عندما نفكر في اتفاق نووي مع إيران، نركز بشكل كبير على تفاصيله، لكن سواء كان ذلك الاتفاق الذي يحد من برنامج إيران النووي مقبولا، فعلينا أن نفكر بجدية في بدائل له.
بتلك الكلمات استهل الكاتب الأمريكي فريد زكريا مقاله في صحيفة "واشنطن بوست" تحت عنوان (اتفاق نووي إيران هو الخيار الأفضل).
وإلى نص المقال:
هناك بديلين لذلك الاتفاق، أولهما العودة للعقوبات ودعونا نقول أن الكونجرس سيرفض الاتفاق النهائي الذي سيتم التوصل إليه بحلول يونيو المقبل لكن ماذا بعد؟ .. أعني أن نظام العقوبات الحالي ضد إيران غير مسبوق في أن تدعمه القوى العظمى وجيران إيران، لكنه غالبا ما ينفد تأثيره عبر الوقت.
وإذا كانت هناك دول أخرى تؤمن بأن إيران قدمت عرضا ملائما رفضته الولايات المتحدة، فمن غير المحتمل أن تستمر تلك الدول في دعم نظام العقوبات الخانق لطهران، وأغلب الدراسات تؤكد أن تعدد الأطراف هو ما جعل تلك العقوبات فعالة".
إن الدول تتوق لشراء البترول الإيراني، حيث ستميل طهران لبيعه بسعر منخفض وسيكون اللاعب الأساسي هنا هي الصين، حيث وطدت إيران علاقاتها الاقتصادية ببكين في الوقت الذي حرص الغرب على تجنبها، وتظهر دراسة أجريت في عام 2012 أنه الصين أصبحت على مدار السنوات القليلة الماضية المستورد الأكبر للنفط الإيراني وأكبر شريك اقتصادي.
والصين يمكنها إظهار عزلة إيران كفرصة للغرب لبناء علاقات جديدة مع طهران وتطوير اقتصاد الطاقة لديها، ولكن إن تم الإبقاء على العقوبات فستصبح إيران في مأزق فقد انخفضت أسعار النفط للنصف وتعاني طهران من نزيف في الموارد داخل سوريا والعراق واليمن بشكل أقل.
ولكن السؤال هنا هل استمرار العقوبات سيوقف البرنامج النووي الإيراني؟ الإجابة هي أنه من المحتمل ألا يحدث ذلك، فإيران قد وسعت برنامجها النووي حتى تحت وطأة العقوبات على مدار العقدين الماضيين، ودعونا نضرب مثالا يوضح ذلك الأمر: في عام 2003 كان عدد أجهزة الطرد المركزي أقل من 200 جهاز لكنها اﻵن تمتلك قرابة 19 ألف جهاز.
العقوبات الحالية ستكون أقوى حال استمرارها، لكن المؤسسة النووية الإيرانية أكبر من ذلك بكثير، وعلينا أن نضع في اعتبارنا أن طهران بدأت إظهار اهتمام نشط ببرنامجها النووي قبل خمسينيات القرن الماضي، واﻵن لديها آلاف من العلماء والتقنيين النوويين.
ذلك الأمر يثير الخيار الثاني وهو الهجوم العسكري، والناس يتحدثون عن هجمة عسكرية على إيران مثل تلك التي قامت بها إسرائيل على مفاعل عراقي عام 1981 و منشأة سورية عام 2007، لكن هذه المنشآت كانت فردية، على عكس إيران التي تمتلك صناعة نووية عملاقة تتألف من العديد من المنشآت المنتشرة في جميع أنحاء البلاد وبعضها بالقرب من المراكز السكنية، والبعض الآخر في المناطق الجبلية.
الولايات المتحدة من الممكن أن تضطر للدخول في حرب مع إيران وتقوم بتدمير دفاعاتها الجوية وتهاجم منشآتها ومعاملها ومفاعلاتها، لكن ما تأثير مثل ذلك الهجوم؟ عندما تتعرض أية دولة من هجوم من قبل أجانب، فإن شعبها يميل للتظاهر ضد نظامها الحاكم، والنظام الحالي يكسب تأييدا شعبيا وربما يرد بطرق أخرى من خلال حلفاءه في أفغانستان والعراق ولبنان وأماكن أخرى وربما يتم شن هجمات هجمات على القوات الأمريكية أو حلفاءها.
الهجوم على إيران أيضا يعني تشرذم التحالف الدولي ضدها، وستدين الصين وروسيا ذلك الهجوم وستصبح إيران وقتها ضحية عدوان غير مبرر، وستتهاوى العقوبات وحتى مع تعرض برنامجها النووي للدمار فستبدأ في إعادة بناءه، وحتى مع استمرار نظام العقوبات الحالي، فإن إيران تكسب عشرات مليارات الدولارات من عائدات بيع البترول ما يؤهلها لإعادة بناء منشآتها.
وأخيرا، فإنه في حال تعرض إيران لهجوم فستتذرع بضرورة الردع ضد الهجمات المستقبلة وستعمل بشكل مباشر وسريع ليس على برنامج نووي بل لعمل سلاح نووي.
0 التعليقات:
Post a Comment