نخوض حربا ضد الإرهاب.. هذا حقيقي.. لكننا نخوضها في الاتجاه الخطأ.

فيديو صولة الأنصار الذي بثه تنظيم أنصار بيت المقدس يؤكد حاجتنا جميعا لوقفة نرتب فيها الأولويات ونتخذ القرارات ونقدم التنازلات، من هم على مقاعد السلطة ومن هم في خنادق المعارضة، لأن الأمر تحول إلى معركة بقاء، الهزيمة فيها تعني سقوط هذا البلد وأهله في بئر سحيق مظلم مضطرب لا يعرف أحد نهايته.

نحن مستعدون لأن نخوض الحرب على الإرهاب إلى جانب عبد الفتاح السيسي رغم كل خلافاتنا معه، ورفضنا للطريقة التي أتى بها والتي يدير بها، لكن هل هو مستعد لأن يخوضها إلى جانبنا؟

نتمنى له النجاح فعلا رغم أنه مسؤول أمامنا عن قتل وسجن ومنع وتهجير الآلاف، وخنق وكبت وقهر ودهس الحريات، وإفساد نُظُم العدالة والأمن والإعلام والإدارة، لأننا وحدنا من سنتحمل تبعات فشله وضرائب خياراته الفاشلة، لكن هل هو يعرف كيف ينجح؟

جاهزون لتأجيل مطالباتنا بمحاسبة رموز نظامه المقصرين والفاسدين المشمولين برعايته وحملة المباخر المستفيدين بدعمه، لكن هل هو جاهز لإقناع كل هؤلاء بتأجيل ثأرهم مع الثورة والتوقف عن شيطنة كل من شارك فيها والكف عن تقسيم الوقت في وقت يحتاج فيه إلى التوحد أكثر من أي وقت مضى؟

إن كانت إجابات الرئيس على الأسئلة الثلاثة السابقة بـ«نعم» يمكنه أن ينتقل إلى المرحلة التالية وإن كانت إجابته «لا» فيمكنه ألا يكمل القراءة ويواصل المقامرة بمستقبل وطن وأمة ويتركنا نحن لنبرئ ذمتنا أمام الله والتاريخ في قادم السطور.

***

لكي تنتصر في الحرب يجب أولا أن تعرف عدوك، عدوك ليس شباب الجامعات ولا النشطاء السياسيين ولا الكتاب والإعلاميين المعارضين ولا حتى الإخوان بالمعنى الشامل، توسيع دائرة الاشتباه يجعل احتمالات القبض على المجرم الحقيقي أقل، الحرب على كل الجبهات يزيد فرص خسارتك للجبهة الأهم، خسارة الحلفاء والمحايدين تباعًا يزيد فرص انضمامهم لمعسكر الأعداء.

لا يمكن أن تفوز بالحرب على الإرهاب في سيناء بينما تستأذن إسرائيل لإدخال دبابة أو عدة عشرات من الجنود، وبعد عدة أيام تطلب منك تل أبيب سحب قواتك فتفعل تاركًا خلفك جنود قلائل بتسليح خفيف في مواجهة عدو لا تلزمه اتفاقية كامب ديفيد بتسليح وعدد معين، وإذا لم تتخذ قرارًا بإلغاء أو تعديل الاتفاقية الآن مستغلا قلق الخارج من الوضع في سيناء وتأييد الداخل لكل قراراتك فلن تتخذه أبدًا.

تقول دائما إن سيناء في حالة حرب وهي كذلك، لذلك فالأمر يتعدى قدرات مجندين يؤدون خدمة إلزامية وغير مؤهلين للقتال، ويتطلب استبدالهم بقوات مدربة ومقاتلين يتقنون فنون الحرب وهم كثيرون بالمناسبة وأرى بعضهم يفضون المظاهرات ويقفون على أبواب الجامعات، أما إرسال المجندين إلى هذه المناطق على هذا الحال فهو قتل عمدي وليس مجرد خطأ في الحسابات.

استمرار حبس الآلاف في سجون الداخلية هو أخطر تهديد للأمن القومي وأكبر تهديد للسلم العام، فلهؤلاء مئات الآلاف من الأصدقاء والأشقاء والآباء والأمهات لن يخوضوا معك معركة بينما انت تحرمهم من أحبائهم، يمكنك بحسك الأمني أن تفرق بين العدة مئات المحبوسين على ذمة اتهامات حقيقية والعدة آلاف المحبوسين بتهم من نوعية التظاهر والتجمهر والإساءة لرموز الدولة، أما النوع الأول فيمكن تركه لدرجات التقاضي العادية وأما النوع الثاني فيمكن الإفراج عليه فورا دون تحجج بأنهم تحت تصرف جهات التحقيق، فعلى حد علمي يضم قصر الرئاسة العديد من الهواتف.

يجب أن تتوقف القوات المسلحة فورا عن طموحاتها السياسية والاقتصادية وتتفرغ لأداء دورها الموكل إليها بالحفاظ على حدود الوطن، إذا حدث ذلك لن تهرب دبابة من كمين مجددا بعد مهاجمتها وسيجد الجميع وقتا لتدريب المجندين والضباط على إطلاق النيران والصمود في مواجهة الأعداء، ويجب أن تتوقف الشرطة تماما عن الاهتمام بالأمن السياسي على حساب الأمن الجنائي، إذا حدث ذلك ستنجح أجهزتها في جمع الأدلة وتقفي أثر المتهمين وإلقاء القبض عليهم.

أقسم بالله العلي العظيم، لا يوجد تعارض بين محاربة الإرهاب وإطلاق الحريات واحترام حق المخالفين في التعبير، قد تأتي لك نصيحة من خصمك تفيدك أكثر من تطبيل حليفك وحماس مرؤوسك وتطوع منافقك، قل للصحف لا تصادر رأيا مهما كان مخالفا للتوجه العام، اطلب من الفضائيات إعادة من منعتهم جهات ما من الظهور، فالصوت الواحد مهما علا يبقى منخفضا.

***

على الجهة الأخرى يجب على المعارضين لنظام السيسي أن يتلقفوا أي مبادرة حسن نوايا منه ويبنوا عليها، وأن يفرقوا بين الخلاف السياسي مع رئيس أو حتى الرغبة في محاكمة مسؤول متهم بالقتل وبين ضرورة مساندة الدولة وأجهزتها في حرب حقيقية يجب أن نخوضها جميعا من أجل البقاء.

لا تظهروا شماتة في النظام حين يفشل لأن ذلك يفض الناس عنكم أكثر، يكفي أن تشيروا إلى فشله وتقدموا الحلول، لا تعايروا الناس باختياراتهم فقد كان الخيار بيدكم كثيرًا وأسأتم الاختيار، يكفي أن تتعلموا من تجاربكم وتطالبوهم بأن يحذوا حذوكم.

نعرف أن هذه الدولة وهذه الأجهزة متورطة بشكل أساسي فيما وصلنا إليه الآن، لكن لوم ربان السفينة على اتخاذ قرار خاطئ لن ينقذك من الغرق معه، ساعده على النجاة ثم اطلب تغييره في أقرب شاطئ.

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -