" تجميد أموال نجم كرة قدم يوحد المصريين في الاحتجاجات،" عنوان اختاره موقع المونيتور الأمريكي لتقرير نشره اليوم -السبت- والذي راح يسلط فيه الضوء على قرار السلطات المصرية بالتحفظ على أموال أسطورة كرة القدم المصرية ولاعب النادي الأهلي السابق محمد أبو تريكة بتهم إنتمائه لجماعة الإخوان المسلمين وحالة التضامن غير المسبوقة التي يلقاها اللاعب من كل المصريين بمختلف توجهاتهم.
وإلى نص التقرير
موجة من الغضب اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي في الأونة الأخيرة وتحديدا منذ الثامن من مايو الجاري عندما أصدرت اللجنة المنوط بها التحفظ على وإدارة أموال جماعة الإخوان المسلمين قرارا يقضي بتجميد أموال نجم الأهلي السابق ومنتخب مصر محمد أبو تريكة، وهو القرار الذي أغضب جموع المصريين، ومن بينهم مؤيدي ثورة الـ 30 من يونيو 2013، والذين سارعوا جميعا إلى إعلان تعاطفهم وتأييدهم لـ اللاعب الخلوق.
ويتمتع أبو تريكة- أو الماجيكو كما يروق للكثيرين تلقيبه- بشعبية جارفة بين المصريين والعرب بوجه عام، ليس فقط لمهاراته الساحرة في عالم السارة المستديرة، ولكن أيضا لدماسة أخلاقه ومواقفه الإنسانية الرائعة.
ولن يسقط من ذاكرة العرب موقفه في يناير من العام 2008 حول الحصار الخانق الذي تفرضه سلطات الإحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، حينما حاول أن يحول نظر العالم إلى معاناة الشعب الفلسطيني من خلال ارتدائه قميصا مطبوعا عليه كلمة غزة خلال مباراة ضد منتخب السودان في كأس الأمم الأفريقية 2008 التي استضافتها غانا.
وعلى الرغم من أن فعلة أبو تريكة كان من الممكن أن تعرضه لعقوبات من جانب الاتحاد الأفريقي بحجة استخدامه شعارات سياسية في مباراة رياضية، فإنه لم يتردد لحظة في أن يلفت أنظار العالم إلى غزة المحاصرة في مباراة تلقى تغطية إعلامية واسعة.
ولا ينسى العرب أيضا موقف الماجيكو حينما رفض مصافحة رئيس المجلس العسكري المشير محمد حسين طنطاوي الذي حكم مصر في أعقاب ثورة الـ 25 من يناير 2011، خلال مقابلة مع لاعبي الأهلي في مطار الماظة الحربي.
وجاء رفض أبو تريكة كرد فعل على مذبحة استاد بورسعيد في الأول من فبراير من العام 2012 والتي سقط فيها 27 شخص من جمهور الأهلي، في أكبر مأساة كروية في تاريخ الرياضية المصرية.فبعد انتهاء المباراة التي جمعت بين الاهلي والمصري، اندفعت جماهير الأخير إلى مدرجات الاهلي وهاجمت جماهيره. وقامت قوات الأمن التي كان منوط بها حفظ النظام أثناء سير المباراة بغلق بوابات الخروج.
وأكدت تقارير الطب الشرعي على أن بعض الضحايا لقوا حتفهم بطلقات نارية، في حين توفى أخرون طعنا بأسلحة بيضاء، وأثبتت صور كثيرة أن قوات الأمن متورطة في المذبحة، علما بأن جماهير الأهلي كانت تردد هتافات مناهضة للحكم العسكري آنذاك.
رأى أبو تريكة حينها أن مذبحة أستاد بورسعيد هو حادث مدبر ضد جماهير الأولتراس التي طالما أظهرت معارضتها للحكم العسكري.
وبالعودة إلى قرار تجميد أموال أبو تريكة، نجد أن التعاطف غير العادي الذي حظي به اللاعب على المستويين المحلي والخارجي، بالإضافة إلى اهتمام وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، لم يسبق له مثيل في المنطقة منذ حادث محمد البوعزيزي مفجر الثورة التونسية الذي أضرم النيران في نفسه أو حتى حادث الناشط الشاب خالد سعيد في مصر الذي أشغل فتيل الثورة المصرية.
وفي كل تلك الأمثلة، كان العامل المشترك هو التضامن الواسع ضد الظلم، وهو نفس الشعور الذي يشترك فيه كل المصريين تقريبا مع أبو تريكة.
