في مكتبه بمعهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا، كان هذا الحوار لقناة الجزيرة الفضائية مع عالم اللسانيات والمفكر الأمريكي الأبرز «نعوم تشومسكي» حول آرائه المتعلقة بأهم القضايا السياسية في منطقة الشرق الأوسط.

بدأ «تشومسكي» حديثه حول عملية السلام في الشرق الأوسط حيث يرى أن إسرائيل تتبنى سياسة ممنهجة للاستيطان منذ عام 1976، حيث نقلت إسرائيل مئات الآلاف من المستوطنين للأراضي المحتلة، كما قامت بتوسيع مدينة القدس لتحيط بقرى فلسطينية وتصل إلى الضفة وقد ضمتها إسرائيل (القدس) إلى أراضيها بالمخالفة للمواثيق الدولية.
“تشومسكي في غزة للتنديد بالعدوان الإسرائيلي”

وأضاف أن إسرائيل قامت في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق «بيل كلينتون» بمد طريق من شرق القدس إلى بلدة معالي أودوميم والهدف منه هو تقسيم الضفة الغربية، وهناك ممر شمالاً يضم بلدة أرييل، ويؤكد تشومسكي أن إسرائيل تسيطر على كامل مساحة غور الأردن الذي يشكل ثلث مساحة الضفة الغربية، وتوسع مشاريعها الاستيطانية بعمقه.

ونوه «تشومسكي» إلى قيام إسرائيل بالاستيلاء على كل ما يحيط بالجدار الفاصل، بما يعني احتلال نصف الضفة الغربية، بحيث لا يبقى للفلسطينيين سوى «كانتونات» ضيقة بخلاف قطاع غزة الذي سيظل تحت الحصار بحسب رأيه.

وفي الوقت الذي تدين فيه الولايات المتحدة توسعَ الاستيطان الإسرائيلي على المستوى الرسمي فإنها تعطي لها الضوء الأخضر سرًا، ويؤكد «تشومسكي» أن حصول الفلسطينيين على دولة يتوقف على رغبة أمريكا، وأن الولايات المتحدة والغرب تصران على الالتفاف على الخطة السعودية المتفق عليها والحدود المعترف بها دوليًا. رغم وجود معوقات تتعلق بقضية تبادل الأراضي بسبب صعوبة تنازل إسرائيل عن مستوطناتها في الضفة وحدود 1967 وهو الملف الذي تبدي إسرائيل تعنتًا شديدًا حياله.

وحول الخلاف الفلسطيني- الفلسطيني يؤكد «تشومسكي» على الانقسام بين غزة التي تديرها حركة حماس، والضفة التي تديرها حركة فتح، كما يؤكد أنه لو نظمت انتخابات فستفوز حماس بلا شك، ونوه إلى رفض إسرائيل وأمريكا الاعتراف بفوز حماس بالانتخابات في عام 2006، إضافة إلى جهودها لتقويض المصالحة الفلسطينية التي سعت لها حكومة «إسماعيل هنية» في غزة، وآخرها حكومة الحمد لله في أبريل الماضي والتي أغضبت إسرائيل ودفعتها لارتكاب أنشطة إرهابية لتبرير الهجوم الأخير على غزة وتعطيل المفاوضات مع السلطة بحجة تحالفها مع حركة إرهابية، ويختتم «تشومسكي» قوله في هذا الصدد بأن إسرائيل لن تقبل صوتًا فلسطينيًا موحدًا، وأن أمريكا ستقول نعم بشكل رسمي، وفعليًا ستدعم إسرائيل.
                                               الربيع العربي

يرى «تشومسكي» أن هناك منطقتين محتلتين في العالم العربي هما فلسطين والصحراء الغربية، ويرى أن احتجاجات الربيع العربي بدأت في الخيام في الصحراء قبل شهر من تونس. إلا أن مجلس الأمن قد رفض التدخل.

الأمر لم ينتهِ بعد في مصر. هناك مشكلة جدية أن الحكومة لا يمكن أن تعيش على الدعم، ويبدو أن السلطة لا تملك برنامجًا للتعامل مع مشاكل البلاد.

وفي مصر كانت هناك ثورة حقيقية أنشأتها حركات مثل 6 أبريل التي دعمت الحركة العمالية ولكنها سحقت من ديكتاتورية مبارك، ورغم أن مصر تحيا الآن مرحلة مظلمة، إلا أن الأمر لم ينتهِ بعد في مصر. هناك مشكلة جدية أن الحكومة لا يمكن أن تعيش على الدعم، ويبدو أن السلطة لا تملك برنامجًا للتعامل مع مشاكل البلاد، لذا يؤكد «تشومسكي» أنه يتوقع انفجارًا آخر في مصر، خاصة أن مصر استفادت من الانفتاح وصارت قادرة على إفراز قوى بإمكانها إحداث تغيير.

