لا تملك الأصوات والمجموعات المطالبة بالديمقراطية فى مصر، وهى تواجه اليوم شر الاستبداد/ السلطوية وشر الإرهاب/ العنف، ترف الصمت عن شر ثالث جوهره هو التوظيف الزائف للدين على نحو يدفع إلى المجال العام بالمزيد من الأفكار المتطرفة والمزيد من الظلامية التى تغيب حقائق الأمور أو تهدد بتشويه الخطوط المبدئية الفاصلة بين مواجهة الاستبداد/ السلطوية بسلمية وبالتزام كامل بتماسك المجتمع والدولة الوطنية وبإدانة قاطعة للإرهاب/ العنف وبين مواقف أخرى غائمة وخانات أخرى رمادية ليس تبنيها أو الاقتراب منها من الدفاع عن الحقوق والحريات.
فالمواطنة المستندة إلى الكرامة الإنسانية والمساواة وتجريم التمييز هى القاعدة الأخلاقية والقانونية الأولى للدفاع عن الحقوق والحريات، وحين يوظف الدين زيفا لتخليق أغلبيات وأقليات يميز بينها فى الحقوق والحريات أو لاصطناع تناقضات متوهمة بين الانتماء الوطنى وبين الهويات الدينية نكون إزاء إلغاء كامل لقيم الإنسانية والعدل والسلم الأهلى وثقافة التسامح والتعددية وإعمال لمعاول الهدم فى مجتمع نبحث عن سلمه وإنهاء مظالمه.
كذلك يستحيل ديمقراطيا الصمت عن التوظيف الزائف للدين لإنتاج وترويج مقولات متهافتة تبرر للإجرام الإرهابى وللعنف وللخروج على القانون، فادعاء احتكار الحق الحصرى «للحديث باسم الإله» وما يرتبه من ادعاء احتكار الحقيقة المطلقة هما صنو نهج شمولى يلغى قيم المعرفة والعلم والعقل ويؤسس لنزع الإنسانية عن الخارجين عليه دينيا (الأقباط) أو مذهبيا (الشيعة) أو فكريا (دعاة حقوق الإنسان والحريات والتسامح والتعددية) ثم يكفرهم ليستبيح حقهم الطبيعى والمقدس فى الحياة إرهابا وعنفا، والخروج على القانون وحمل السلاح ضد المجتمع والدولة الوطنية تحت يافطات التكفير الزائفة هما صنو دموية ووحشية تتناقضان جملة وتفصيلا مع مواجهة الأصوات والمجموعات المدافعة عن الحقوق والحريات للاستبداد وللسلطوية بسلمية وعلنية ودون إغفال لحتمية الحفاظ على المجتمع والدولة الوطنية.
المطالبة بالديمقراطية هى مهمة إنسانية موضوعها أولا هو المواطن الذى نريد له المساواة فى الحقوق والحريات دون تمييز ودون افتئات يسببه شر الاستبداد/ السلطوية أو شر الإرهاب/ العنف ونبحث عن صون كرامته بسيادة القانون والعدالة الاجتماعية وبتمكينه من المشاركة الرشيدة والحرة فى إدارة الشأن العام عبر آليات الاختيار الدورية ونجتهد لمحاسبة المتورطين فى تعريضه للقمع أو للقهر أو للانتهاكات بأدوات العدالة الانتقالية، وموضوعها ثانيا هو المجتمع الذى نسعى لسلمه وإنهاء مظالمه وتسامحه وقبول تعدديته الأخلاقية والقيمية والفكرية فضلا عن تنوعه الدينى والمذهبى والعرقى دون تمييز ونعمل بسلمية على حمايته وحماية تنظيماته الوسيطة من نزوع الحكم إلى الاستبداد/ السلطوية ومن التداعيات المدمرة للإرهاب/ العنف ونواصل بصبر وتحايل إيجابى إنقاذ طاقات التقدم والأمل الكامنة به من غلواء التطرف والتوظيف الزائف للدين كمصائر محتومة، وموضوعها ثالثا هو دولة وطنية نحمل الانتماء لها كهوية جامعة تتجاوز حواجز الهويات الجزئية ونرى موقعها المستحق بين الدول العادلة والقوية والملتحقة بمسيرة البشرية نحو المزيد من المعرفة والعلم والعقل وندافع عن أمنها الذى هو أمننا وعن تماسك وفاعلية وشرعية مؤسساتها وأجهزتها بالمطالبة السلمية بالحقوق والحريات وبالعدالة الانتقالية وبالتنمية المستدامة وبتفعيل سياسات العدالة الاجتماعية وبمزيج من الأدوات المتنوعة لمواجهة الإرهاب/ العنف دون سقوط فى فخ تبرير الاستبداد/ السلطوية.
لكل هذا ليس للأصوات وللمجموعات المطالبة بالديمقراطية فى مصر إلا أن ترفض كل دعوة إلى العنف، وأن ترفض كل توظيف زائف للدين لترويج مقولات متهافتة تبرره وتبرر التطرف والتمييز، وأن ترفض كل مساعى تمرير طغيان المكون الأمنى على كل ما عداه حكوميا والمزيد من استخفاف الحكم بقضايا الحقوق والحريات وبالتداعيات الكارثية للمظالم وللانتهاكات المستمرة. فلا تستخفوا بنا!
غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر.
0 التعليقات:
Post a Comment