قبل الإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي في يونيو 2013، كانت الهجمات والتفجيرات قاصرة على الحدود وتحديدا شبه جزيرة سيناء وكانت تطال الأهداف العسكرية والشرطية في مصر، لتخرج بعدها جماعة ما لتعلن مسئوليتها عن تفجير أو هجوم، لكن التفجيرات أصبحت تطال اﻵن الأهداف المدنية في قلب البلاد.
التفجيرات الأخيرة التي وقعت بمحافظات مصرية عدة مثل القاهرة والجيزة والفيوم والدقهلية، أصبحت تتم بواسطة جماعات غير مرتبطة بالجماعات المسلحة وتخرج بعد كل عملية لتعلن مسئوليتها عنها ومن بين تلك الجماعات "العقاب الثوري" و "حركة المقاومة الشعبية".
جميع ما سبق يوسع نطاق العنف في مصر، فلم يعد الأمر قاصرا على نقاط التفتيش أو المنشآت العسكرية أو أفراد الشرطة أو الجيش، بل أصبح يطال الأسواق وفروع الشركات التجارية الأجنبية في مصر وشركات الاتصالات "فودافون - موبينيل - اتصالات"، ويذهب ضحايا له مدنيين أبرياء.
هذا ما خلصت إليه هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في تقريرها تحت عنوان "موجة العنف في مصر تتسع".
وإلى نص التقرير:
بالنسبة للعديد من المصريين، الاحتجاجات والتهديدات بأعمال عنف والتفجيرات جميعها أشياء تتم بشكل يومي، أغلبية الاحتجاجات الحالية في مصر تكون صغيرة والكثير من التهديدات بانفجارات إما لا تحدث أو تكون كاذبة لكن على الرغم من قلتها، تكون قاتلة، وتتحمل الخدمات الأمنية عادة العبء الأكبر من الانفجارات، وفي أحيان أخرى يسقط ضحايا مدنيين أو من يقومون بزرع تلك القنابل.
ومنذ الإطاحة بالحكومة التي كان يترأسها الرئيس الإسلامي محمد مرسي في يونيو عام 2013، استمرت أعمال العنف في مناطق شتى بداية من أعمال الشغب وحتى التفجيرات، وتتهم قوات الأمن المصرية الإخوان المسلمين بالوقوف خلف تلك الاضطرابات.
وبالرغم من كونها أكبر الجماعات السياسية في مصر، فإن الحكومة حظرت جماعة الإخوان ، وأصبح مؤيدوهم يشكلون القطاع الأكبر من المحتجين.
مرحلة جديدة
الحكومةالمصرية تزعم أن الإخوان المسلمين اختاروا تبني التكتيكات العنيفة في معارضتهم لحكام مصر، وهم يقفون بشكل مباشر خلف الهجمات التي تستهدف الخدمات الأمنية.
على سبيل الإثبات، تشير الحكومة إلى مقال نُشِر على موقع جماعة الإخوان المسلمين في يناير الماضي، تدعو خلاله الجماعة أنصارها للمشاركة في الجهاد.
وأفاد البيان: "ينبغي أن يكون الجميع على دراية أننا في مستهل مرحلة جديدة نشير خلالها إلى قوتنا الكامنة ونستحضر معاني الجهاد، وعلينا أن نجهز أنفسنا وزوجاتنا وأطفالنا وأتباعنا لجهاد طويل لا يهدأ نسعى خلاله لنيل الشهادة".
وعلى الرغم من ذلك، فإن جماعة الإخوان المسلمين ترفض الاتهامات الموجهة إليها بأنها تقف وراء التصعيد الأخير في الهجمات داخل مصر، ويقول محمد سودان أمين العلاقات الخارجية لحزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي للإخوان "مقاومتنا سلمية".
دعوات للعنف
ويتابع سودان "بالنسبة لمن يقف وراء الهجمات فالحكومة لديها العديد من التناقضات في ذلك الصدد، فالرئيس عبدالفتاح السيسي لديه أعداء جدد ليس لهم علاقة بالمنظمات أو الحركات السياسية الحالية، وظهروا نتيجة لعنف وإرهاب الدولة".
في ذلك الصدد، يبدو أن ما يقوله سودان صحيحا، فقد ظهرت في الأشهر القليلة الماضية حركات دعت للعنف ضد الدولة، وكان أكبر تلك الجماعات، التي ظهرت في 24 من يناير الماضي والمعروفة باسم "العقاب الثوري".
وأعلنت الجماعة على حسابها في "تويتر" أن الوقت قد حان لأن تستمر الثورة في مسارها الصحيح وأن نتخلص من الأنظمة الديكتاتورية والقمعية، ولا يوجد سبيل آخر لتحقيق ذلك الهدف دون حمل السلاح .. نافية في الوقت نفسه صلتها بأي أحزاب سياسية.
مجموعة أخرى تطلق على نفسها حركة المقاومة الشعبية، تبدو أنها تتخذ مسارا مماثلا، وظهرت تلك الجماعة العام الماضي معلنة مسئوليتها عن العديد من الهجمات على نقاط تفتيش والمؤسسات المصرية والبنوك.
لامجال للتظاهر
خبراء أمنيون مؤيدون للحكومة يربطون بين زيادة العنف في مصر والتطورات السياسية الأخيرة .. محمد نور الدين وهو مستشار لوزير الداخلية يرى أن الهدف من العنف هو إسقاط القيادة السياسية الحالية.
ويعتقد نور الدين أيضا أن الجماعات المسلحة تفكر في إفشال المؤتمر الاقتصادي المقبل في شرم الشيخ وإفشال صناعة السياحة لذا فهم يزيدون من كم المشكلات التي تواجهها الحكومة، لذا فهم يخططون لإسقاط النظام كما تم إسقاط نظامهم، لكن ذلك لن يحدث.
ويقول نشطاء حقوقيون إن الأسباب وراء الارتفاع في أعمال العنف كثيرة، ويعتقدون أيضا أنه من المرجح أن تستمر تلك الأعمال حتى يغير الطرفان سياساتهما تجاه خلافاتهما.
ويقول شريف محي الدين من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "لا يوجد مجال للتظاهر والاحتجاج ولا يوجد مجال أمام الأشخاص للتعبير عن وجهات نظرهم".
ويتابع "يتم تضييق الخناق على قنوات التليفزيون وتم إنهاء بعض البرامج الساخرة والناقدة، فضلا عن إسكات جميع الأصوات المعارضة وحشد وسائل الإعلام لدعم النظام".
ومع زيادة أعمال العنف في شوارع مصر، فإن آفاق المستقبل الأكثر سلاما تبدو ضئيلة بشكل كبير.

0 التعليقات:
Post a Comment