تستعد مصر في هذه الأيام للاحتفال بالذكرى الرابعة لقيام ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 التي أطاحت بنظام حسني مبارك من الحكم، لكن بالنسبة لأشخاص مثل سلامة محمد، وهو موظف يبلغ من العمر 28 عاما، فإن الثورة عادت لنقطة الصفر .. بتلك الكلمات استهلت شبكة (بلومبرج) الأمريكية تقريرها عن مصر بعد أربع سنوات من الثورة.
وإلى نص التقرير:
الجدارن الفولاذية التي تحيط بمقر مبنى أمن الدولة في القاهرة لا تحمل رسوما مثل تلك التي تغطي بقية المدينة، على الرغم من ذلك فإن سلامة محمد يرى عليها الفصل الأخير في قصة مصر.
المجمع المحصن، كان في عصر مبارك معقلا للإجراءات الأمنية الأكثر إثارة للخوف وضباطها، الذي كانوا يرتدون ملابس مدنية، كانوا يعملون على انتزاع الاعترافات، ومحمد يعرفهم جيدا، فقد كان والده ميكانيكا تم إلقاء القبض عليه لأسباب غير معلومة منذ عدة سنوات، ثم أطلِق سراحه، ويقول محمد "لقد خرج والدي من هناك محطما، واﻵن انظر إليهم، فهم يختبئون خلف الجدران وأصبحوا أكثر وقاحة مما كانوا عليه قبل ذلك".
وبعد أن قتِل ما لايقل عن 900 شخص في اشتباكات مع قوات الأمن عام 2011، فإن مصر أصبحت اﻵن ممزقة بين الإسلاميين والعلمانيين، وقامت محكمة الأسبوع الماضي بإسقاط حكم بالسجن لمدة 3 أعوام على مبارك بتهم الفساد وأمرت بإعادة المحاكمة، ما قد يمهد الطريق أمام الإفراج عنه.
وما يضاعف من التوتر هو صعود المسلحين المرتبطين بالدولة الإسلامية في شبه جزيرة سيناء فضلا عن الاقتصاد المتعثر وهو العامل المحفز لتظاهرات ميدان التحرير، وعلى الرغم من أنه يتعافى، فإن عملية التعافي تتم بشكل غير سريع.
مجرد كلام
ويقول شريف مصطفى (32 عاما) وهو عاطل كان يعمل سابقا في متجر: "كل ما نسمعه هو مجرد كلام عن العدالة، لكن لا شيء يدعم ذلك فعليا، وهو نفس الحديث الذي نسمعه عن الوظائف، مجرد كلام، ماذا يمكننا أن نفعل إلا أن نبقى نتظاهر بأن كل شيء على ما يرام".
الأعوام القليلة الماضية شهدت عزل أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا وهو محمد مرسي، وتعيين وزير الدفاع الذي أسقطه وهو الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، فضلا عن الحملة القمعية بحق الإخوان المسلمين، الجماعة التي تحولت من وسيط إلى منبوذ.
الخطوة الأخيرة فيما أطلق عليه مسئولون مصريون "خارطة الطريق" للتحول السياسي ستكون هي الانتخابات التشريعية التي ستجرى في 22 من مارس، بعد أسبوع واحد من قمة استثمار في مدينة شرم الشيخ تهدف لجذب أكثر من 10 ملايين دولار أمريكي من أكبر الدول المنتجة للبترول في الخليج السعودية والإمارات والكويت.
سيد مصطفى، وهو سائق شاحنات (37 عاما)، لا يهتم بمن سيفوز بتلك الانتخابات، فلم يسبق أن اهتم عضو برلماني بالمنطقة التي يعيش بها ولا يوجد ما يدعو للتفكير أن شيئا قد تغير بعد أربعة أعوام.
