتضمن قرار الفصل طلاب من مؤيدي السيسي وآخرون كانوا قد أنهوا إمتحاناتهم قبل الواقعة وكانوا في محافاظتهم في يومي الإستفتاء ولم يحصلوا حتى على إخطارات بذلك، مما يدل على تعسفية وعشوائية تلك القرارات التي لا يمكن فصلها عن السياسة

استمر الحراك الطلابي داخل الحرم مع بداية الفصل الدراسي الجديد، وبعد مرور أقل من شهر على ذلك الفصل الدراسي، هز محيط جامعة القاهرة 3 إنفجارات متتالية في 2 ابريل أدت إلى مقتل
رئيس مباحث قطاع غرب الجيزة العميد طارق المرجاوي،وإصابة 5 آخرين وتبنى تلك التفجيرات جماعة"أجناد مصر".

بالرغم من عدم وجود ثمة علاقة بين الطلاب وبين تلك الإنفجارات، إلا أنه قبل مرور3 أيام فقط أرسل "نصار" خطابا رسميا ل"الداخلية" لعودة الحرس الجامعي بإجماع من مجلس عمداء كليات الجامعة في 5 ابريل 2014 بالرغم من تأكيد نصار أكثر من رفضه لعودة الحرس الجامعي بالإضافة إلى حكم القضاء الإداري الذي يمنع ذلك، لتكون بادرة تنفيذ ذلك القرار إقتحام الشرطة للجامعة في 15 ابريل والإعتداء على الطلاب مما أدى إلى مقتل محمد عادل الطالب بالفرقة الثانية بدار علوم بطلق ناري في الظهر وإصابة خالد حسين صحفي اليوم السابع بطلق ناري أسفل الرئة لينضم محمد لزملائه القتلى و وينضم خالد لمئات المصابين في ولاية نصار.

لم يكن خالد آخر المصابين ولا محمد آخر القتلى، فما هي إلا 5 أيام قبل أن تعتدي قوات الأمن مرة جديدة على المظاهرات الطلابية لتتجدد الإصابات، ويسقط قتيل جديد وهو الطالب إسلام غانم الطالب بالفرقة الثالثة بكلية الهندسة في 20 ابريل 2014 بعد مشاركته في مظاهرات رافضة للانقلاب وما وصفه الطلاب ب"المسرحية الهزلية" المتمثلة في الإنتخابات الرئاسية المزمع إقامتها قي 27 مايو.

بعد اسبوع من مقتل الطالب السادس "إسلام" كان من المفترض أن تقام إمتحانات منتصف الفصل الدراسي الثاني في 26 ابريل، ليتفاجئ الطلاب بإلغاء إمتحانات منتصف الترم، وتبكير إمتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني لتصبح في 27 ابريل وتنتهي- قبل الانتخابات الرئاسية - بحد أقصى 22 مايو، ليأتي الرئيس الجديد دون مظاهرات طلابية، ليمر الفصل الدراسي الثاني بسرعة غير مسبوقة بأقل من شهرين ونصف، وينتهي العام الدراسي بدون إجراء انتخابات إتحاد الطلبة.

وفي 22 مايو مع نهاية العام الدراسي يعلن نصار عن زيادة مصاريف المدينة الجامعية لأكثر من 200%، عندما قرر فصل السكن عن الغذاء لتكون قيمة السكن 65جنيه إجباريا و100 جنيه إختياريا للتغذية، ليعقبه وزير التعليم العالي سيد عبد الخالق بالتفكير في زيادة مصاريف المدن لأكثر من 300% عن المصاريف الأصلية التي كانت 65 جنيه فقط تشمل السكن والتغذية قبل الانقلاب، وبالرغم من عجز موازنة الجامعة ب500 مليون جنيه إلا أن ذلك الرقم لم يمنعه من أن يتبرع ب20 مليون جنيه لصندوق "تحيا مصر" استجابة لدعوة السيسي للتبرع، ليختتم سياسته الموالية للسلطة بفصل 94 طالب وطالبة في 12 يوليو، بحجة "مشاركتهم في أعمال شغب وعنف داخل الجامعة" على حد تعبيره زتتضمن تلك القائمة طلبة وطالبات أوائل على كلياتهم وآخرون مواليين للنظام.

هكذا في 1 أغسطس 2014 ينتهي عام على رئاسة "نصار" للجامعة، بأرشيف يضم مئات المعتقلين والمصابين والمخطوفين، و6 قتلى، 150 طالب مفصول من المدينة الجامعية، بالإضافة إلى 94 طالب مفصول من الجامعة نهائيا عسى أن يوقف الحراك الطلابي المناهض للانقلاب.

هذا بالإضافة إلى عجز في الموازنة يزيد عن 500 مليون جنيه، ورفع في المصاريف يزيد بحد أدنى عن 200%، بأطول أجازة لمنتصف العام، وأقصر مدة عام دراسي، مر بدون انتخابات اتحاد طلبة.

أرقام وقرارات وإجراءات أمنية وسياسية وإقتصادية وإدارية كانت في مجملها ضد مصلحة الطالب، ولكن ربما في مصلحة نصار تجاه نظام ما بعد الانقلاب، ولندع الأيام تجيبنا عن تلك الأسئلة المطروحة
فكيف ستنعكس تلك الإجراءات على الحراك الطلابي داخل الجامعة؟
وهل ستكون رصيد له عند رئيس الجمهورية في التعيينات القادمة لرئاسة الجامعة؟


الجزيرة توك

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -