دخلت العلاقات الفتحاوية الداخلية في قطاع غزة لمنعطفات خطيرة، خاصة بعد سلسلة الحوادث والتفجيرات التي طالت منازل وممتلكات قيادات فتحاوية في الآونة الأخيرة في إطار سياسة تصفية الحسابات الداخلية على خلفية التيارات داخل حركة فتح.
فهناك تيار يمثله الرئيس محمود عباس، وهو زعيم حركة فتح، ويطلق عليه في غزة تيار "الشرعية"، وتيار آخر يمثله محمد دحلان المفصول من الحركة.
وشهدت الأيام والساعات الماضية تفجيرات كان آخرها محاولة اغتيال المحامي خليل الجريسي، وهو عضو لجنة الانتخابات الداخلية في حركة فتح، وكذلك إطلاق النار على مأمون سويدان مفوض العلاقات الخارجية في منظمة التحرير الفلسطينية في محاولة اغتيال تبدو واضحة، خاصة أن اثنين من مرافقيه أصيبا بجروح.
"مصر العربية" تفتح ملف الصدام المسلح غير المعلن بين أنصار عباس ودحلان في غزة.
المحامي خليل الجريسي قال لـ"مصر العربية" إنه في حوالي الثامنة والنصف مساء كنت في جلسة عائلية، وسمعنا صوت عبوة ناسفة على وشك الانفجار، وحينها لم نتصور أن تكون هناك متفجرات، أما البيت وعندما تفقدنا المكان فوجدنا أنه بالفعل هناك عبوة ناسفة على مدخل جراج السيارة ولم يصب أحد بجروح " .
وأضاف: "أنا رجل قانون لا أوجه اتهاما لجهة معنية حول محاولة التفجير وزرع عبوة ناسفة أمام سيارتي، علاقاتي واسعة وجيدة، أنا مستغرب من وراء زرع هذه العبوة، وليس عندي خلافات سياسية مع أحد في غزة تستوجب هذا العمل الجبان" .
وتابع: "إذا تواصلت التفجيرات واستهداف منازل قيادات فتح في غزة فأنا أعتقد أن غزة سيكون مستقبلها صعب جداً، لذا أطالب الأجهزة الأمنية في غزة بضرورة العمل على حفظ الأمن وحماية المواطن الفلسطيني" .
وقد استنكرت الهيئة القيادية العليا لحركة "فتح" في القطاع في بيان لها بشدة ما يتعرض له كوادر وقيادات الحركة في قطاع غزة من اعتداءاتٍ متواصلة آخرها إطلاق النار في وضح النهار على سيارة مأمون سويدان في أثناء وقوفها أمام منزله وحرق سيارة عبد المنعم الطهراوي ووضع متفجرات أمام منزل المحامي خليل الجريسي.
وأكدت الهيئة القيادية أن هذه الاعتداءات الخطيرة مرفوضة وطنياً وأخلاقياً، والتي تأتي استمراراً لما قبلها من تفجيرات لمنازل قيادات حركة "فتح" وحرق سيارات لأبناء الحركة، بما يشير إلى وجود عمل منظم لاستهداف أبناء الحركة وممتلكاتهم.
وأشار البيان بأن تلك الحوادث هي تهديد للأمن المجتمعي وتزرع بذور الفتنة وتنذر بحالة فلتان أمني، وفوضى لا تُحمد عقباها في قطاع غزة في وقتٍ أحوج ما نكون لوحدة الصف والتكاتف للمحافظة على الجبهة الداخلية متماسكة.
وطالبت حركة فتح، حركة حماس كونها المسيطرة على الأمن في قطاع غزة أن تكشف عن المعتدين، إذ إن الحركة لن تقبل باستباحة كرامة وأرواح أبنائها وممتلكاتهم.
من جانبها أعلنت وزارة الداخلية الفلسطينية في قطاع غزة، أن نتائج تحقيقاتها الأولية في حادثة إطلاق النار على أحد قيادات حركة فتح في القطاع أظهرت وقوع الحادث على خلفية خلافات تنظيمية داخلية.
وقال المتحدث باسم الوزارة، إياد البزم، في تصريح صحفي إنه: "منذ اللحظة الأولى لحادث الاعتداء على القيادي في حركة فتح مأمون سويدان سارعت الأجهزة الأمنية بالتحقيق في الحادث، وأظهرت النتائج الأولية وقوع الحادث على خلفية خلافات تنظيمية داخلية متعلقة بقطع رواتب عناصر من حركة فتح مؤخراً" .
فيما رفض سامي أبو زهري، الناطق باسم حركة حماس في غزة، اتهامات حركة فتح حول تحميلها مسئولية التفجيرات.
وقال إنّ ما يجري في غزة من أحداث تستهدف قيادات حركة فتح، هي “انعكاس لصراعات بين معسكري وتياري الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والقيادي المفصول من الحركة محمد دحلان".
بدوره قال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة لـ"مصر العربية": "التفجيرات التي يشهدها القطاع تطور خطير يصب في خانة استمرار الانقسام وعمليات الاستهداف سواء كان لعناصر تنظيمات أو أفراد هو شكل من أشكال الفلتان الأمني فلا يعقل أن تبقى الأجهزة الأمنية في غزة مكتوفة الأيدي أمام العابثين بأمن الساحة الفلسطينية".
وأضاف: "التفجيرات ظاهرة مؤلمة ومرضية يجب الإسراع في الكشف عن هؤلاء المجرمين الذين يعيثون بالساحة الفلسطينية".
من جانبه قال المحلل السياسي أكرم عطا الله "التفجيرات التي يشهدها قطاع غزة بين الحين والآخر تعمق الانقسام وصفعة لكل المطالبين بإنهاء الانقسام هناك اتهامات واتهامات متبادلة بين عناصر حركة فتح, لكن في كل الأحوال هناك أجهزة أمنية تابعة لحركة حماس في غزة هي المسئولة عن اكتشاف الجرائم".
وتابع: "عدم اكتشاف الأجهزة الأمنية في غزة عن المتورطين في التفجيرات وإطلاق النار ضد عناصر حركة فتح يدلل أنها غير معنية وهذا شيء خطير للغاية".
هذا وتوقع مراقبون أن تزداد حدة التوتر بين أنصار الرئيس عباس ودحلان خلال الفترة القادمة على خلفية مواصلة الرئيس عباس إصدار الأوامر بقطع رواتب أنصار دحلان في غزة، والتي طالت في أقل من شهر نحو 243 من المناصرين لدحلان، مما فاقم من حدة الصراع والاتهامات المتبادلة التي قد تتطور للأسوأ خلال الفترة المقبلة التي وصفت بأنها مرحلة تكسير العظام.
0 التعليقات:
Post a Comment