"مسافة السكة" عبارة أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي ليعرب عن استعداده للتصدي لأي تهديد يمس أيًا من الدول العربية، مؤكدًا أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من أمن مصر، ورآها عدد من المحللين والدبلوماسيين كلمة السر في مشاركة مصر بـ"عاصفة الحزم".
ومع أن مصر تشارك في عاصفة الحزم جوًا وبحرًا يرى المحللون أن السيسي يميل لتسوية سياسية تفاديا للخسائر البشرية إذا تدخل برا، وهو ما أعلنه في لقائه مع طلبة الكلية الحربية منذ يوم بأن الحل السياسي في اليمن هو الأمثل في الوقت الراهن.
وقال معتز سلامة رئيس برنامج دراسات الخليج بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الدول المشاركة بـ "عاصفة الحزم" كافة تفضل الحل السلمي ولا ترى بديلا عنه، لافتًا إلى ميول مصر للتسوية السياسية وتجنب الخيار العسكري كأولية لها لتفادي المصادمات العسكرية.
وأرجع سلامة، خلال تصريح لمصر العربية، مشاركة مصر بعاصفة الحزم بحرًا وجوًا وربما برًا في الأيام المقبلة، لعدة أسباب منها تطبيق عملي لعبارة السيسي" مسافة السكة" و" أمن الخليج جزء لا يتجزأ من أمن مصر"، وكذلك لحماية مصالح مصر الاستراتيجية عند مضيق باب المندب والملاحة بقناة السويس، وحتى لا تقع اليمن في مستنقع التطرف والإرهاب أو تصبح تحت السيطرة الإيرانية.
ولفت سلامة إلى احتمالية مشاركة مصر في حرب برية في اليمن حال أغلقت أبواب التسوية السلمية، مشيرًا إلى أن المناورات التي تحدث بين الجيشين المصري والسعودي، تسعى إلى الضغط السياسي على أطراف الصراع السياسي باليمن، مضيفًا أن الخيار العسكري البري سينفذ بدعم قبائل اليمن ونقاط ارتكاز الجيش اليمني الشرعي .
وعن سيناريوهات الحل السلمي، أوضح رئيس برنامج دراسات الخليح بمركز الأهرام، أن الشرط الأساسي للتفاوض هو إقصاء الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح عن المشاركة في أي خريطة لمستقبل البلاد، وكذلك انسحاب الحوثيين من كافة المواقع التي استولوا عليها، وعودة الحكومة والسلطة الشرعية التي تباشر عملها من العاصمة السعودية الرياض إلى اليمن.
من جانبه رأى اللواء محمد علي بلال، قائد القوات المصرية في حرب الخليج الثانية، أن دعوة مصر لتشكيل قوة عربية مشتركة في الآونة الأخيرة، فرض عليها المشاركة بـ "عاصفة الحزم"، لتطبق دعوتها على أرض الواقع، ومجابهة التهديدات التي تتعرض لها اليمن، منوها بأنها شاركت بحرًا لتمركز القوات البحرية دائمًا عند البحر الأحمر، وأرسلت قوات جوية بعدد بسيط .
وفسر بلال، لمصر العربية، تمسك مصر بالحل السياسي في اليمن رغم مشاركتها بعاصفة الحزم، بأن السيسي يخشى العواقب غير المحمودة للتدخل البري، محذرًا من خسائر جمة في حال شنّت الدول العربية حربًا برية في اليمن، نظرًا لصعوبة القتال في المناطق الجبلية، وقوة المقاتل اليمني، مؤكدًا أن الضربات الجوية لن تؤتي ثمارها وتحقق الهدف المرجو منها.
وأضاف قائد القوات المصرية في حرب الخليج الثانية، أن الحل السياسي لن يأتي إلا بضغط وتسوية من الدول الكبرى ذات التأثير والنفوذ، وذلك بأن تضغط أمريكا على السعودية، وإيران على الحوثيين باليمن لوقف القتال، والجلوس على مائدة الحوار، مقترحًا تشكيل حكومة وطنية وإعادة الانتخابات من جديد للوصول لتوافق بين الأطراف المتنازعة هناك.
"تأييد مصر للحل السياسي باليمن، يتناغم مع الموقف العالمي والإجماع الدولي على التسوية السلمية"، هكذا يرى السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية السابق، مشددا على أهمية الحوار الوطني بين الأطراف المتصارعة من أجل إنقاذ اليمن.
"تجارب مصر ودول العالم أثبتت أن الحل العسكري لم يجن ثمار، ولا بديل عن جلوس المتحاربين مع بعضهم البعض على طاولة المفاوضات، ومن هنا استسقى السيسي دعمه للحل السياسي باليمن"، هذا خلاصة تحليل السفير عادل الصفتي، وكيل أول وزارة الخارجية الأسبق، مستبعدًا لعب مصر دور الوسيط في التسوية السلمية بين الأطراف المتنازعة في اليمن.
واعتبر الصفتي، خلال تصريح لمصر العربية، أن توجيه ضربة قوية للحوثيين في اليمن ضرورة؛ حتى يكون هناك توازن في ميزان القوى المتصارعة هناك، للضغط عليهم للجلوس على مائدة الحوار.
مصر العربية
0 التعليقات:
Post a Comment