عبء مشترك
الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي انتخب على رأس السلطة في مصر في يونيو العام الماضي بعد عام من إطاحته بالرئيس الإسلامي محمد مرسي، قال إن إعادة بناء مصر هي مسئولية مشتركة، وخلال زياراته للخارج ورحلات القادة اﻵخرين إلى مصر، يؤكد السيسي دائما أن الأولوية لمكافحة الإرهاب داخليا وخارجيا فضلا عن خلق مناخ من الاستقرار تساعد على عودة الاستثمارات الأجنبية.
رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب قال إن بلاده على طريق العودة للحياة الطبيعية والتعافي الاقتصادي الذي سيحقق أهداف الثورة التي قامت من خلال ميدان التحرير، ووفقا للبنك المركزي، فإن الاستثمارات الأجنبية المباشرة قد قفزت إلى ما يقرب من 1.8 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من السنة المالية الحالية مقارنة بنظيرتها العام الماضي حيث بلغ حجم الاستثمارات 745 مليون دولار، وارتفعت عائدات السياحة لقرابة 2.1 مليار دولار من 931 مليون دولار.
العصا السحرية
الاقتصاد المصري سينمو بنسبة 3.4 % العام الحالي، أعلى من نسبة النمو في 2014 والتي بلغت 2.2 %، وفقا لدراسة أجرتها بلومبرج مع 10 من خبراء الاقتصاد، وهي النسبة التي لا تزال تُقارن بنسبة النمو التي تجاوزت 5 % قبل عام 2011، مع ارتفاع مؤشر الأوراق المالية في البورصة المصرية لنسبة 40 % خلال العام الماضي.
ويقول أحد مؤيدي السيسي تامر عوض (سباك): "من غير الواقعي التوقع أن يغير السيسي سيغير نظاما بين عشية وضحاها في ذلك البلد المثقل بالفساد على مدار 60 عاما الماضية، فأمامه عمل شاق ولا أرى أي شخص يفعل أي شيء غير الشكوى، ومنذ قيام الثورة، فقد انحدرت البلاد بشكل سريع وينبغي التحلي بالصبر والعمل الجاد لإعادة البناء، فالسيسي ليس لديه عصا سحرية ونحن جميعا بحاجة لدعمه".
من يهتم؟
وننتقل إلى نجاد بدران الذي يرى أن إيماء الأشخاص بالجدال الدائر حول عودة البلاد للحياة الطبيعية، يتم فقط بدافع من الخوف، ففي مصر اﻵن، هناك مجموعتين: الأولى لم تعد مهتمة بما يحدث والثانية مهتمة لكنها تخشى التحدث، ونحن نتصرف وكأن كل شيء يعود إلى طبيعته، لكن أحدا لا يهتم بذلك".
الهجمات على قوات الأمن والتفجيرات تركزت بشكل كبير حول شمال سيناء المضطرب ويُنحى باللائمة فيها على تنظيم أنصار بيت المقدس (الموالي لتنظيم الدولة الإسلامية) أو أنصار جماعة الإخوان المسلمين.
العنف في سوريا والعراق وانحدار ليبيا إلى الفوضى بعد سقوط معمر القذافي عام 2012، يعزز من حجة التدابير القاسية للسلطات المصرية والتي تقول إنها مطلوبة على المدى القصير لضمان الاستقرار على المدى الطويل.
في الصحف والتليفزيون الحكومي، تتركز التحذيرات والإشعارات عن التهديدات التي يفرضها الإرهاب، ووزارة الداخلية المصرية تصدر تقارير يومية بعدد المقبوض عليهم والأسلحة التي تمت مصادرتها والمخططات التي تم إحباطها.
ويقول زياد عقل، وهو باحث بارز في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية "إن الهدف الحقيقي للجماعات المسلحة المناهضة للحكومة هو نشر الشعور بعدم الاستقرار، وهدف الحكومة هو التغطية على ذلك من خلال وسائل الإعلام وأية وسيلة أخرى للتلاعب بالناس وخلق انطباع بعودة الأمور لطبيعتها في الشارع، ونيتجة لذلك، هناك انطباع بأن كل شيء مستقر بينما نجد أسوارا عالية حول العديد من المباني في كل مكان".
مصر العربية
0 التعليقات:
Post a Comment