والجريمة الأساسية الموجهة لـ اللاعب، وفقا للبيان الصادر في 8 مايو الجاري من جانب اللجنة المسئولة عن إدارة أموال جماعة الإخوان المسلمين، هي المشاركة في تمويل شركة " أصحاب تورز" مع القيادي الإخوان عبد الكريم فوزي. ومدير الشركة وهو انس محمد عمر القاضي هو واحد من العناصر الإخوانية المحبوسة حاليا بعد إدانته بتهم تنفيذ أعمال عدائية جنايات باب شرق في العام 2013. ويواجه القاضي اتهامات بتحويل أموال الشركة لتمويل عمليات إرهابية.
وقال ياسر القاضي، الأمين العام لإتحاد نواب مصر، الّذي يضم 170 نائباً من قوى سياسية مختلفة في تصريحات حصرية لـ "المونيتور" : "من خلال إتصالات الإتحاد بالكابتن محمد أبو تريكة عرفنا عن شرائه الشركة من شخص تبين في ما بعد أنه ينتمي إلى الإخوان، فهذه الشركة هي شركة تضامن تم تأسيسها في السابع والعشرين من ديسمبر ، واشتراها أبو تريكة ونقل السجل التجاري إلى اسمه في الرابع من نوفمبر 2014 . وتفيد التحريات الأمنية أن الأعمال الإرهابية التي مولتا الشركة، وعلى سبيل المثال أحداث في باب شرق بالإسكندرية، تمت في السادس عشر من أغسطس 2013 أي قبل شراء أبو تريكة للشركة".
وطالب القاضي ساخرا بإضافة خانة في بطاقة الرقم القوميّ المصرية تخص الإيديولوجيات حتى يتمكن المواطنون من معرفة توجهات الأشخاص الفكرية لدى قيامهم بعمليات شراء أو بيع أو الدخول في مشاريع زواج ولا يتعرضون بعد ذلك لمشاكل قد تؤدي إلى ضياع أموالهم، لافتاً إلى أن إتحاد نواب مصر رفض ما يحدث مع أبو تريكة، وأصدر بيانا جاء فيه أن خطر الاستبداد على المجتمع ليس أقل من خطر الإرهاب، وإن تعامل الدولة مع أبنائها بطريقة إنتقامية سيتسبب بعواقب وخيمة على الوطن.
وأشار القاضي إلى أن تحفظ الدولة على أموال الأشخاص بقرار إداري من دون الرجوع إلى محكمة جنائية مختصة يعيد إلى الأذهان الحديث عن عدم احترام جماعة الإخوان للقانون والدستور الذي نعيد تكراره خلال هذه الفترة، وقال: "إن الغضب الشعبيّ العارم يعود إلى أن ملايين الأسر المصرية البسيطة، التي لا علاقة لها بالسياسة، ترى في أبو تريكة القدوة الحسنة، وتتمنى أن يصبح أبناؤها مثله. ولقد شعرت تلك الأسر أن أحد أبنائها تعرض للظلم، فضلاً عن مشجعي الرياضة في مصر عموماً، وروابط الألتراس خصوصاً، الّذي لطالما أدخل أبو تريكة البهجة والسرور إليها".
ولفت إلى أن ما تقوم به الدولة الآن يقدم أكبر دعم لوجستي إلى جماعة الإخوان المسلمين عن طريق إكسابها المزيد من المتعاطفين داخلياً وخارجياً.
من ناحيتها، قالت الدكتورة ليلي سويف، الأستاذة الجامعية والناشطة السياسية التي يطلق عليها أم المناضلين،لـ"المونيتور" إن أن أبناءها الثلاثة في السجون المصرية حالياً على خلفية قضايا سياسية: "يتعامل الناس مع قضية أبو تريكة، للمرة الأولى منذ فترة طويلة، بعيداً عن الاستقطاب الحاد الموجود حالياً. فالناس من تيارات سياسية مختلفة لا يتعاملون مع أبو تريكة على أنه من الإخوان، إنما على أنه رمز للإنسانية بمواقفه المتعددة، وآخرها إنفاقه أمواله على أسر مساجين أوقفوا على خلفية قضايا سياسية، ولا مصدر دخل لها.
وأشارت سويف إلى أن ما يحدث يدل على أن القائمين الآن على السلطة في مصر والقريبين منهم، منفصلون عن القيم العامة في المجتمع. وإن استخدام الإعلام الموالي للسلطة في توجيه الشتائم لأبو تريكة ومعايرته بأصوله الفقيرة في بلد 40 % من مواطنيه تحت خط الفقر، جعل المواطنين يرون الدولة تعاقب شخصاً يشعرون بأنه منهم، خصوصاً أن الشعب لم يقتنع بمبررات لجنة التحفّظ على أموال الإخوان في قضية أبو تريكة لأنها كلّها اتهامات مرسلة من دون أدلة.
مصر العربية
0 التعليقات:
Post a Comment