نحن الأن أقوى وأشد صلابة ، نحن الأن فى مرحلة النضج بعد أن تعمقت التجربة وألهمتنا الجراح ، نحن الأن قد تمايزت صفوفنا وسقط خبثها ، سقط عنا شهود الزور وعبيد السلطان وبائعى ضمائرهم ، سقط عنا من كانوا يوما لنا قدوة ونبراسا وإذا بهم يتحولون للناحية الأخرى ويباركون الاستبداد الذى حاربوا قبل ذلك من أجل إزاحته ، سقط عنا من رأو الطريق طويلا وقصر نفسهم فتنكبو الدرب واستبدلوا به دروبا ظنوا أنها الراحة ولكنها الشقاء المقيم
نحن اليوم نعرف أعداءنا وندرك عن يقين من الذين يجب أن نواجههم ونبدأ بهم ، نحن الأن نعرف أولويات الحركة ونميز بين الأصول والفروع ، نحن الأن نعرف رؤوس الأفاعى التى يجب أن تبتر حتى لا تقتلنا بسمها الزعاف ، نحن الأن نعرف أخطاءنا ونتعلم منها ، نستطيع اليوم أن نقرأ الواقع الحقيقى بعيدا عن خيالات ثورية حالمة وساذجة وبعيدا عن دعاة اليأس والندب والشكوى ، نعرف أن الطريق أطول مما تخيلنا حين بدأنا ولكننا على يقين أننا نستطيع أن نكمله للنهاية
حصنتنا الطعنات المتوالية وخضبتنا دماء رفاقنا وغرست فينا شعلة عزم وهمة لا تنكسر ، نرفع رؤوسنا ونحدق فى عيون الخوف حتى يخاف الخوف منا ، لا نبالى بما نلقى فليس لدينا ما نخسره ولا ما نخافه فصفحتنا بيضاء ناصعة تزينها قطرات الدماء التى نتنسم عبقها وتذكرنا بأن هناك لنا موعدا لن نخلفه
يعلو صوت الباطل وتتنتفش أوداجه لكننا لا نراه إلا باطلا حقيرا وتافها ، يحشد الشر جموعا نامت ضمائرها وضعف وعيها واختلطت الأمور عليها ولكننا نقول له ما قاله سحرة فرعون حين توعدهم المتأله بالقتل والعذاب ( فاقض ما أنت قاض إنما تقضى هذه الحياة الدنيا ) ، يشفق علينا من يحبوننا ويقولون دعوا الأمور تمضى وابتلعوا ألسنتكم إيثارا للسلامة ولا يدرون أن سعادتنا واحترامنا لذواتنا يأتى من جهرنا بالحق ومقاومة الظلم واستعباد الناس
نحن اليوم فى أشد لحظات اعتزازنا بثورة يناير فى زمن يتنصل منها من تسلقوا يوما عليها بحثا عن مغنم فلما وجدوها مغرما فروا وسجدوا للصولجان وارتضوا السوط وتملق الاستبداد ، الثورة باقية رغم أنوف خفافيش الظلام التى تذكرهم أنها أوجعتهم وأورثتهم ذلا وانكسارا لن يفارقهم مهما خيلوا للناس أنهم تعافوا من مصابهم ووجيعتهم ، وإن تجبروا اليوم وأدمنوا نار الانتقام فستطالهم غدا وداين تدان
لم نعد نرى الثورة عدة تظاهرات ولا بعض الاعتصامات فقط وإنما هى تغيير جذرى فى كل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والادارية لذلك فتمكين الثورة يحتاج لبناء البديل الذى يستطيع أن يطمئن الناس على قدرته على ادارة الأمور والسير بهم الى مستقبل أفضل ويحتاج لبناء الوعى وغرس القيم وإنقاذ الناس من وحل اليأس والتعايش مع القبح
نعرف اليوم كل ما يجب ألا نفعله ونعرف أيضا ما ينبغى أن نفعله ، نتحلى بالصبر الجميل والنفس الطويل ونتراص ونتواصى على الثبات فلولا هذه القلة الثابتة ما ارتفعت للحرية راية ، وطوبى لمن تذوقوا طعم الحرية وفتحوا بابها بأيديهم بعد أن حطموا جدران الخوف فهؤلاء لن يرضوا بسواها ومن وراءهم أجيال وأجيال تتشبث بالحلم وتقسم على تحقيقه
نتمسك بسلميتنا فى وجه يد القمع ونرفع شعار البناء الذى سنمضى فيه مهما طالت السنون وإن لم ترى عيوننا لحظات الانتصار فسنسلم الراية لجيل ستقر عينه بوهج الانتصار وسحق المهزومية التى يريدون إخضاعنا بها
كل عام والثورة فى قلوبنا كل عام والشهداء أمام عيوننا يذكروننا بأن نكمل ما بدأوه وبأن نحقق ما ماتوا من أجله ، المستقبل للحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية ، المستقبل للأحرار .
0 التعليقات:
Post a Comment