أولا: ثمان حقائق حول صفقة “رفال” التي أذلت أعناق الرجال ‬
الخبر: مصر توقع الاثنين ١٦ فبراير ٢٠١٥ صفقة لشراء أسلحة فرنسية تتضمن ٢٤ طائرة “رافال” إضافة إلى فرقاطة بحرية، يوقع عن الجانب المصري الرئيسُ، وعن الجانب الفرنسي وزير الدفاع ‬جان-إيف لودريان‫‬

هذه 8 حقائق هامة عن الطائرة “رافال”:‬
١- الصفقة هي الأولى التي تبيعها فرنسا من هذا النوع من الطائرات بعد فشل مستمر لبيع ولو “طائرة واحدة” منها بعد ثلاثة عقود من بدء تطويرها وعِقد واحد من بدء استخدامها في فرنسا في عام ٢٠٠٤. ‬

الجيش الفرنسي فقط هو من استخدمها، وكانت لديه خطة لشراء ١١ طائرة سنويًا (من الشركة المصنعة داسو للطيران Dassault Aviation) لدعم برنامج تصنيع هذا النوع من الطائرات، ثم تراجع وقرر شراء ٢٦ طائرة خلال الست سنوات القادمة (أي قلص خطة الشراء من ١١ إلى ٤ طائرات سنويا). استخدمتها فرنسا في أفغانستان عام ٢٠٠٧، في ليبيا عام ٢٠١١، ثم في مالي ٢٠١٣ (بعض التقارير أوردت أن فرنسا شنت حربها على مالي لإقناع الهند بإتمام الصفقة). ‬ فرنسا كانت تأمل أن تبيع ولو صفقة واحدة من هذه الطائرة بحلول عام ٢٠١٩، قبل أن توافق مصر على الصفقة بصورة متسرعة في ٢٠١٥. ‬

٢- البرازيل رفضت شراء الطائرة “رافال” وفضلت عليها طائرات “جربن” السويدية، بالرغم من أن رئيس فرنسا فرونسوا أولاند قام شخصيا بالترويج لها في زيارة رسمية له للبرازيل في ديسمبر ٢٠١٣.‬

سوف تدفع البرازيل ٤.٥ مليار دولار أمريكي مقابل ٣٦ طائرة سويدية (أي ١٢٥ مليون دولار مقابل الطائرة الواحدة). ‬
المغرب سبقت البرازيل في رفض “رافال”، حين رفضت صفقة قوامها ٢٤ طائرة في عام ٢٠٠٧ برغم العلاقات المغربية الفرنسية القوية. ‬

٣- الهند تدرس منذ “ثلاث” سنوات شراء ١٢٦ طائرة من نفس النوع “رافال” مقابل ٢٢ مليار دولار أمريكي للصفقة، لم تتم الصفقة حتى الآن وهناك معارضة في الهند لإتمامها.‬

(للمعارضة سببان، الأول اقتصادي وارتفاع ثمنها عن الطائرات المنافسة في السوق، والثاني سياسي بعد أن جمدت فرنسا صفقة سلاح كان من المقرر إتمامها مع روسيا، وحالت المشكلة الأوكرانية دون إتمام الصفقة بعد الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي). وفقا لتصريحات للرئيس الفرنسي وضعت كلٌّ من ألمانيا والولايات المتحدة ضغوطا كبيرة عليه من أجل أن يجمد الصفقة، مما حدا بالهند – التي يجمعها مع روسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا والصين تجمُّع “دول البركس”- بإبداء الامتعاض والتأرجح كيلا لا يقع لها موقف مشابه من تجميد صفقة بعد إتمام الاتفاق). ‬

4- مصر سوف تشتري ٢٤ طائرة “رافال” مقابل ٥.٢ مليار “يورو”، أي ٥.٩ مليار “دولار”، يعني هذا أنها سوف تدفع ٢٤٥ مليون دولار للطائرة الواحدة. ‬


5- صفقة الهند في شراء الطائرات – لو تمت – (١٢٦ طائرة بسعر ٢٢ مليار دولار) تعني أن الهند سوف تدفع “١٧٥” مليون دولار للطائرة.‬

(ملحوظة جانبية: نتيجة ٢ + ٦+ ٧ = الهند تدفع ١٧٥ مليون في الطائرة، مصر تدفع ٢٤٥ مليون، البرازيل تدفع ١٢٥ مليون).‬
(ملحوظة واجبة: يمكن مراجعة رقم ٢٤٥ مليون دولار ثمن البيع لمصر، لأن بيانات الصفقة لا تبين إذا كانت الـ ٥.٩ مليار دولار تشمل سعر الفرقاطة التي تشتريها ضمن الصفقة أم لا). ‬


6- قبل أن تعلن البرازيل رفضها كانت قد أمضت اثني عشر عاما كاملة، بدءًا من ٢٠٠١ تدرس الصفقة التي تود بها تحديث قواتها الجوية واستبدال الطائرات الجديدة بأسطولها من الطائرات الميراج (لم يتسنَ الوقت لي للقراءة عن حال الأسطول الجوي المصري وعن حاجته لمثل هذه الطائرات الآن). ‬

(٣+ ٨ = الهند تدرس شراء الصفقة منذ عام ٢٠١٢ ولم تتم بعد (٣ سنوات)، البرازيل قضت ١١عاما لدراسة صفقة ترفضها، بينما مصر تقبل بالصفقة وتمولها “بقرض” في خلال ستة أشهر فقط). ‬

7- مصر بالأساس لم تكن عميلا محتملا لفرنسا لشراء هذا النوع من الطائرات، بعد فشل صفقة البرازيل قال أولاند أنه كان “فشلا متوقعا”، وقال وزير دفاع فرنسا جين يافس دورين: “الهند ودول الخليج عملاء محتملون لنا”.‬

8- مصر سوف تحصل على قرض بقيمة ١٥٪ من ثمن الصفقة لدفعها للشركة المصنعة، سوف تحصل عليها من بنوك فرنسية بضمان “قسم ضمان التصدير الفرنسي” Coface التابع لهيئة الخزانة الفرنسية (التابعة بدورها لوزارة الاقتصاد الفرنسية) – وزير الاقتصاد الفرنسي يعارض الصفقة ولكن وزير الدفاع الفرنسي يدعمها. ‬


ثانيا: أسئلة ‬
* – لماذا تشتري مصر نوعًا من الطائرات رفضته دول العالم و”قللت الدولة المصنعة له” من استخدامه؟ (لو كانت طائرات جيدة لاشترى الجيش الفرنسي منها المزيد، أو على الأقل لأبقى على خطة الشراء الأساسية). ‬

* – لماذا تتسرع مصر في شراء صفقة سلاح لا تملك ثمنها؟ لتحديث أسطولها الجوي في صفقة تعادل مجموع احتياطيها النقدي في بعض الأحيان؟‬

* – إذا كانت انتخابات مجلس الشعب تقرر موعدها – بغض النظر عن فاعليته غير المحتملة – فلماذا لا يتم الانتظار حتى يكون هناك مجلس شعب ينظر في الصفقة في جدواها الاقتصادية والسياسية (المعلومة الضعيفة المتاحة هنا أن مصر تريد الفرقاطة الفرنسية التي تشتمل عليها الصفقة لـ”تزين ” بها حفل افتتاح قناة السويس في أغسطس القادم، ياله من سبب!).‬

* – إذا كان الشراء سوف يتم بضمان من البائع نفسه، (وفقا لتقرير لموقع أخبار الدفاع Defence News إذا لم تتمكن مصر من تسديد فاتورة الصفقة، نظرًا لحالة اقتصادها الضعيفة، فإن الخزانة الفرنسية هي التي ستدفع) فما هو الثمن الذي سيدفعه الجيش المصري مقابل ذلك لفرنسا؟‬

* – مصر ليست في حرب محتملة مع عدو تحتاج هذه الطائرات له، لأن وفقًا لرئيسها الحالي، عدوها الوحيد الذي دخلت معه حروبًا سابقة في قرابة النصف قرن الماضي – الكيان الصهيوني – تعيش معه الآن حالة “سمن وعسل” فلماذا لا يتم الالتفات للمشاكل الداخلية الأكثر إلحاحا، تعليم؟ مجارٍ؟ مياه شرب؟ مستشفيات؟ ‬

ثالثا: تعليق ‬
تطوف حول رأسي شياطين مستبدة وأنا أقرأ الحقائق السابقة، تذكرني بكل السيناريوهات وبكل صفقات السلاح التي جرت في التاريخ وشابت حولها الشبهات والأسئلة.‬

تطوف حول رأسي مظاهر البذخ التي أحاطت افتتاح قناة السويس الأولى عام ١٨٦٩ ثم أفلست مصر بعدها.‬

تطوف حول رأسي أصداء صوت الأستاذ أحمد سعيد في راديو صوت العرب وهو يشيد ببطولات المصريين، التي تسقط طائرات العدو، وتصل لتل أبيب، قبل أن تحل الهزيمة النكراء التي دفعنا وندفع ثمنها، أرواح وسنوات من عمرنا وعمر”الوطن”، حين كان يقوم الإعلام بتمجيد الحاكم الذي أوردنا موارد الهزيمة ليتجرعها الشعب كاملا في ١٩٦٧ ثم نصر مع وقف تنفيذ نتائجه وتجميد سيناء لمدة أربعة عقود.‬

***‬

غالبا سوف تتردد الآن من قنوات التليفزيون الخاص والرسمي في مصر مارشات النصر لإتمام الصفقة المشار إليها وتصوريها أنها “نصر من الله وفتح مبين”.‬

ليس لديّ شك أن “الحكومة” التي تمثل نظام مبارك سوف تتم الصفقة، ولن يوقفها مقالة هزيلة من شخصية ضعيفة مثل كاتبة السطور، كان كل دورها أن تكتب المقال، وقد كتبته.‬

أتذكر مقولة الناشر الأمريكي “وليام راندولف هارست”:‬ “الحرب بزنس ناجح، الحرب رائجة”. ‬
وأستبدلها بمقولة:‬ “الإرهاب بزنس ناجح، الإرهاب رائج” – بذريعة محاربته تتم الصفقات، وترتكب المذابح وتباع الأوطان.‬

‬ولكن مهلا، دعوني أطمئنكم.‬ لن تحدث النكسة، فنحن نمر بها بالفعل!

ساسة بوست


0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -