هدف التنمية المستدامة الحقيقى هو:

1) تمكين أغلبية المواطنات والمواطنين من حياة لائقة بالكرامة الإنسانية ومن الحصول على خدمات سكن وإعاشة وتعليم ورعاية صحية وضمانات اجتماعية تتحسن مستوياتها باستمرار، 2) دمج الأغلبية بإيجابية فى النشاط الاقتصادى على نحو يوفر للمواطنات وللمواطنين فرصا فعلية فى إطار من العدل الاجتماعى للعمل فى مشروعات عامة وخاصة متناهية والصغر وصغيرة ومتوسطة قبل أن تكون كبيرة ويفتح لهم مجالات متنوعة للمبادرة الفردية وللبحث عن سبل الترقى المجتمعى، 3) صناعة تقدم الوطن بمعدلات تشغيل وتعليم ورعاية ترتفع وبمؤشرات ناتج قومى ونمو اقتصادى واجتماعى ومؤسسى واستقرار مالى تتصاعد وبفجوات بين الأغنياء وميسورى الحال وبين الفقراء ومحدودى الدخل تنحسر وبتوازن يتحقق بين اضطلاع الدولة بالدور التنظيمى للنشاط الاقتصادى وبين تحمل اقتصاد السوق والقطاع الخاص غير المقتصر على رءوس الأموال الكبرى للأدوار الإنتاجية فى إطار من سيادة القانون والتنافسية والشفافية.

بهذه المضامين يصبح إنجاز التنمية المستدامة فى مصر هو مسئولية تشاركية للمواطن وللمجتمع وللدولة، وبهذه المضامين تصبح مسئولية الحركة الديمقراطية المصرية هو الإسهام بإيجابية فى دفع الجهود العامة والخاصة باتجاه تنمية تمكن وتدمج أغلبية المصريات والمصريين وتصنع التقدم للوطن، وبهذه المضامين يتعين على الحركة الديمقراطية أن تمزج بين دفاعها عن الحقوق والحريات وتداول السلطة وبين دعم الجهود التنموية وترشيدها بنهج موضوعى وطرح علمى.

هنا، سيخصم من الرصيد الشعبى للحركة الديمقراطية فى مصر، ولا يساعدها أبدا على البحث عن المصداقية والفاعلية، أن تغيب سمات الإيجابية والموضوعية والطرح العلمى عن تعاملها مع نتائج المؤتمر الاقتصادى التى قد توفر حال ترشيدها وتطويرها وإخضاعها لنقاش عام واسع فرصا حقيقية لوضع مصر على مسارات التنمية المستدامة.

والخطوة الأولى لتجنب الحركة الديمقراطية دور «الشريك المخالف» هى مزج الإشادة بأداء مؤسسات وأجهزة الدولة التى خططت وأعدت ونفذت المؤتمر الاقتصادى بمطالبتها بالإعلان بشفافية عن جميع نتائجه وتفاصيلها وعن الخطط الحكومية وخطط القطاع الخاص المرتبطة بها.

والخطوة الثانية هى المزج بين الدراسة الجادة للنتائج والتفاصيل والخطط وفقا لمعايير التنمية المستدامة وبين مطالبة الحكومة بعرضها على الرأى العام وبتشجيع النقاش العام بشأنها.

والخطوة الثالثة هى المزج بين النهج الموضوعى والطرح العلمى فى الإشادة بخطط حكومية تذهب باتجاه التنمية المستدامة والعدل الاجتماعى كمشروعى كرامة وتكافل المعدين من قبل وزارة التضامن الاجتماعى وبين التزام النهج الموضوعى والطرح العلمى أيضا حين الإشارة إلى اختلالات متوقعة بشأن التوازن الضرورى بين رءوس الأموال الكبيرة وبين المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة ورءوس أموالها المحدودة وكذلك بين المشروعات الكبرى وبين جهود توظيف الاستثمارات الإقليمية والخارجية لجهة تحسين معدلات التشغيل وخدمات التعليم والرعاية والضمانات الاجتماعية المتاحة لعموم المصريات والمصريين ــ تحديدا لأغلبيتنا الفقيرة ومحدودة الدخل.

وليس بكاف أبدا أن يشار إلى الاختلالات المتوقعة دون تقديم بدائل واقعية وقابلة للتنفيذ لتجنبها أو لعلاجها أو لتجاوزها، وليس بكاف أبدا أن تخرج الأحزاب السياسية المعارضة أو منظمات المجتمع المدنى المعنية بقضايا التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية على الرأى العام ببيانات «المواقف» المتخوفة من هيمنة رءوس الأموال الكبيرة وبمحدودية فرص العمل والتشغيل وبمحدودية نصيب عموم الناس من عوائد الاستثمارات والمشروعات القادمة من دون أن تحوى هذه البيانات صياغات محددة بسياسات عامة وبتشريعات وبإجراءات تنفيذية بديلة لكى تزيد فرص العمل والتشغيل وترتفع فرص العدالة الاجتماعية.

فى مجال التنمية المستدامة الأولوية اليوم هى للموضوعية وللطرح العلمى، الأولوية هى للاشتباك الإيجابى.
الشروق

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -