لماذا ترفض السلطة التنفيذية أن تدرك المعادلة الصفرية المرتبطة بقمع بعض القطاعات الطلابية والشبابية؟ لماذا ترفض إعادة النظر فى الإجراءات العقابية غير العادلة التى تنزل بطلاب فى الجامعات المصرية وبشباب يدافع عن الحقوق والحريات؟ لماذا لا تنهى سلب الحرية الشخصية الذى ترتبه ممارسات الاعتقال والحبس والاحتجاز والعقوبات الجائرة وتوقف الظلم والتعسف الناتجين عن فصل بعض الطلاب نهائيا دون تحقيق قانونى وإدارى شفاف وتبتعد عن انتهاكات أخرى للحقوق والحريات؟ لماذا لا تقدم عناصر الحوار وبناء الثقة وتمكين الجسد الطلابى والقطاعات الشبابية من التعبير الحر عن الرأى شريطة الالتزام بالسلمية الكاملة والتطبيق العادل للقانون على المخالفين على تعميم العقاب والقيود والتهديد الدائم بالقمع؟
ومع أن هذه التساؤلات لا تتركنى يوما شأنها شأن تساؤلات عن غيرها من المعادلات الصفرية بشأن تعامل السلطة التنفيذية مع تنظيمات المجتمع الوسيطة من مجتمع مدنى وجمعيات أهلية ونقابات ومع المساحات الإعلامية وساحات النقاش العام التى تغيب بها المعلومات والحقائق وتنوع الآراء نظير هيمنة اللا معلومة واللا حقيقة والرأى الواحد وتجاهل المعرفة والعلم ومع وضعية الحقوق والحريات فى عموم مصر، إلا أن قضايا القطاعات الطلابية والشبابية والمظالم التى تعانى منها ألحت على بشدة مساء الخميس الماضى.
فقد شرفتنى اللجنة المنظمة للنموذج الطلابى بجامعة القاهرة لمحاكاة جامعة الدول العربية والأمم المتحدة 2014 بدعوتى للمشاركة فى الجلسة الافتتاحية، والتعرف على نشاط تطوعى يسهم به طلاب العديد من الجامعات الحكومية والخاصة فى مصر ويستهدف بناء معارف وقدرات الشباب بشأن أوضاعنا الداخلية وأحوال الإقليم المحيط بنا والعالم المعاصر الذى ننتمى إليه.
تابعت العرض الرائع من قبل اللجنة المنظمة ﻷعمال النموذج ولجانه المختلفة (التى تحاكى وتطور لجان جامعة الدول العربية والأمم المتحدة) ولفاعليات الطلاب الكثيرة التى تولت بمهنية وحرفية واضحة الإعداد للنموذج، واستمعت إلى كلمة قصيرة متميزة من الطالب المتولى لمهام رئيس اللجنة المنظمة ركزت على أهمية العمل التطوعى للطلاب ودوره فى تنمية قدراتهم وتهيئتهم للإسهام فى شئون المواطن والمجتمع والدولة، وإلى كلمة واعية من الطالبة المضطلعة بوظيفة أمين عام جامعة الدول العربية فى النموذج وضعت بها فى الواجهة حق المواطن العربى فى الحرية والتنمية والعدالة الاجتماعية ومحاسبة الحكومات وكذلك مسئوليته الذاتية عن سلم وتقدم المجتمعات العربية.
بحيوية مبهرة تواصلت وقائع الجلسة الافتتاحية لنموذج محاكاة جامعةالدول العربية والأمم المتحدة، بكلمات قصيرة أخرى لبعض الطلاب المشاركين باللغتين العربية والإنجليزية، بكلمات من شخصيات عامة ما كان لها (وحسنا فعلت) إلا أن تمتنع عن التورط فى الدور «التقليدى» لكبار السن والخبراء ومتوسطى العمر المستند إلى مزيج من الوعظ من أعلى إلى أسفل وإدعاء الإلمام معرفيا وعلميا بكل الأمور على نحو يفسد التواصل الجاد والعقلانى بين الشباب وبينهم.
أما أنا فما كان منى إلا أن أدع إلحاح التساؤلات بشأن معادلات السلطة التنفيذية الصفرية تجاه الطلاب والشباب يسيطر تماما على ذهنى ويستصرخ ضمير الكلمة أن يسجل مجددا؛ أمن العدل أن يحال بين طاقات وقدرات الشباب وبين الانتصار لحقوق وحريات الناس وسلم وتقدم المجتمع وتماسك واستقرار الدولة بسبب قمع وعقاب وقيود ومظالم؟ أمن العقل أن نغيب معرفة وعلم وإبداع شباب يريد أن يواجه الإرهاب والعنف بحب الحياة ويتضامن مع المجتمع والدولة للقضاء على التطرف والفساد والإهمال ويطلب منهما (أى من المجتمع والدولة) أن يدركا ضرورة أن نضع المواطن فى مصر والعالم العربى على خريطة البشرية الباحثة عن العدل والرافضة للظلم؟ أمن الرشادة أن نرهق طلاب وشباب بقمع وقيود وعقوبات وتهديدات وهم ينشدون التعبير الحر عن الرأى ويدركون حتمية احترام القوانين ويعرفون كيف يبدو العالم من حولهم بإنجازات العلم المعاصر وفرص التنمية المستدامة وأفكار الديمقراطية وأخطار الإرهاب والعنف والتطرف؟ لمصلحة من يعادون ويعاملون بمعادلات صفرية ويتركون فريسة للخوف وللتهديد المستمر بالقمع إن هم قرأوا أو قالوا أو كتبوا فيما وراء خطوط حمراء ليس بها إلا بارانويا السيطرة وهواجس الضبط الأمنى؟ ليس لمصلحة مصر بكل تأكيد.
0 التعليقات:
Post a Comment