ذكرتنى الأسابيع الثلاثة الماضية، والتى قضيتها بين ولدى لؤى ونوح فى العاصمة الألمانية برلين وحين تطالعون هذه الكلمات سأكون بإذن الله فى طريق العودة إلى القاهرة، بإيجابية أن نغبط تفاصيل حياة شعوب أخرى بعيدة عنا من غير استعلاء جاهل أو دونية مريضة، وبتدفق طاقة العمل وتحدى الأزمات والإحباطات حين نتمنى لنا فى مصر تحقق الكثير (وليس مجرد شىء) من العدالة والتنمية والتقدم والسعادة والإنسانية التى يتمتعون بها هناك ودون أن نفقد وعينا بهويتنا الوطنية المتميزة.
أريد ﻷطفالنا ذات الوجوه المبتسمة وذات المستويات التعليمية ومعدلات الرعاية الصحية والنشاط الرياضى وبرامج الترفيه التى لهم هناك ومعها بكل تأكيد تفاصيل الحياة الآدمية من مسكن وملبس ومأكل مناسب، دون إنكار لحضور شىء من الفقر ومحدودية الدخل والسقوط بعيدا عن «مجتمع الرفاه» فى ألمانيا الغنية ومعاناة قلة منه.
أريد للأسر المصرية نفس الطمأنينة للحاضر وللمستقبل التى ينعمون بها هناك بفعل قوانين العمل والأجور وإجراءات العدالة الاجتماعية ونظم التأمينات وضمانات العجز والبطالة والمعاشات، وللنساء المصريات المعيلات القبول والتقدير المجتمعى والثقة فى غياب التمييز ضدهن فى سوق العمل ومناحى الحياة وفى حقهن فى الإعانة المنظمة من قبل المؤسسات العامة والخاصة، ولذوى القدرات الخاصة الدمج والتمكين والتوظيف وإطلاق المبادرات الفردية، ولكبار السن التقديرات العمرية المرتفعة بانتظام ومستويات الرعاية الصحية والاجتماعية اللائقة بكرامة الإنسان.
أريد لنا جميعا مؤسسات تعليمية وجامعية وبحثية تضعنا على خريطة البشرية المتقدمة، ومستشفيات ومراكز ومعامل طبية تعمل بانضباط عقارب الساعة وتخلصنا من الأوبئة والأمراض وتشارك فى الجهود الإقليمية والقارية والعالمية لمكافحة الأخطار الصحية المتكررة أو المتجددة، وهيئات ضمان اجتماعى تكره الفقر والعوز وتناهض التمييز ضد الضعفاء والمهمشين وتعين مجتمعنا على استعادة احترام كرامة الإنسان، وقطاع خاص يحتفى بالمبادرة الفردية والعدالة الاجتماعية والالتزامات الضريبية وضمانات حماية حقوق العمالة والقضايا البيئية ويدفع مصر إلى التنمية والتقدم ويشارك القطاع العام فى جهود مواجهة الفقر والبطالة والفساد والتخلص من العشوائيات، ومؤسسات وأجهزة حكومية محايدة ونزيهة وشفافة وملتزمة بسيادة القانون ورفض لتجاهل الفساد وجاهزة لمحاربته دون هوادة.
أريد لنا جميعا العدل، واحترام حقوق الإنسان والحريات، والديمقراطية التى تستطيع أن تقارب بينا وبين التنمية والتقدم والاستقرار كقيمة إيجابية وتطبق العدالة الانتقالية لتجاوز ملفات الماضى والحاضر وتنظر بثقة للمستقبل ولموقعنا فى عالم اليوم.
ولن أتنازل عن آمالى وأحلامى هذه ما حييت، ولا عن العمل المستمر على دفع مصر باتجاهها.
غدا.. هامش جديد للديمقراطية فى مصر.
0 التعليقات:
Post a Comment