لم تكن قرارات مجلس الشورى بالأمس، الخاصة بتعيين أعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان والمجلس الأعلى للصحافة ورؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية المملوكة للشعب (القومية)، القرارات الأولى الصادمة لقطاع واسع بالرأى العام، فقد سبقها قرار تعيين رؤساء تحرير الصحف القومية الذى تم العصف به بالكثير من معايير الموضوعية والمهنية وغلب به منطق الهيمنة الحزبية لصالح منتمين ومناصرين للإسلام السياسى.
إلا أن قرارات الأمس أدخلتنا فى دائرة خطيرة للغاية جوهرها تجاهل الشورى للأهداف الأساسية للمجالس التى عين أعضاءها، بل ومناقضتها على نحو صارخ، وكل هذا ومجددا، لدواعى الهيمنة الحزبية للإسلام السياسى واستحواذه على مجالس ينبغى أن تكون مستقلة. بالمجلس القومى لحقوق الإنسان، وبين أعضائه
بالقطع شخصيات محترمة ومقدرة ولها تاريخ مشهود فى الدفاع عن الحقوق والحريات، أعضاء لهم مواقف معلنة تنتقص من حرية التعبير عن الرأى وحرية الإبداع وتروج لفكر تمييزى لا يحترم حقوق المواطنة. بالمجلس الآن أعضاء تقدموا كمحامين ببلاغات ضد صحفيين ودافعوا فى أكثر من موقف عن تقييد حرية الرأى والحريات الإعلامية، بالمجلس الآن أعضاء يمارسون فى خطابهم الدينى والسياسى التمييز ضد المرأة وضد المصريات والمصريين من المسيحيين، بالمجلس الآن ثلاث نساء فقط، وكعادتنا ولدواعى الكوتا المزدوجة بينهن سيدتان مسيحيتان، وقلة من الحقوقين المستقلين المدافعين عن حقوق الإنسان، وهم أحق بالعضوية من المختارين بدافع الهيمنة الحزبية، وبالمجلس الأعلى للصحافة، وتشكيله لموضوعية الطرح به الكثير من الاشتراطات الوظيفية التى تحدد هوية الأعضاء وتضمن لرؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية المملوكة للشعب وبعض المؤسسات الحزبية عضوية أوتوماتيكية بالمجلس، الكثير مما يصدم ويحزن بشأن المدى الذى يمكن أن تصل إليه رغبة الهيمنة من قبل الإسلام السياسى وتهميشها للاعتبارات المهنية. أختير الصديق نادر بكار من حزب النور للعضوية واعتذر عن عدم قبولها بتجرد واحترام لقناعته بأن الأعلى للصحافة سيستفيد من آخرين لهم خبرة مهنية ليست له. ويحسب هذا له ويشكر على شجاعته الأدبية، ويطعن فى معايير اختيار الشورى لأعضاء المجلس. اختير نادر واعتذر، فماذا عن آخرين اختيروا تنفيذا للهيمنة الحزبية ولا علاقة لهم بمهنة الصحافة، مع كامل الاحترام لشخوصهم؟ ولماذا غاب شباب الصحفيين عن العضوية وكان يمكن أن يختاروا كشخصيات عامة بعيدا عن الاشتراطات الوظيفية؟ وينطبق ذات الأمر على تعيين رؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية المملوكة للشعب، وبه عدنا لعصر التوحد فى شخص رئيس مجلس إدارة الأهرام ونقيب الصحفيين. ولماذا يعين رؤساء جدد والمدد القانونية للرؤساء السابقين (الحاليين) لم تبلغ نهاياتها؟
مصر ومؤسساتها تتعرض لخطر بالغ بفعل غلبة منطق الهيمنة الحزبية والمدى الذى وصل له مغيبا اعتبارات المهنية والموضوعية ومتناقضا مع أهداف أصيلة لمؤسسات استقلالها شرط لدورها وكنا نتمنى تغيير دمائها بأعضاء جدد وإصلاحها أيضا.
0 التعليقات:
Post a Comment