ويرى «تشومسكي» أن الربيع العربي قد تم سحقه في السعودية والبحرين بقمع المتظاهرين وتدخل قوات درع الجزيرة، وأن ثورة ليبيا قد اختطفتها القوى الإمبريالية لتصبح ليبيا شبه دولة تتنازعها الميليشيات المسلحة، والأمر ذاته في سوريا التي بدأت بمطالبات إصلاحية وانتحت إلى الحال الذي يراه الجميع.
                                        مشاكل العالم العربي

وفقًا لـ«تشومسكي» ، فقد تم سحق العالم العربي لعدة قرون من قِبل القوى الإمبريالية وهو الآن يعيش مشاكل داخلية عديدة، إلى جانب تأجيج هذه المشاكل من القوى الخارجية، وبخاصة الصراع السني الشيعي الذي اشتعل مع الغزو الأمريكي للعراق، حيث كانت الأمور قبلها هادئة نسبيًا، فرغم ديكتاتورية «صدام» لم تكن الطائفية هي الحاكمة للمشهد.

هناك ميليشيات سنية (الدولة الإسلامية) وشيعية وكردية وجميعها مسلحة، ربما لن يبقى العراق موحدًا في مثل هذه التجاذبات الإقليمية وبخاصة الصراع بين السعودية وإيران.
الدولة الإسلامية

وفقًا ل«تشومسكي»، فإن سحق كل جهد لإرساء ديمقراطية في المنطقة جعل الناس –وبخاصة الشباب- يجدون الملاذ في الحركات الجهادية، وأضاف أن الصراع السني الشيعي يعود لبداية الإسلام ولكن كانت تتم إدارته بشكل أفضل، وحتى الآن هناك تعاون بين إيران والخليج في المجال التجاري.

ويؤكد على أهمية القضاء على روح العداء الذي تؤججه قوى خارجية، أمريكا عذبت إيران لمدة 60 عامًا منذ عام 1953، منذ الانقلاب على «مصدق» الذي يعد أسوأ انتهاك لحقوق الإنسان في العالم، ثم دعمت غزو إيران من طرف العراق وحذفت اسم «صدام حسين» من قوائم الإرهاب عندما قصف الأكراد بالأسلحة النووية لتبرر دعمه بالمال والسلاح، قبل أن تنقلب عليه في النهاية.
البرنامج النووي الإيراني

“وزير الخارجية الأمريكي ونظيره الإيراني أثناء أحد جولات محادثات البرنامج النووي”

ويذكر «تشومسكي» أن الولايات المتحدة هي أول من دعمت البرنامج النووي لإيران، وبخاصة «هنري كسينجر» و«ديك تشيني» و«دونالد رامسفيلد» الذين دفعوا الشاه لتطوير البرنامج النووي، وتم ممارسة ضغط على معهد ماساشوستس لقبول متدربين إيرانيين في المجالات النووية، وعندما تحولت إيران إلى عدو عارضتها الولايات المتحدة حيث تتخوف أن تتحول إيران إلى قوة ردع. إن الإنفاق على الجيش في إيران مبنيّ على عقيدته الدفاعية، وهي لن تستخدم السلاح النووي، ولكن أمريكا وإسرائيل لن تقبلا بإيران كقوة ردع .

أمريكا وإسرائيل دولتان مارقتان تريدان كامل الحرية في استخدام القوة دون حدود، لذلك فإنهما لن يقبلا أي نوع من الردع، تلك سياسة أمريكية من عام 1945 إنها سياسة القوى المهيمنة أنها لا تقبل بالردع.

وفيما يخص التقارب الأمريكي الكوبي، يؤكد تشومسكي أن الولايات المتحدة عانت العزلة في محيطها الأمريكي بسبب سياستها ضد كوبا . أمريكا تآمرت على قلب النظام ضد كوبا عام 1959 وقاد «كيندي» حربًا إرهابية ضد كوبا. أوباما يتحرك ديبلوماسيًا لكسر عزلة أمريكا. آخر تصويت في الأمم المتحدة أظهر معارضة العالم كله للحظر باستثناء أمريكا وإسرائيل.


ساسة بوسط

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -