من يتابع ما حدث ويحدث ويتأمل ما قد يحدث بشأن ما يفعله المسيئون للرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، أو لأى من رموز الإسلام يمكن أن يستنتج عدة دروس من قراءة الإنسان المتواضعة لآيات القرآن الكريم، عسى أن نستفيد منها فى قابل الأيام.

أولاً، لا ينبغى أن نكون كالمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون. ليس من المنطقى أن نرفض شكلاً وموضوعاً أى إساءة لأى من رموزنا، فى حين أننا نكيل الإساءات لغيرنا ونتخذ آيات القرآن التى نحن مخاطبون بها كأدوات للتحرش اللفظى بأتباع الديانات الأخرى. الخلاصة: إن أسألنا إليهم سيسيئون إلينا.

ثانياً، لا ينبغى أن نكون كالذين ضلّ سعيهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، فما إن نسمع خبراً حتى نتناقله دون تدبر أو تعقل بما يضر بقضيتنا ونحن نظن أننا نحسن صنعاً. وقد ذكرت من قبل قصة الخدمة التى أسديناها لشخص سبّ نبينا واستهزأ بديننا دون أن ندرى. إنها قصة رواية «آيات شيطانية» تلك الرواية التى طبعت منها إحدى دور النشر البريطانية خمسين ألف نسخة، ومن خبرة سلمان رشدى مع رواياته الثلاث السابقة كان هذا العدد من النسخ يتطلب أربعة أعوام حتى ينفد.. إلى أن قرر الإمام الخومينى أن «يدافع عن الإسلام» فأصدر فتواه الشهيرة التى بموجبها أصبح سلمان رشدى مطلوباً للقتل وأصبح كتابه واحداً من أكثر الكتب مبيعاً فى العالم ووصلت مبيعاته فى عام 1990، أى بعد عام من الفتوى الشهيرة للإمام الخومينى، إلى 4 ملايين نسخة بثمانى لغات. أى بدلاً من أن الكتاب كان يقرأ بمعدل خمسين ألف نسخة فى الأربع سنوات أصبح يقرأ بمعدل 4 ملايين نسخة فى العام الواحد، ولم تزل الرواية تباع على نطاق واسع حتى الآن، ويالها من خدمة للإسلام!

ثالثاً، هناك مرجفون فى العالم أشبه بالمرجفين فى المدينة يَبْغُونَناْ الْفِتْنَةَ وَفِينا سَمَّاعُونَ لَهُمْ وكأننا نأتمر بأمرهم؛ فكلما قرر هؤلاء زراعة الفتنة بين المسلمين والعالم الغربى يظهر من يحرق المصحف الشريف أو يسب إحدى زوجات النبى أو يسىء للنبى نفسه. وكأننا «شخشيخة طفل» فى أيديهم لأننا سمّاعون لهم بلا عقل أو روية مع أنه من المنطقى أن نتعلم بمرور الوقت أننا نضر أنفسنا ولا ننفع ديننا فى شىء بل العكس هو الصحيح. لهذا نص القرآن الكريم: «وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ» وكأن الله يبلغنا بأن نكون من الحصافة ألا ننجرف فى اتجاه معارك نكون خاسرين فيها أبداً بأن نسب من لا يؤمن بالله أو من لا يؤمن بديننا فيسب ربنا أو ديننا، لأن المفسدة المترتبة على سب غير المسلمين أو نشر سبابهم عن المسلمين ستكون أعظم كثيراً من أى عائد محتمل.

إذن، هى قاعدة ثلاثية تجعلنا فى وضع يكون فيه الإنكار بالقلب دون اللسان واليد أفضل من غيره: لا ينبغى أن نكون كالمطففين أو الذين يحسبون أنهم يحسنون صنعاً أو السمّاعين للمرجفين بأن نخدم قضاياهم.

يوم أن يخرج فيلم بهذه التفاهة أو كارتون بهذه البذاءة، ولا يجد له صدى ولا يجد له من لا يعلق عليه، سيتعلم أصحابه أنهم كمن يلقى حجراً صغيراً على جبل ضخم، ما كان ليؤثر فيه أو يغير منه من شيئاً.

أرجوكم، جربوا أن تتجاهلوا أهل الفتن بدلاً من أن نكون سمّاعين لهم مروّجين لأكاذيبهم بدعوى الغضب للدين. ووجهوا طاقاتكم لما ينفع مجتمعاتكم ويقدم نموذجاً حياً لعظمة دينكم.

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -