ماذا يقال بعد هذا من كل ما قيل من قول أو لم يقل؟ يتداعى هذا الإفيه الشهير للذاكرة بعد (مولد زيارة أمريكا) المنصوب حتى الآن فى الإعلام وفى تصريحات مسؤولين بالسلطة، كان منها التصريح التاريخى لوزير التموين الحالى المنشور بالصحف: «الرئيس الأمريكى أوباما اعترف بأن شعبية المشير عبدالفتاح السيسى تفوق شعبيته خلال اللقاء الذى جمعهما فى نيويورك على هامش مشاركتهما فى أعمال الدورة الـ69 للجمعية العامة للأمم المتحدة».

أما أحد الإعلاميين البارزين فقد عبر عن سعادته البالغة قائلا: (السيسى كان عريس الأمم المتحدة ومصر هى العروس)، وعلى نفس النهج أتحفنا فنان سبعينى قائلا: (الحضور فى قاعة الأمم المتحدة وقفوا يصفقون لمدة عشر دقائق بعد انتهاء كلمة السيسى «عشر دقائق كاملة»)! وأتوقع أن الدورة (69) سيطلق عليها (دورة السيسى)، لأن السيسى كان أهم شخصية فى الحضور.

عزيزى القارئ، لن أتحفك بمزيد من وصلات التطبيل و(النخع) المتواصلة حتى الآن حتى لا يرتفع ضغطك وتصيبك أعراض التخيل اللا إرادى بعد أن وصف أحدهم ما حدث بأنه (غزوة نيويورك)!

دعنا نتحدث فى أهم نتائج الغزوة، أقصد الزيارة، سواء كنت محبا للسيسى أو كارها له، وسواء كنت مواليا للسلطة أو معارضا لها، فما حدث فى الأمم المتحدة هو شهادة ميلاد جديدة للسلطة فى مصر، بصكوك شرعية دولية تتخطى شرعية الصناديق المختلف عليها، وتتخطى جدل الثورة والانقلاب، لترسل رسالة واحدة وواضحة للجميع، وهى: هناك نظام حاكم الآن فى مصر اعترف به المجتمع الدولى وقبل التعامل معه بكل ما فيه، ولم تنجح كلمات أمير قطر ولا هجوم أردوجان فى تغيير الأمر الواقع، الذى تصبح معه محاولات التجاهل والتهوين عرَضا مرضيا من أعراض متلازمة (الانقلاب يترنح).

هناك سلطة فى مصر تسيطر على المؤسسات وكل السلطات بما فيها السلطة التشريعية، سواء سارت هذه السلطة فى الطريق للديمقراطية أو انحرفت عنه، فهى سلطة قائمة أيا كان موقفك منها، إذا أردت أن تدافع عن الديمقراطية وعن أهداف ثورة يناير التى تطاردها الآن ثورة مضادة تكرس للاستبداد وإعادة الماضى وإنتاج ما هو أسوأ منه، فليس لك إلا أن تتمسك بسلميتك ونقاء مبادئك ووضوح رؤيتك وترتيب أولوياتك، السلطة المطلقة مفسدة، ومع نعيق خفافيش الظلام وأبواق النفاق قد تصبح الديمقراطية حلما جميلا مضى بلا عودة.

المعارضة الوطنية يجب ألا ترضخ لمحاولات الإسكات ويجب ألا ترتدى قميص الحاكم، فدورها فى البناء يأتى من دفاعها عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وطرح التصورات البناءة والضغط لتنفيذها من أجل مصلحة الجماهير، ليست معارضة من أجل المعارضة، بل هى معارضة لأن دولة الصوت الواحد اندثرت من الوجود، معارضة تبنى لا تهدم، وسلطة تسمع لا تصم آذانها، ليس من صالح أحد موت السياسة فى مصر، لأن الثمن باهظ، مصر فى خطر حقيقى، ليس لمؤامرات خارجية كما يرددون، بل لأنها إذا ضاقت بأبنائها فلن تأمن المستقبل.. من يعى الدروس ويتعظ؟

alnagaropinion@gmail.com

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -