وسط صمت رسمي، وعدم تعليق من الرئاسة أو الحكومة أو الخارجية المصرية؛ أعرب عدد من السياسيين المصريين عن غضبهم من تصريحات الرئيس السوداني لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية الصادرة السبت.
وقال عمر حسن البشير إن بلاده تمتلك الحجة بأن حلايب وشلاتين أراض سودانية، مؤكدا أنهم لن يحاربوا مصر على هذه الحدود، وأنهم سيحاولون حلها بالتحاور والتفاوض مع المصريين، مشيرا إلى أنه في حالة العجز التام لن يكون أمامهم إلا اللجوء إلى التحكيم، والأمم المتحدة، وفق قوله.
فقد استنكر مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير عادل العدوى تصريحات البشير.
وقال في مداخلة عبر فضائية "النهار" السبت، إنه يرى أن تلك التصريحات تدخل في إطار عمليات الإثارة و التشهير، و إثارة المشكلات، على حد تعبيره، مؤكدا أنها تصريحات غير مقبولة، ومبديا دهشته من توقيتها، بحسب وصفه.
ويُذكر أن البشير سيزور القاهرة يوم السبت المقبل. وكان الجنرال عبد الفتاح السيسي قد زار السودان في السابع والعشرين من شهر حزيران/ يونيو الفائت، وبحث معه دعم العلاقات الثنائية بين البلدين.
ومن جهته، استنكر يوسف البدري منسق تحالف نواب الشعب، والبرلماني السابق، تصريحات البشير.
واعتبر -في تعليق صحفي- أن "الرئيس السوداني المعروف بتعاطفه مع جماعة الإخوان، ما زال يحلم بتنفيذ الوعد الذي منحه إياه الرئيس مرسي، بأنه ليس لديه مانع من منحه حلايب وشلاتين هدية من الإخوان للبشير"، وفق زعمه.
أما السفير معصوم مرزوق القيادي بالتيار الشعبي ومساعد وزير الخارجية المصري السابق، فرأى أن تصريحات الرئيس عمر البشير حول "حلايب" موجهة في الأساس للرأي العام داخل السودان، "لأنهم يعلمون جيدا أن الأمر القانوني محسوم لمصر، ولا يحتاج لتحقيق"، حسب رأيه.
وأضاف معصوم -في تصريح صحفي- أن البشير لم يكف عن مخاطبة مصر عبر وسائل الإعلام، لوجود مشكلات كبيرة تعانى منها السودان، قائلا إن البشير يسعى لإشغال الرأي العام السوداني.
ومن جهته، قال الدكتور أيمن شبانة الخبير في الشؤون الإفريقية، إن الرد المصري على تصريحات الرئيس السوداني عمر البشير عن أن حلايب وشلاتين سودانية، وأنه قد يلجأ إلى التحكيم الدولي والأمم المتحدة في حال فشل الحوار مع مصر، هو الاعتراض على مثل هذه التصريحات، مشيرا إلى أن هذا نوع من التحفظ أو الإجراء الاحترازي من أجل إثبات أن حلايب مصرية.
وأضاف -خلال مداخلة هاتفية بإحدى الفضائيات السبت- أن مصر تضع مثل هذه التصريحات في حجمها، وتعلم جيدا مدي الضغوطات التي تمر بها السودان، ومشكلتها الداخلية السياسية والاقتصادية، وتعلم جيدا أنها لن تلجأ إلى التحكيم الدولي أو القضاء الدولي أكثر من الحديث عن أن حلايب سودانية في الإعلام أو بعض اللقاءات السودانية التي تجمع المسؤولين السودانيين مع الجماهير السودانية، لذلك فمصر تكتفي بالتحفظ على هذه التصريحات، على حد قوله.
وتابع أن تصريحات البشير لن تضيف أي جديد، ولا تثار إلا في وقت اشتداد الأزمات بين البلدين، والأزمات الداخلية بالسودان.
ومتفقا مع الرأي السابق، اعتبر الدكتور حسن وجيه، أستاذ التفاوض الدولي أن تصريحات الرئيس السوداني غير إيجابية، وأن توقيتها غير مناسب، مؤكدا أنها ستشكل ضغطا جديدا على مصر.
وأوضح أن مصر ستستعد بأوراقها ومستنداتها التي تؤكد أحقيتها في منطقة حلايب وشلاتين في حالة لجوء السودان إلى التحكيم الدولي، مضيفا: "المؤكد أنه سيكون هناك تفاوض قبل اللجوء للتحكيم الدولي".
ووصف فؤاد بدراوي، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، تصريحات البشير، بأنها تأتي في إطار "مغازلة الشعب السوداني".
وأضاف -في تصريحات صحفية- أن حلايب مصرية 100%، وأنه لن يُتنازل عن شبر واحد منها، مشيرا إلى أن تصريحات البشير هدفها إشعال الوضع بين مصر والسودان، وأن التنظيم الدولي للإخوان هو مَن يقف وراء تلك التصريحات، بحسب زعمه.
أما الدكتور جهاد عودة -أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان- فرأى أن تصريحات الرئيس السوداني عمر البشير، حول أن حلايب تقع ضمن حدود السودان "كلام تهريج".
وأضاف: الرئيس السوداني يستخدم التصريح لصراع داخلي، لأن حلايب بالوثائق مصرية، مؤكدا أن "البشير" يلعب لعبة داخلية لصالح قوى أخرى بغرض إشغال مصر، وإزعاجها، وتشتيت مجهودها، على حد تعبيره.
وتابع -في تصريحات صحفية- أن كلام البشير عن التحكيم الدولي أمر يثير القلق خاصة إذا كان "مرسي" قد اتفق معه، وتقاضى أموالا؛ لأننا سنواجه مشكلة التعاقد، مضيفا أنه لابد من التحقيق مع "مرسي" في هذا الأمر، خاصة أن هناك بعض الخرائط الإخوانية كانت تتجاهل حلايب، بحسب مزاعمه.
وفي سياق متصل، قالت حركة "فرسان الميدان": إن تصريحات الرئيس السوداني عمر البشير، غير مسئولة، وتحتاج إلى وقفة، ويجب الرد عليها من قبل الخارجية المصرية.
واعتبر محمد لاشين مؤسس الحركة أن التصريحات تثير الضحك والاستغراب في الوقت نفسه، وفق قوله.
وأكد أنه كان يجب على البشير أن ينهي النزاعات القائمة في بلده، وأن يحاول إعادة السودان دولة واحدة، كما كان في الماضي، بدلا من أن يتحدث عن أن حلايب وشلاتين تتبعان السودان.
إلى ذلك، نقلت صحيفة "اليوم السابع" السبت عن مشايخ وأهالي في منطقة حلايب وشلاتين تساؤلهم: على أي أساس اعتمد الرئيس السوداني في تصريحاته بأن المنطقة ملك لهم؟
وقال الشيخ محمد طاهر سدو، المتحدث باسم مشايخ حلايب وشلاتين، إن التصريحات التي أطلقها الرئيس السوداني بأن المنطقة تابعة لهم؛ ليس له، مطالبا بالعودة للاتفاقية التي أبرمتها مصر وإنجلترا على أن ما هو شمال خط عرض 22 مصري، وما هو جنوبه سوداني، مؤكدا أن تلك الاتفاقية التي تمت في عام 1899 واضحة، وتثبت أن "مصرتينا قديمة"، بحسب وصفه.
وأضاف أنه كان هناك مطلب شعبي من أهالي المنطقة للحكومة المصرية بالاهتمام بها وإدارتها وحل النزاعات بين القبائل على حدودهم القبلية، لكن نظرا لبعد المسافة عن العاصمة القاهرة، أصدر وزير الداخلية آنذاك قرارا بالحكم السوداني الإداري للمنطقة لمتابعة أمور قبائلها فقط، وليس لملكيتها.
وأشار إلى أن الحكومة السودانية نفسها كانت تتجاهل أهالي تلك المنطقة، بعدما ولتها مصر إداريا عليها، متسائلا: الآن السودان تطالب أحقيتها بالمنطقة.. كيف ذلك؟
ويقع مثلث حلايب عند البحر الأحمر داخل الحدود المصرية، وتزيد مساحته على 20 ألف كيلو متر مربع، وسبق للسلطات المصرية أن احتجت في مطلع العقد التاسع من القرن الماضي على خطط السودان للتنقيب عن النفط فيها، ونشرت مصر قواتها في المنطقة منذ سنوات.
وتوجد ثلاث بلدات كبرى بالمنطقة هي حلايب وأبورماد وشلاتين، وأكبرها شلاتين، وتقع في الجنوب الشرقي، وهي محل نزاع حدودي بين مصر والسودان منذ عام 1958 عندما قام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بإرسال قوات إلى المنطقة، علما بأن هذا المثلث غني بالموارد الطبيعية لا سيما البترول.
عربى 21
0 التعليقات:
Post a Comment