هل تصمد مصر في حربها على جبهتين ضد التنظيمات المسلحة؟ سؤال طرحته صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية في إطار مقال تحليلي تناولت خلاله مدى قدرة الجيش المصري على مواجهة التهديدات التي تفرضها التنظيمات المسلحة سواء شرقا في شبه جزيرة سيناء أو غربا على الحدود الليبية.
وقالت الصحيفة في مقال تحليلي لمراستها في القاهرة (لويزا لوفلوك) "إن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي شن غارات جوية على معاقل المسلحين في ليبيا، وفي الوقت نفسه فإن مصر تحارب أحد أفرع تنظيم داعش في شبه جزيرة سيناء، وفتح جبهتين للحرب ربما يجهد الجيش المصري، والأمر الذي قد يضعها تحت ضغوط شديدة".
وإلى نص المقال:
حكومة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تضع نفسها عضوا أساسيا في التحالف الدولي لمحاربة داعش، ويبدو أن السيسي "الرجل القوي" يحظى بدعم داخلي لتحقيق ذلك، لكن في الوقت نفسه فإن الحكومة تشير إلى أن إمكانياتها محدودة لذا فهي تطالب القوى الغربية بتوفير الدعم لها.
السيسي يحارب فعليا المسلحين الإسلاميين داخليا ومن بينهم تنظيم "ولاية سيناء" أحد أفرع داعش في شبه جزيرة سيناء شرق مصر، واﻵن مع شن الطيران المصري غاراته الجوية على عناصر داعش في ليبيا، فإن مصر تعلن انخراطها في حرب جديدة على حدودها الغربية.
ولكن يبقى السؤال هل يستطيع الجيش المصري الصمود في الحرب على جبهتين وإلى متى سيستمر صموده في حرب تنظيم تهديدات تنظيم داعش، الذي يبدو وأن نفوذه يتوسع بعد أن سيطر على مساحات واسعة من العراق وسوريا.
على مدار أشهر، قدمت حكومة السيسي دعما سريا للحكومة الليبية المعترف بها دوليا التي لم تكن قوية في حربها ضد الميليشيات الإسلامية والإقليمية، ولأكثر من ثلاث سنوات بعد سقوط الديكتاتور معمر القذافي، انزلقت ليبيا إلى مستنقع الفوضى وظهرت القوى الإقليمية لدعم طرفي الصراع الحالي.
لكن مع شن الغارات الجوية المصرية يوم الاثنين الماضي ضد المسلحين في ليبيا، فإن السيسي عالج من خلالها المخاوف الداخلية في المقام الأول، حيث جاءت تلك الغارات ردا على الفيديو الذي نشره تنظيم داعش لإعدام 21 قبطيا مصريا من قبل مسلحيه في ليبيا، وجاء إعدامهم ليوحد المصريين في الأحزان والمطالبات أيضا من مقدمي البرامج التليفزيونية بضرورة الرد على تلك المذبحة.
إن ظهور تنظيم داعش في ليبيا المليئة بالاضطرابات العنيفة يشكل تهديدا فعليا للمصالح المصرية، فالمسلحون لم يهددوا فقط باستهداف المزيد من المصريين داخل بلادهم، بل يُزعم أيضا أنهم وفروا التدريب للمسلحين المصريين في معاقلهم اﻵمنة.
وحتى اﻵن، فإن مصر لم تدرج نفسها ضمن دول التحالف الدولي لمحاربة داعش، الذي تقوده الولايات المتحدة، وتصر على احتياجها للاحتفاظ بقوة جيشها للحرب في سيناء، التي تخضع للاحتلال العسكري فعليا.
وقبل شن الغارات الجوية في ليبيا، فقد أعرب أفراد من الطائفة المسيحية في مصر عن غضبهم حيال تخاذل الحكومة في حل مشكلة العمال المختطفين، وفي زيارة لمنازل أسر أكثر من 12 عاملا من المهاجرين، كان أقاربهم في في حيرة من أمرهم لأن أبناءهم كانوا ضحايا لاضطرابات المنطقة.
وبينما قد لا تكون مصر قادرة على تصعيد غاراتها الجوية على ليبيا وفي الوقت نفسه تحارب المسلحين في سيناء، فإن استمرار العمليات قد يكون صعبا على الصعيد العملي، والغارات التي شنتها مصر شاركت بها أيضا الطائرات الليبية لقصف درنة، التي تعد معقلا للميليشيات الإسلامية.
ويقول زاك جولد مدير معهد دراسات الأمن القومي (ومقره تل أبيب) "من غير المرجح أن تكون مصر قادرة على القيام بذلك دون توسيع أو زيادة لقدراتها، وحتى مع زيادة قواتها وتزويدها بتدريب أفضل، فلقد شهدنا أن مصر لا تستطيع الاستمرار في عملياتها بسيناء لمدة أطول".
وبدلا من إرسال طائرات حربية لتحلق فوق العراق وسوريا، عرضت حكومة السيسي تدريب قوات الأمن وجعلت الأزهر حائط صد ضد التشدد الإسلامي، لكن مصر اﻵن تناشد التحالف الدولي، الذي تقوده واشنطن ضد داعش، ليسلط انتباهه على ليبيا.
وفي بيان الاثنين الماضي، جددت الخارجية المصرية دعوتها للتحالف الدولي باتخاذ التدابير الضرورية لمواجهة التنظيم المتشدد والتنظيمات الإرهابية الأخرى على الأراضي الليبية، وسافر وزير الخارجية سامح شكري في مهمة طارئة لواشنطن لطلب المزيد من الدعم لبلاده في الحرب ضد داعش، فضلا عن إبرام مصر لصفقة أسلحة كبرى مع فرنسا وشراء 24 طائرة رافال.
ويوضح جولد "الحكومة المصرية أعلنت موقفها صراحة أن التحالف الدولي لمحاربة داعش ينبغي أن يركز على ماهو أكثر من سوريا والعراق، فهناك محور آخر من الحركات الإسلامية المتشددة يبدأ من ليبيا والعراق ويمر بسيناء حتى اليمن".
0 التعليقات:
Post a Comment